المذيعون المساهمون في بث أول برنامج بلغة الكيشوا

بثت إذاعة أخبار وطنية لأول مرة في تاريخ بيرو بلغة الكيشوا اللغة الأصلية لإمبراطورية الإنكا ولا يزال يتحدث بهذه اللغة 4 مليون شخص في بيرو، ويستهدف برنامج الأخبار اليومي باسم "Ñuqanchik" وتعني "جميعنا" بلغة الكيشوا المتحدثين بهذه اللغة والتي أرجعها بعض المؤرخين إلى أقدم الحضارات في بيرو قبل 5 آلاف عام.
واعتبرت المذيعة المشاركة ماريسو مينا هذا البث انجازًا تاريخيًا وإنهاء لقرون من التهميش، مضيفة: "ناضلنا لفترة طويلة لرؤية هذه المبادرة ونحن الآن نبث المعلومات والأخبار إلى إخواننا وأخواتنا بلغة الكيشوا".

ويتحدث نحو 13في المائة من مواطني بيرو بلغة الكيشوا بطلاقة إلا أن استخدام اللغة تضائل على مر الأجيال ولم يعد الكثير من الآباء والأمهات يعلمون أبنائهم اللغة خوفًا من رفض أبنائهم أو السخرية منهم، بينما ظل هناك نحو 8 مليون ناطق بهذه اللغة في أجزاء من بيرو والإكوادور وبوليفيا وكولومبيا والأرجنتين وتشيلي التي هيمنت عليها الأنكا، كما تبقى الكيشوا اللغة الأصلية الأكثر انتشارًا في الأميركتين، وتشير الدراسات في بيرو إلى وجود 4 مليون شخص يتحدثون الكيشوا بطلاقة وأن هناك  ما يصل إلى 10 مليون يفهمون بعض عباراتها، إلا أنها من النادر سماع مثل هذه اللغة في محطات التليفزيون أو الإذاعة الوطنية على الرغم من أنها أصبحت واحدة من اللغات الرسمية في بيرو عام 1975.

ويوضح هوغو كويا مدير معهد الإذاعة والتليفزيون في بيرو والقوة الدافعة وراء هذه المبادرة: "كانت الكيشوا مرادفًا للرفض الاجتماعي وبالتالي أصبحت مرادفًا للتمييز، وأشعر بالحرج للإجابة على سؤال بشأن لماذا لم تفعل خدمة البث بلغة الكيشوا من قبل، ربما لم يرغب المتحدثون بالاعتراف بأنهم يتحدثون الكيشوا حتى يتقبلهم المجتمع الناطق باللغة الإسبانية"، ويمثل الناطقون بلغة الكيشوا الفقراء في البلاد ممن لا يحصلون على الخدمات الصحية، فيما أشارت دراسة للبنك الدولي عام 2014 أن هناك 60 في المائة يتحدثون لغة الكيشوا.

وشهدت بيرو نموًا اقتصاديًا على مدى العقد الماضي إلا أن الطفرة في أنشطة التعدين أدت إلى ارتفاع نزاعات الأراضي بين مجتمعات الفلاحين على مدى العقد الماضي، وفي أكتوبر/ تشرين الأول وحده تدخل جهاز تسجيل شكاوى حقوق الإنسان في البلاد في 212 نزاعًا من هذا القبيل، وقال رئيس الوزراء الإسباني فرناندو زافالا في البث الافتتاحي لبرنامج "Ñuqanchik" أنه يعد محاولة لطرح الفجوة الاقتصادية والثقافية بين لغة الكيشوا والعالم الناطق باللغة الإسبانية، مضيفا: "نعتقد أن ذلك سيحول العلاقة بين الحكومة والدولة وهؤلاء الناس الذين يتحدثون لغة مختلفة عن الإسبانية".

ويهدف برنامج "Ñuqanchik" الذي أنتجه صحافيون يتحدثون الكيشوا كلغة أم إلى نقل الأخبار من وجهة نظر المتحدثين بلغة الكيشوا حسبما أفاد ألفريدو لونا نائب وزير شؤون الثقافات في بيرو، وأضاف لونا: "تنشأ الصراعات عندما لا يكون هناك حوار ويساعد فهم بعضنا البعض على حل أي سوء تفاهم"، وبغض النظر عن الشمس التي كان يعبدها شعب الإنكا كرمز يترجم مقدمو البرنامج من جهاز "أتوكيو" إلى لغة الكيشوا مثل العديد من الكلمات الأصلية الطويلة التي يصعب احتوائها عبر الشاشات، ويقدم البرنامج على التليفزيون والراديو أيضًا.

وأوضح لونا أنه يتم التخطيط لتقديم نشرات الأخبار بلغات أخرى مثل الأيمارا والتي يتم التحدث بها في بيرو وبوليفيا فضلًا عن اللغات الرئيسية في منطقة الأمازون، مثل لغات Ashaninka و Awajun، وتضم بيرو 47 لغة لسكانها الأصليين وتعمل وزارة الثقافة هناك منذ 2011 على تقديم تعليم ثنائي اللغة كخدمة عامة، ويؤكد أوجستين بانيزو مدير اللغات الأصلية في وزارة الثقافة: "تحرص بيرو على ضمان وصول الناس إلى الخدمات العامة وأن يكونوا مواطنين بلغاتهم الأصلية".