كييف ـ مارك سعاده
اغْتيل الصحافي الروسي الشهير أركادي بابشينكو، والمعروف بمعارضته لحكومة الرئيس فلاديمير بوتين، بالرصاص في العاصمة الأوكرانية كييف، الثلاثاء.
تنفيذ الجريمة على مستوى رفيع
وأكدت الشرطة الأوكرانية أن جريمة القتل رفيعة المستوى، إذ أطلق النار على المراسل الحربي، ثلاث مرات في وقت الظهيرة، أثناء مغادرته شقته لشراء الخبز، وعثرت عليه زوجته وهو ينزف غارقًا في دمائه، وأكد مسؤول حكومي أنه توفي في سيارة الإسعاف أثناء نقله إلى المستشفى.
ويبدو أن عملية القتل مستهدفة إذ انتظره المسلح خارج شقته، كما قال رئيس قوة الشرطة الأوكرانية إنه يوجد دافعان وراء الحادث، عمله وموقفه المدني، ولكن الشرطة لم تنشر شخصية المشتبه به، رغم نشرها رسما تخطيطيا لرجل ملتحٍ ويرتدي قبعة بيسبول.
وانتقد بابششكينو الحكومة الروسية بشدة في السنوات الأخيرة، كذلك انتقد ضم بوتين شبه جزيرة القرم ودعمه الانفصاليين في جنوب شرق أوكرانيا، كما ترك روسيا في فبراير/ شباط 2017، قائلًا إنها بلد لم يعد يشعر فيها بالأمان.
أوكرانيا مكان لاستهداف المعارضين لروسيا
وتعدّ عملية القتل هي الأخيرة على مستوى عال في كييف التي أصبحت ملاذا لمنقدي موسكو، ولكنها تعد هدفًا للاغتيالات، إذ في عام 2016، قُتل الصحافي الاستقصائي، بافيل شيؤيميت، في انفجار سيارة مفخخة خارج شقته، وأكد بعض الصحافيين أن وكالة الاستخبارات القوية في أوكرانيا سعت إلى خنق التحقيق.
وسرعان ما جذب اغتيال بابشنكو الاهتمام الدولي، إذ قال هارلم ديزير، ممثل حرية الإعلام في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إنه مرعوب بسبب وفاة بابشنكو، مضيفًا "أدعو السلطات الأوكرانية لإجراء تحقيق فوري وكامل".
واتفق المسؤولون الأوكرانيون على توجيه أصابع الاتهام بشأن وفاته إلى الروس، حيث قال أنطون جيراشينكو، وهو مشرع أوكراني يعمل كمستشار لوزير الداخلية، عبر موقع "فيسبوك"، إن المحققين سيبحثون عن جهود وكالات التجسس الروسية، للتخلص من أولئك الذين يحاولون قول الحقيقة حول ما يجري في روسيا وأوكرانيا.
ترك روسيا بعد تعرضه للتهديد
وقال النائب الروسي يفغيني ريفينكو في تصريحات نقلتها وكالة ريا نوفوستي للأنباء "أصبحت أوكرانيا البلد الأكثر خطورة بالنسبة إلى الصحافيين، فلا تستطيع الحكومة الأوكرانية ضمان الحريات الأساسية".
وخدم بابشينكو كجندي في كلتا الحربين في الشيشان قبل أن يحول خبرته القاتمة إلى مذكرات حرب جندي، وكمراسل حربي لأكثر من 10 سنوات، حيث كتب عن الحرب في جورجيا ولاحقا في جنوب شرق أوكرانيا.
وترك روسيا في عام 2017، بعد إثارة فضيحة عبر موقع "فيسبوك"، بسبب منشور عبر فيه عدم الاكتراث بموت العسكريين الروس، حيث إرسال طائرة روسية إلى سورية للمشاركة في الحرب هناك، وفي رد فعل عنيف تم نشر عنوان منزله وتلقى تهديدات شخصية، ودعا البعض لتجريده من الجنسية الروسية.
وسافر أولا إلى جمهورية التشيك، ثم إلى إسرائيل، قبل أن يستقر في ككيف، حيث عمل لدى محطة "أي تي أر" في شبه جزيرة القرم.
وقُتل عدد من منقدي روسيا في السنوات الأخيرة في كييف، حيث المقاتلة الشيشانية أمينة أوكوييفا، في انفجار سيارة في أكتوبر/ تشرين الأول، وفي مارس/ آذار 2017، أُطلق النار على المنشق الروسي، دينيس فورونينكوف، وسقط قتيلا عند مدخل فندق في كييف.
ووصفت مذكرات بابشينكو خطوط الصراع الأمامية في الحرب الشيشانية، وفي يوم وفاته، كتب على الإنترنت عن حادثة منعه فيها الجنرال الأوكراني من السمح له بالسفر مستخدمًا طائرة هليوكوبتر، خلال بداية الحرب في عام 2014، وعلم بعدها أنه تم إسقاط المروحية، وقُتل 14 شخصًا، مؤكدًا أنه كان محظوظًا.