جاكرتا - نزيه فقيه
يعيش سكان بعض قرى إندونيسيا مثل سيدهارغو وكيربيت وكارانجيباتيهان حياة مروعة، حيث يتم تكبيل المصابين بأمراض عقلية في الأرض أو يتم حبسهم داخل غرف مظلمة تشبه زنزانة السجن.
ويعرف المراهقون والبالغون الذين يعانون من التخلف البدني الشديد باسم "كامبونج الأبله" وهي حالة تشبه متلازمة داون، وتكشف مجموعة الصور المرعبة أن امرأة عمرها 40 عامًا تدعى "سيغوم" وتعاني من متلازمة داون وترقد على ظهرها بينما تقوم والدتها بإطعامها، بينما يجلس سايمون (45 عامًا) على الأرض في منزله حيث تم تقييد قدميه لمدة 20 عامًا بواسطة والديه لأنه يعاني من مرض عقلي.
ويعيش هؤلاء الضحايا تحت خط الفقر ويعاني الكثير منهم من سوء التغذية وضعف السمع والإبصار، إلا أن القرويين والمسؤلين الحكوميين يلومون سفاح الأقارب وسوء التغذية ونقص اليود في معاناة هؤلاء، إذ يعاني أكثر من 400 شخص من الإعاقة النفسية والاجتماعية في بونورغو شرق جاوة، ويعيشون في ظروف مزرية مع عائلاتهم ويتقاضون ما يتراوح بين 30 إلى 50 دولار أميركي شهريًا، ومن الممارسات الشائعة في هذه القرى إبقاء من يعانون من إعاقات نفسية مقيدين بالأغلال، في ما حظرت الحكومة الإندونيسية ممارسة التقييد العام 1977 لكنها فشلت في تطبيقه.
وكشفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن أكثر من 57 ألف شخص تعرضوا للتقييد مرة واحدة في حياتهم، بينما يخضع 18.800 شخص للتقييد حاليًا، فضلاً عن تقييد آلاف من الإندونيسيين ممن يعانون من مرض عقلي، وأوضح التقرير بعنوان "العيش في الجحيم: ضد ذوي الإعاقة النفسية في إندونيسيا" كيف ينتهي الأمر بالناس الذين لديهم ظروف صحية خاصة مقيدين بالأغلال والسلاسل أو محبوسين في مؤسسات مزدحمة وغير صحية.
ويعد تقييد المريض عقليًا أمير غير قانوني في إندونيسيا منذ ما يقرب من 40 عامًا لكنه لا يزال منتشرًا في جميع أنحاء البلاد، لاسيما في المناطق الريفية حيث الخدمات الصحية محدودة ويعتقد الناس في سيادة الأرواح الشريرة، وذكرت كريتي شارما باحثة حقوق المعاقين في الجموعة ومؤلفة التقرير "يجب ألا يتم تقييد أحد في إندونيسيا العام 2016، أخبرنا الناس مرارًا أن الأمر مثل العيش في الجحيم".
وسرد التقرير سلسلة من الانتهاكات الأخرى التي تواجه المختلين عقليًا في إندونيسيا من بينها العنف الجنسي والعلاج بالصدمات الكهربائية والعزلة في المؤسسات التي غالبًا ما تكون مزدحمة وغير صحية، ويوجد في إندونيسيا 48 مستشفى للأمراض العقلية فقط في المناطق النائية، ما يجعل العائلات البائسة تلجأ إلى المعالجين الإيمانيين في الغالبية المسلمة هناك وبعضهم يقيدون المرضى بسلاسل.
وبيّنت "هيومن رايتس ووتش" التي التقت ما يقرب من 150 شخصًا لإصدار التقرير ما بين مرضى والمتخصصين في مجال الصحة أن هناك نحو 19 ألف شخص في إندونيسيا إما مقيد أو محبوس في مكان ضيق، وهي العملية المعروفة باسم "باسونغ"، ويُعتقد أن نحو 14 مليون شخص على الأقل في إندونيسيا تتراوح أعمارهم بين 15 عاماً فأكثر يعانون من أحد أشكال المرض العقلي وفقًا لبيانات وزارة الصحة.
ويحدث تقييد المصابين بأمراض عقلية في جميع أنحاء آسيا، ولكنه أمر شائع في إندونيسيا خاصة، وأرجعت الدراسات ذلك إلى الخدمات الصحية الفقيرة في المناطق الريفية ونقص المعرفة حول العلاج المناسب، كما أن العائلات التي تختار عدم إرسال أقاربهم من المرضى العقليين إلى المعالجين الدينيين أحيانًا ما تتولى زمام الأمور بأيديها.