واشنطن - يوسف مكي
استطاع المرشح الرئاسي دونالد ترامب تحويل مشهد الإعداد لما يشبه المحاكمة في المؤتمرات الصحافية إلى مشهد أخّاذ للترويج للذات والتلاعب بوسائل الإعلام، ولا تزال مسيراته الانتخابية بحجم الاستاد بطاقته الرابحة، ولكن في المؤتمرات الصحافية الحميمية قلب ترامب الاجتماعات السياسية رأسا على عقب، وألقت هيلاري كلينتون خطبا سياسية لامعة حتى تشرين الثاني/ نوفمبر، والآن أصبح ترامب المرشح الجمهوري مشغولا في مؤتمراته الصحافية ببيع شرائح اللحم والفنادق وترويج نفسه بطبيعة الحال، ويتم تكرار الشعارات وبناء الجدران ذات الشعارات البلاغية، وإما أن يُفتن الأميركيون أو يفزعوا من الأداء، وعندما وقف ترامب في أحد أبراجه في 16 حزيزان/ يونيو الماضي في أول مؤتمر صحافي لحملته الانتخابية، وجاءت الآراء فظيعة بشكل موحد ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة، وزرع المؤتمر الصحافي محل السخرية البذور الموضوعية التي دفعته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
ونجح ترامب في مؤتمره الصحافي الذي حضره العديد من النجوم في جر منافسه السابق إلى خشبة المسرح كحليف حتى يُرى لكن لا يُسمع، وأثبتت هذه التجربة تواضع حاكم ولاية نيو جيرسي كريس كريستي وبين كارسون وهما اثنان من خصوم ترامب السابقين الذين سخر منهم مرارا وتكرارا قبل أن يصبحوا من مؤيديه، وتمثلت مواقع إقامة مؤتمرات ترامب الانتخابية آذار/ مارس الماضي في لاغو، وبرج ترامب، ومكتب البريد القديم في واشنطن ونادي ترامب للغولف الوطني في جوبيتر في ولاية فلوريدا، وتعد هذه الأماكن مواقع للأعمال التي يسيطر عليها ترامب، ولم يخلط مرشح رئاسي من قبل بين المصالح التجارية والتطلعات السياسية مثل السيد ترامب، وتضاعفت مؤتمرات ترامب في ملعب الغولف مع وقت الذورة لدعم منتجاته التي عرضها واحده تلو الآخر مثل شرائح لحم ترامب ومياة ترامب ومجلة ترامب.
ويصور ترامب في تجمعاته الضخمة الصحافيين باعتبارهم غير أمناء فيحيطهم موظفوه ويراقبون تحركاتهم بدقة، ولكن في المؤتمرات الانتخابية ينقلب الوضع ويتغير الأداء على نحو صارخ، ويلقي ترامب النكات مع الصحافيين ويتضاحك معهم ويناديهم بالاسم ذاكرا أنه لم يرهم منذ فترة طويلة، ويصبح السؤال من هو ترامب الحقيقي؟ ومن جانب ظاهري تبرهن مؤتمرات ترامب على الشفافية والمساءلة فهو مرشح ليس لديه ما يخفيه، ويتلقى أسئلة صعبة من الصحافيين وهناك بعض من الحقيقة في تلك الصورة، لكن هذه ليست الحقيقة الكاملة، فقد سخر السيد ترامب وفريقه من الصحافيين الذين انتهكوا قواعدهم الخاصة غير المكتوبة وطردوهم.
وطرد جورج راموس من Univision من مؤتمر انتخابي في آب/ أغسطس بعد تحد رؤي ترامب حول الهجرة، وضُبط ميشيل فيلدس من Breitbart News بواسطة مدير حملة ترامب عندما حاولت سؤال المرشح بعد الحدث، وفي واشنطن يشكو المراسلون الذين يغطون البيت الأبيض من أن مؤتمرات الأخبار الرئاسية روتينية وميؤوس منها؛ وبالتالي فربما تكون مؤتمرات ترامب في البيت الأبيض في حال انتخابه غير ذلك.