هل يؤثر وجود ترامب في الرئاسة على ما يقدم على التلفاز؟

يعتقد المديرون التنفيذيون لصناعة الترفيه في الولايات المتحدة الأميركية، أنه يمكنهم تخفيف المخاطر وميزانيات التسويق من خلال التكيف مع محتوى ناجح بالفعل، أو معروف على الأقل لدى الجمهور، إلا أن الذعر الذي يبثه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نطاق واسع لهذه الصناعة، يثبت هذه الفكرة سواء بالنسبة لشخصه خلال أيامه في تلفزيون الواقع، وقاعدة التصويت المتحمسة.

وأثارت انتخابات ترامب تساؤلات داخل صناعة التليفزيون، بشأن أفضل طريقة للترفيه عن ملايين الأميركيين الذين صوتوا لترامب، ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، ويمثل ترامب مأزقًا للقائمين على الأعمال التليفزيونية، فهل يقدمون برامج أكثر لأنصاره؟ أم يقدموا برامج ضد أجندة ترامب، وتحوز على إعجاب غالبية الأميركيين الذين لم يصوتوا له؟.

وتقول رئيس ABC Entertainment تشانينغ دونغي، إن انتخابات ترامب جعلتها تعيد تقييم كيفية تنسيق برامج المحطة، وأن الدراما التلفزيونية لم تعدّ تعكس الواقع اليومي الذي يواجهه العديد من الأميركيين، لكنها من منظور اقتصادي واجتماعي، يبدو أنها تسعى إلى جذب العديد من ناخبي ترامب، ومن خلال البرامج الجديدة التي تم التكليف بها يبدو أن دونغي تتأرجح بين العديد من زملائها، وطلبت NBC تقديم "For God and Country" كدراما عسكرية، واختارت CBS دراما باسم Navy Seals و Perfect Citizen والتي تتناول مسرب لأوراق وكالة الأمن القومي على غرار إدوارد سنودن، وأضافت ABC دراما من بطولة ريبا ماكنتاير، ودراما كوميدية باسم Raised By Wolves والتي تجسد أم ومعاناتها مالية مع أطفالها.

وتمثل إضافة البرامج في مجال التليفزيون قتل برامج أخرى، وألقى رضا أصلان البروفيسور والمعلق الديني باللوم على انتخابات ترامب لإنهاء فيلمه العائلي الكوميدي Muslim American والذي كان تحت التطوير، وتحدث مارك كورمان الشريك في وكالة WME في مؤتمر كيشيت ميديا ​​غروب في القدس في شباط / فبراير، عن التغييرات التي شاهدها بالفعل في الصناعة، مضيفًا "أثبتت الانتخابات أن هناك الكثير من الأصوات غير المسموعة، والتي ترغب في المزيد، ولا أعتقد أن مثل هذه المحادثات كانت ستحدث قبل 5 أعوام، الطبقة الوسطى في أميركا ترغب في رؤية أبطال، وأعتقد أن هذه محادثة ذات صلة اليوم على مستوى الشبكة".

وتواجه برامج عدّة، مثل The Apprentice والذي يتناول ترامب بشكل مباشر، أو أي برنامج مماثل يعتمد على أجندة سياسية خطرة أن يصبح مجرد ممارسة حزبية، مع احتمالية نفور العديد من المشاهدين. وأوضحت دانا والدن الرئيسة التنفيذية لـ Fox Television Group الأسبوع الماضي، قائلة "بالتأكيد نحن لا نريد معالجة السياسة حاليا"، عند سؤالها عما إن كان ينبغي معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية.

وشجعت والدن الاعتماد على البرامج الترفيهية التي تجذب الجمهور، وتقدم رسالة ليبرالية سياسيًا واجتماعيًا، واستشهدت والدن بسلسلة Glee التي تتناول غناء ورقص مجموعة من طلاب الثانوية، لكنها أيضا تتناول الأشخاص الذين لا يمكنهم التكيف، لأنها معاقين أو سود أو أسيويين أو إناث أو مثليين. وتخطط فوكس هذا الشهر لبث سلسلة Shots Fired، والتي تتناول حوادث إطلاق النار على الشرطة، باعتبارها واحدة من أبرز القضايا في الولايات المتحدة، وأوضحت والدن أنها حرصت خلال تطوير العمل على عدم تضمين رسالة معين، ولكنها حرصت على التركيز على صنع دراما جيدة مع لغز مقنع وأداء وسرد جيد، مضيفة "يجب أن تحقق الترفيه والمتعة أولا".

