واشنطن ـ يوسف مكي
صاعدت حدة التوترات بين شبكة "سي أن أن" الأميركية الأكثر ثقة وشهرة في عالم الأخبار، وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي كانت موجودة أصلاً وبشكل شبه يومي منذ فوزه بالرئاسة، حيث علق الرئيس الأميركي على استقالة ثلاثة من كبار الصحفيين في الشبكة، بعد حذف أحد التقارير التي أذاعتها، بأنها تبث "أخبارا زائفة".
وقالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، ان "سي أن أن"، بدورها، لا تفوِّت الفرصة حتى تسخر وتهاجم ترامب في كل منعطف، كما انها تكرس موارد ضخمة في محاولات لفضحه، معتبرة انها علاقة سامة وانتقامية تهدد بإضعاف حجر الزاوية في الديمقراطية، وحرية التعبير، الأن، فإن الأرضية الأخلاقية العالية لـ"سي ان ان" قد تفتت تحت هذا الأسلوب الدراماتيكي.
وكانت الشبكة قد نشرت يوم الخميس الماضي، "قنبلة" حصرية بشأن علاقة ترامب بروسيا. وقد ادعى التقرير، أن مستشارًا لترامب التقى رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة مطلع العام الجاري، وبحث معه في احتمالات رفع العقوبات عن روسيا. وأفاد التقرير بأن لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تحقق في علاقة بين أنطوني سكاراموتشي، حليف ترامب، وصندوق استثمار روسي بقيمة 10 مليارات دولار.
وقالت شبكة "سي ان ان" أن سكاراموتشي التابع لترامب التقى الرئيس التنفيذي للصندوق كيريل ديمترييف قبل اربعة ايام من تنصيبه، كما ذكرت الشبكة أن صندوق الاستثمار كان جزءا من بنك "فنشكونومب" الروسي، والذى يرد اسمه ضمن مجموعة من العقوبات الصادرة عن الحكومة الاميركية. واضافت ان اعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين يريدون ان يعرفوا ما اذا كان سكاراموتشي اشار في هذا الاجتماع الى انه سيتم رفع العقوبات المفروضة على روسيا. وإذا كانت هذه القصة صحيحة، فمن الطبيعي ان يكون لها آثار ضارة بشكل كبير، ومنها القبض على حليف ترامب مع مؤيدين بوتين باعتباره انتهاكًا صارخًا للجزاءات، لكنه لم يكن صحيحا. ولا يوجد مثل هذا التحقيق فى مجلس الشيوخ، ولم يكن هناك اجتماع رسمي ولا يدعمه حتى بنك الدولة الروسى.
وفي غضون 24 ساعة، تم الكشف عن القصة عن كثب و قامت "سي ان ان" بازالتها من موقعها على الانترنت. وقد اعتذرت الشبكة أيضا للسيد سكاراموتشي وقبلت استقالة كل من توماس فرانك، الصحفي صاحب التقرير، والمرشح لجائزة "بوليتزر"، جنبا إلى جنب مع إريك ليشتبلاو، مساعد مدير التحرير في مكتب الشبكة في واشنطن، وليكس هاريس، رئيس وحدة التحقيقات فيها. وقالت الشبكة الإخبارية الأميركية، في بيان: ” في أعقاب سحب تقرير نشر سابقا على موقعنا، قبلت الشبكة استقالة المسؤولين عن نشر القصة ” ، مضيفة أن إعداد التقرير المذكور تخللته مخالفات لقواعد السياسة التحريرية للشبكة، منها الاستناد إلى مصدر مجهول. إن رحيلهم السريع يظهر مدى سوء هذه الحادثة على سمعة "سي إن إن" ومدى غضب جيف زوكر، رئيسها".
وتقول صحيفة "الديلي ميل"، "ان هذه الحادثة تشكل خطورة على "سي إن إن"، لما لها من معايير صارمة، ليس هناك أي شك في أن كل من شارك في هذا الأمر لم يكن مقبولا في شبكة سي إن ذلك يسبب عواقب وخيمة على الشبكة.
وترامب المعروف بانتقاداته اللاذعة لـ"سي ان ان" علق على هذه الاستقالات في تغريدة على موقع "تويتر" قائلا: "شبكة "سي ان ان" المزورة للوقائع ستجري تعديلات كبيرة تطال محرريها، بعدما نشروا مقالاتهم الكاذبة عن روسيا". واضاف: "لقد كشفت حقيقة "سي ان ان" للعلن. لكن ماذا عن "ان بي سي" و"سي بي اس" و"اي بي س"ي (ثلاث قنوات كبرى وطنية)؟ ماذا عن اكاذيب "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"؟ كلها وسائل اعلام كاذبة!"
وكانت هذه القصة تهدف إلى إلحاق أضرار كبيرة لترامب وهو يحارب احتمال انتهاء رئاسته بزعم أنه تواطأ مع الروس، وقد حظيت شبكة سي إن إن بتصنيفات عالية مع تركيزها الحثيث على ترامب. وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع الأرباح لديها. وهي ليست الوحيدة التي تقوم بذلك؛ من"MSNBC"إلى "ستيفن كولبيرت"، فان هناك عدد كبير من الكيانات الإعلامية تظهر حاليا تربح الكثير عن طريق ضرب ترامب.
واشارت الصحيفة البريطانية، الى ان هناك قضية أوسع من ذلك فان هناك علاقة عدائية متزايدة بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام الأميركية الرئيسية.ويوجه اللوم الى الجانبين.
إن تأثير هذا السم المؤكد بشكل متبادل هو تسليط الضوء على المناخ السياسي الحماسي المروع في أميركا بين اليسار واليمين. وهذا النوع من الغضب الحزبي الذي يقود رجل غير متوازن عقليا لاطلاق النار على عضو الكونغرس على ملعب البيسبول. واضافت ، دونالد ترامب هو رئيس الولايات المتحدة، وهو اللقب الذي فاز به في انتخابات ديمقراطية عادلة. انه ليس مثاليا ولكنه ايضا ليس الوحش الذي يصوره بعض منتقديه ولا تزال شبكة سي ان ان شبكة إخبارية عظيمة، على الرغم من هذا الخطأ الفظيع، على حد سواء تحتاج إلى علاج بعضها البعض مع مزيد من الاحترام والإنصاف.