نيويورك ـ مادلين سعاده
يعتقد رسّام كاريكاتير فَقَدَ وظيفته في صحيفة "بيتسبرغ بوست غازيت" بأنّ صوره الساخرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب هي سبب فصله، وفُصِل روب روجرز الخميس من الصحيفة التي عمل بها لمدة 25 عاما، بعد أن ألغت الصحيفة نشر ستة من رسومه على التوالي، وحاول صاحب الصحيفة تغيير شروط عمله، على حد قوله.
كاريكاتير عن ترامب يُهاجم حلفاءه وآخر وهو يُصافح أون
يُصوّر الكاريكاتير الأخير له رجلا منتفخا، يمثل الولايات المتحدة الأميركية، واقفا على لوح من الصلب مكتوب عليه "حرب تجارية"، ملوحًا بالنجوم والأشرطة ويهاجم كندا والمكسيك وأوروبا، وبعد فصله رسم ترامب يصافح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ويقول له: "أنت موهوب جدا وشعبك يحبونك، انظر كيف يبتسمون"، بينما يقف كيم على كومة من الجماجم.
وقال روجرز لصحيفة "الغارديان": "قمع الأصوات في أي وضع أمر سيئ، من الأفضل أن يتوفر أكبر عدد ممكن من الأصوات، لكن الصحيفة بدأت تسعى إلى الحصول على صوت واحد فقط، وأعتقد بأن هذا يتعارض مع ما تعنيه الصحافة الحرة لا سيما عند إسكات هذا الصوت بسبب الرئيس".
عمدة "بيتسبرغ" يُصدر بيانًا بشأن فصل روب روجرز
أثار رحيل روجرز ضجة بين المتابعين له بما في ذلك عمدة بيتسبرغ بيل بيدوتو، وقال في بيان له إن "قيام قيادة "بيتسبرغ بوست غازيت" بفصل روب روجرز بعد أن رسم سلسلة من الرسوم الكاريكاتورية تنتقد الرئيس ترامب مخيّب للآمال، ويرسل رسالة خاطئة بشأن حرية الصحافة"، وقال العمدة إنه كان يعرف روجرز لفترة طويلة، لكن ذلك لم يمنع رسام الكاريكاتير من انتقاده باستخدام فنه.
ووصل روجرز إلى الدور النهائي لجائزة بوليتزر العام 1999، عن رسوم كاريكاتورية انتقدت الرئيس بيل كلينتون، ومعظمها بسبب فضيحة مونيكا لوينسكي، ويقول عن فصله إنه يشعر "بالغضب"، لكنه أضاف: "لقد توقعت حدوث ذلك منذ بعض الوقت".
مقال لـ"روجرز" عن مُقدّمات الطرد
وبعد رحيل روجرز عن جريدة "بوست غازيت" كتب مقالة افتتاحية لصحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان: "لقد طُردت بسبب سخريتي من ترامب"، وكتب قائلا: "عندما تناولت طعام الغداء مع رئيسي الجديد قبل بضعة أشهر، أبلغني أن ناشر الصحيفة يعتقد بأن رسام الكاريكاتير الافتتاحي يجب أن يشبه كاتب المقال الافتتاحي، وأن وجهات نظره يجب أن تعكس فلسفة الصحيفة، كان هذا مفهوما جديدا بالنسبة إليّ.. لقد تدربت على تقاليد ترى أن رسامي الكاريكاتير هم الأسلاك المكشوفة للصحف، كما وصفهم أحد الزملاء السابقين المثيرين للقلق باستمرار".
وفي حديث روجرز إلى "الغارديان" قال إنه عندما تم تعيينه في العام 1993 كانت جريدة "بوست غازيت" ليبرالية، تعكس إلى حد كبير الميول الديمقراطية للمدينة التي نشأت بها، ثم أصبح الحال الآن أن ناشر الصحيفة جون روبنسون بلوك له صورة وهو يصافح هيلاري كلينتون، وأخرى وهو بجانب ترامب على متن طائرته الخاصة.
تعليق مدير التحرير
لم يستجب بلوك لطلب التعليق، لكن جريدة "بوست غازيت" تناولت الموضوع، ونقل عن مدير التحرير كيث بوريس قوله إن روجرز عرض عليه عقدًا جديدًا وحاولوا البحث عن "طريق وسط"، إلا أن روجرز كان غير راغب في "التعاون"، وقال بوريس، الذي اعترف بأنه "أكثر تحفّظا" من مديرين التحرير السابقين: "لم نقل أبدا أنه لا ينبغي له أن يرسم المزيد من الكاريكاتير المهاجم لترامب أو أنه يجب أن يرسم كاريكاتيرا مؤيدا لترامب".
وقال بوريس قبل انتخاب ترامب، إن أصحاب الصحيفة كانوا يحاولون جعل الصيغة تعبر عن آراء أقل ليبرالية.
تضييق الخناق على حرية التعبير
بيّن روجرز أن "التغيير في الصحيفة لم يحدث بين عشية وضحاها"، مشيرا إلى الضجة التي حدثت عندما نشرت جريدة "بوست غازيت" مقالا افتتاحيا دفاعا عن ترامب أطلق على مجموعة من دول العالم النامي "قذرين"، وأضاف: "تغيرت الأمور حقا بالنسبة إليّ في شهر مارس/ آذار، عندما قررت الإدارة أن رسوماتي عن الرئيس كانت "غاضبة للغاية"، وقالت إنني "مهووس بترامب".
وأوضح أنه بعد إلغاء سلسلة من الرسوم الكاريكاتورية التي هاجم فيها ترامب هذا الشهر، أُرسلت إليه قائمة بشروط العمل الجديدة التي وصفها بأنها شديدة القسوة، مما أخضعه لمستوى غير مسبوق من الرقابة و"تضييق الخناق" على قدرته على حرية التعبير، وعندما رفض تلك الشروط فصلوه.
وأضاف روجرز: "من المفترض أن نكون الهيئة الرقابية التي تجعل الرئيس مسؤولاً"، في حالة صحيفة "بوست غازيت"، هم يدللون الرئيس ويبررون أفعاله، أنا قلق بشأن الأشخاص الذين ما زالوا يعملون في الصحيفة وبشأن قراء أكبر صحيفة في غرب بنسلفانيا.