وفي الوقت الذي تنشئ فيه الشبكات المختلفة، برامج تحوذ على إعجاب ناخبي ترامب، إلا أنها تقدم أيضا برامج مناهضة له، مثل برامج The Good Fight على  CBS و Black-ish على ABC والتي تتناول عناوين الصحف الناقدة لترامب، والمعبرة عن خيبات الأمل في نتائج الانتخابات. وتتمتع شبكات الكابل القائمة على الاشتراكات، مثل "أمازون فيديو، ونتفليكس من استهداف جماهير محددة مع تقديم برامج، لا تحتاج إلى جذب عدد كبير من المشاهدين حتى تعتبر ناجحة مثل برنامج The Wire and Girls، وأوضح كاري أنثوليس الحائز على جائزة Academy and Emmy ورئيس سلسلة HBO وبرامج Cinemax، أنه لا يعمل على أي مشاريع تتعلق بترامب على وجه التحديد.

وأعلن أنثوليس أنه يعمل على برنامج باسم The Night Of، والذي يتناول شاب أميركي باكستاني متهم بالقتل في مدينة نيويورك، ويتعرض لأمور تتعلق بالمسلمين في الولايات المتحدة ونظام العدالة الجنائية، وكذلك يجب على المديرين التنفيذيين أن يكونوا حذرين في الحديث عن مثل هذه القضايا الخلافية، لأسباب تجارية بينما لا يضطر لها مبدعوا العمل، فيما شكك البعض في المؤتمر المنعقد في القدس في قدرة التليفزيون، عن قيادة التقاليد الاجتماعية.

وأضاف ماكس بروس الكاتب في The Simpsons "لا أعتقد أن التليفزيون لديه التأثير الذي نعتقده جميعا، أعتقد أننا فقط نرفه عن أنفسنا، أعتقد أننا ربما نرفض تغيير ما نعتقد أنه صحيحا"، مشيرًا إلى أن الكوميديا كان لها الأولوية الأولى لدى الكاتب، ولكن نصف اليوم حاليا تحتله محادثات بشأن ترامب". وأردف فرانك سبوتنيتز المنتج التنفيذي والكاتب في X-Files و The Man in the High Castle، "لا أريد تقديم برامج لمحاضرة ناخبي ترامب والمشاهدين من ذوي الدخل المنخفض أو لأقول لهم ما يفكروا فيه، لا أعتقد أنني مؤهل لأخبر أي شخص ما يجب عليه أن يفكر فيه، ولكن لأنهم يستحقون عروض عميقة الفكر تجعلهم انعكاس للعالم"، فيما يعتقد بروس أن مؤيدي ترامب يشاهدون The Simpsons لكنهم لا يفهمون كيف يكونوا من مؤيدي البرنامج وصوتوا لترامب أيضا، مضيفا "من الواضح أنهم لم يفهموا رسالة The Simpsons، والتي مفادها كن لطيفًا مع الناس، ولا تلقي المهاجرين في الخارج، ولا يمكننا أن نتغاضى عن شئ مثل هذا".

ولفت سبوتنيتز الذي يملك عقدين من الخبرة في العمل مع الشبكات المختلفة إلى أنه لا يتوقع حدوث تغيرات جذرية في برامج الشبكات في الأشهر المقبلة، مضيفًا "حقا إنهم ليس لديهم أجندة سياسية إذا قدموا بعض الأشياء على الجانب الآخر بحذر، إنهم لا يريدون الإساءة"، وأوضح سبوتنيتز وهوارد جوردون المنتج التنفيذي لـ Homeland أن الواقع الفعلي هو الذي سيحدد البرامج التليفزيونية، وتابع جوردون "نحن جميعا نعيش في عالم واحد وينعكس هذا العالم على شخصياتنا، وبالطبع سيكون هناك علاقة بين هذا العالم الحقيقي وهذا العالم الخيالي".