الإعلام الفرنسي يمنع نشر صور مرتكبي الأعمال المتطرفة

تعهدت وسائل الإعلام الفرنسية الكبرى بوقف نشر أسماء وصور الأشخاص الذين على صلة بالجماعات المتطرفة لمنع "تمجيدهم بعد وفاتهم".

يأتي ذلك بعدما ناقش البرلمان الفرنسي المحافظة على القيود القانونية الخاصة بالطريقة التي تسمح لوسائل الإعلام تغطية "الأعمال الإرهابية"، وتعاني فرنسا من الهجوم المتطرف الأخير عندما اقتحم مسلحان كنيسة في إحدى ضواحي روان يوم الثلاثاء الماضي وذبحوا الكاهن البالغ من العمر 85 عامًا، جاك هامل خلال قداس الصباح. وفي وقت سابق من هذا الشهر دهس محمد لحويج بوهلال 84 شخصًا بواسطة شاحنة أثناء احتفالهم بيوم الباستيل في نيس.

وصرح مدير صحيفة "لوموند" جيروم فينوجليو بأن صحيفته ستتوقف عن نشر صور المتطرفين، داعيًا وسائل الإعلام إلى التحلي بمزيد من المسؤولية. وحظرت الصحيفة بالفعل نشر الأخبار ذات الأغراض الدعائية لتنظيم "داعش" أو عن الجرائم التي يعلن فيها التنظيم مسؤوليته عنها. ويقول فينوجليو "نحن مدينون لجميع ضحايا الجماعة الإجرامية المعروفة باسم"تنظيم "داعش" ومنذ يوم الثلاثاء ونحن مدينون للأب جاك هامل الذي اغتيل في كنيسته"، و"بعد الهجوم الذي وقع في نيس لم ننشر صورًا لمنفذي تلك المجازر من أجل تجنب احتمالية تمجيدهم بعد موتهم."

وكانت القناة الإخبارية الأكثر مشاهدة في فرنسا "بي إف إم" أعلنت حظرًا بعد ظهر الأربعاء الماضي بداية بقتلة الكاهن عبد المالك وعادل كرميش، وفي يناير 2015 انتُقدت قناة بسبب تغطيتها الهجوم على متجر يهودي في باريس عندما قُتل 4 رهائن، واختبأ 6 ناجين في المتجر، واتهموا القناة بتعريض حياتهم للخطر من خلال الكشف عن موقع مخبأهم مباشرة على الهواء. ويقول مدير تحرير القناة هيرفي بيرود لوكالة فرانس برس "نحن اتخذنا القرار الليلة الماضية بعدم نشر صور للمتطرفين حتى إشعار آخر"، و"لقد تم التفكير في هذا الأمر لبعض الوقت لكن تم اتخاذ القرار سريعًا بعد حادث نيس".

وأعلنت إذاعة "أوروبا 1" وصحيفة لا كروا الكاثوليكية اتخاذهم القرار ذاته، وقال مدير التحرير جيمس سافاج "نعتقد أن التوازن الصحيح هو منع نشر صور المتطرفين في حين تُنشر أسماؤهم وسيرتهم الذاتية". أما رئيس تحرير صحيفة "ليبراسيون" يوهان هوفاتغل فيقول إنه سيتخذ قرارات على أساس كل حالة على حدة، وقال لـ"غارديان" "كل قصة مختلفة، وكل هجوم متطرف مختلف، نحن نصنع صفحتنا الرئيسية خلال النظر لتلك المسألة".

وفي أعقاب هجوم نيس، قال المحلل النفسي فتحي بن سالم لراديو فرنسا الثقافي "ربما حان الوقت لوجود اتفاق في وسائل الإعلام بعدم نشر أسماء وصور مرتكبي هذه الأفعال؛ لأنها تعد من الدوافع الكبيرة لدى المتطرفين من أجل الحصول على شهرة عالمية، حتى في الوقت الذي يظل فيه ضحاياهم مجهولين"، و"إن المتطرفين سيرون المجد في عيون قادتهم أو أصدقائهم؛ لذلك فإنه من الممكن أن يشجع ذلك آخرين للجوء إلى الأمر نفسه". ويقول النائب الاشتراكي سيباستيان بيتراسانتا "بعض المتطرفين يسعون للحصول على الشهرة بموتهم كأبطال"، وتواصل وسائل الإعلام البريطانية نشر صور الأشخاص المسؤولين عن الهجمات المتطرفة، واقترح السياسي اليميني ماريون لوبان أن السبب الحقيقي وراء قرار الحظر هو "إخفاء ارتباط مسألة الهجرة بالهجمات".