مقتل المسؤول في الحزب الايرلندي دنيس دونالدسون عام 2006

حصل برنامج "سبوت لايت" الذي يعرض على  "بي بي سي ايرلندا الشمالية"، على العديد من الجوائز خلال تاريخها الممتد لمدة 43 عامًا. لكن يبدو أنها فقدت مسارها بعد مشاهدة برنامجها قبل أسبوع حول مقتل المسؤول في الحزب الايرلندي "شين فين" دنيس دونالدسون عام 2006، وجاءت وفاته مباشرة بعد أن اعترف بكونه عميلًا بريطانيا لمدة 20 عامًا. وكان الادعاء الرئيسي للبرنامج أن جيري أدامز زعيم الحزب مسؤول عن إصدار أوامر بقتله. وتصدرت هذه الادعاءات العناوين الرئيسية للصحف الرائدة في أيرلندا بالإضافة إلى واحدة أو اثنين من الصحف البريطانية الوطنية. واعتمد برنامج Spy in the IRA على دليل ممثلًا في مصدر واحد مجهول تم إخفاء هويته وصوته بسبب مخاوف على سلامته، وقيل إنه متطوع سابق في الجيش الأيرلندي الجمهوري وعضو حزب "شين فين" الذي أصبح مخبرًا لأجهزة الاستخبارات البريطانية.

وتم ترويج المقابلة الحصرية بواسطة مراسلة "سبوت لايت" جنيفر أولري في مقال قبل البث كتبت فيه تقول :" لمدة أشهر كنت على اتصال برجل أشير إليه في البرنامج باسم مارتن"، في حين افتقرت تصريحات الرجل على الشاشة إلى أي مظهر من مظاهر الصدق كما كانت إجابته للأسئلة متقطعة، ولم يكن هناك ذرة من الأدلة الداعمة لمزاعمه حول  أوامر أدامز عضو البرلمان الأيرلندي بقتل المسؤول، ومن خلال الممارسة الصحفية يمكن القول أن البرنامج بدا غير كافٍ على الإطلاق، ولم يمرَّ وقت طويل لحل لغز مزاعم تورط أدامز، ولم يكن غريبا أن  تعترف إحدى الجماعات المنشقة عن الجيش الأيرلندي بمسؤوليتها عن مقتل دونالدسون بعد نحو 3 سنوات من وفاته.

وأصدر أدامز بيانا على موقع بي بي سي قائلا: أنا " أدحض بشكل قاطع هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة والتي اعتبرها محاولة لتشويه سمعته". ووجه محامي أدامز طعنًا صريحًا حسبما أفادت جريدة "الغارديان" قائلا إن موكله ليس لديه علم أو تدخل على الإطلاق في مقتل دينيس دونالدسون، فيما ذكرت "الغارديان" الجمعة أن أقارب دونالدسون رفضوا مزاعم "سبوت لايت"، ووصف محامي ينوب عنهم ما قيل بكونه "هراء مطلق"، ونشرت جريدة "ذا صن" نسخة أيرلندا قصة عن الشرطة الأيرلندية وطلبها تسليم رجلين من اسكتلندا على صلة باغتيال دونالدسون والذين لا يرتبطون بالجيش الجمهوري الأيرلندي المنحل أو حزب "شين فين"، وجاء في المقال: " تقول الشرطة أنه لا دليل لديهم يدعم مزاعم تورط أدامز في القتل".

ونقلت صحيفة "ذا صن" عن مصدر من الشرطة قوله: " ليس لدينا دليل يدين جيري أدامز، كما أن فريق التحقيق لدينا ليس لديه سبب لاستدعائه للاستجواب أو حتى محاولة القبض عليه، لقد أنشأنا صورة كاملة مفصلة عن المتورطين في اغتيال دونالدسون وليس من بينهم أدامز"، وأرسلت اليوم سؤالا للمكتب الصحفي لـ"بي بي سي أيرلندا الشمالية" مفاده: " هل هذا جعل سبوت لايت حصريا؟"، وبالنظر إلى الأدلة التي قدمها المصدر المعروف باسم مارتن والتي سخر منها أدامز ومحامي عائلة دونالدسون وقوات الشرطة، هل تقف "بي بي سي" بجانب المزاعم التي ذكرها؟.

ويصبح السؤال هل يعتقد القائمون على البرنامج أن مزاعم مارتن ذات مصداقية؟ وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان أنه لم يكن حالما؟، وهل أصبحت "بي بي سي" سعيدة بالاعتماد على مصدر واحد يدلي بمزاعم مثيرة للجدل، ويبدو أنها تخالف المبادئ التوجيهية للمؤسسة؟، وأخيرا بالنظر إلى أن برنامج "سبوت لايت" عام 2014 وجه مزاعم  مضادة لأدامز فهل لا تقلق المؤسسة من اتهامها بمحاولة تشويه زعيم شين فين؟، وردا على ذلك أصدر المتحدث باسم الـ"بي بي سي" تصريحا جاء فيه: " تناول البرنامج قضايا تتعلق بالمصلحة العامة وتراعي المعايير التحريرية ، وتقف الـ"بي بي سي" الى جانب صحافتها".