القاهرة – إسلام خيري
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة خطف الأطفال في مصر بصورة كبيرة، حتى أصبح الأمر مبالغ فيه،
فالطفل يختفي بصورة سريعة وبالبحث عنه لا يوجد له أثر، بعض هؤلاء الأطفال المفقودين عادوا بعد سنوات، ولكنهم يعودوا متجردين من معظم أعضائهم الحيوية كالكبد أو الكلى وغيرها، لكن غالبية هؤلاء الأطفال لم يعودوا ويظل اختفاؤهم سرًا لم يُكشف بعد، فهل هناك عصابات دولية تتعمد خطف هؤلاء الأطفال والمتجارة بهم، خاصة إن ظاهرة خطف الأطفال ليست ظاهرة موجودة في مصر فقط بل في الوطن العربي بأكمله.
وأثبتت الإحصائيات الأخيرة أن محافظة القاهرة هي أكبر المحافظات التي يتعرض لها الأطفال لعمليات الخطف يليها محافظة الجيزة ثم تتدرج الأرقام في الانخفاض للقليوبية وسوهاج والشرقية والإسكندرية، كما إن خط نجدة الطفل تلقى أكثر من 2 مليون بلاغ منذ إنشائه، والفئة العمرية المهددة بكثرة بالخطف من سن عام وحتى 6 أعوام.
من ضمن حالات الخطف الشهيرة الطفل "يوسف"
هناك مجموعة من حالات اختفاء الأطفال في مصر نرصد منها حالة خطف الطفل "يوسف" من أمام منزله في قنطرة النعناعية مركز أشمون في محافظة المنوفية، حيث تم اختطافه في الواحدة ظهرًا من أمام منزل جده، ولم يتصل أحد لطلب فدية، ما قد يدل على أن الخاطف استخدم الطفل في التسول، ويقول محمد صلاح، والد يوسف، إن القوات الأمنية رفضت تحرير محضر بالخطف فيالبداية، وأخبره رئيس المباحث بقوله: "أنا عندي جريمة قتل مش فاضيلك.. عدي علي بكرة"، رافضًا تحرير محضر له.
وأضاف أن القوات الأمنية بعد 13 يومًا من اختطافه أجبرته على تحرير محضر غرق بسبب قرب المنزل من النيل، مؤكدًا أن وزير الداخلية علم بخطف ابنه بعد مداخلة هاتفية لأحد البرامج ووعد بإرجاعه لكنه زار مديرية أمن شبين الكوم وغادر المحافظة دون فعل شيء.
وتابع الأب أنه تردد على قسم الشرطة التابع له أكثر من مرة وفيأيام مختلفة لمتابعة حالة خطف ابنه وأثناء تواجده في يوم من الأيام اقترب منه أحد أفراد الشرطة "مخبر"، قائلا: "فيه واحدة اسمها بطة ومعاها عيال كتير شوف ابنك فيهم"، شعر الأب بفرح شديد وتوجه للمكان الذي أخبره به فرد الشرطة على أمل أن يجد طفله وبالفعل وجد أطفالا كثيرين ووجد سيدة تجلس والأطفال يتسولون من حولها، وعند عدم العثور على ابنه سأل السيدة عن ملامحه وهل تعرف مكانه، وسبقها بأنه جاء من طرف فرد الشرطة، فجاءت الإجابة أغرب من السؤال قائلة: "أنا مش بخطف أولاد أنا بخطف بنات بس"، ودلته على أماكن أخرى من الممكن أن يعثر فيها على طفله.
أشار الوالد إلى أنه ذهب لأماكن كثيرة و7 قرى فيمنطقة السنبلاوين ، لكنه لم يعثر على ابنه.
وطالب الأب القوات الأمنية بشن حملات على تلك المناطق والقبض على المتسولين وإحضار الاطفال ونشر صورهم على الأقسام ومواقع التواصل الاجتماعى، مؤكدا أن أغلب هؤلاء الأطفال مخطوفون وهناك من يبحث عنهم بالتأكيد.
و يروى الدكتور إسلام والد الطفل "مؤمن" حادثة اختطاف ابنه، بأنه كان يلعب أمام المنزل بقرية المصالحة التابعة لمركز شبين الكوم بالمنوفية في الساعة الواحدة والنصف ظهرا، مع الأطفال الموجودين بالشارع وأقارب لهم، وأن طفلا قريبا له دخل المنزل لإحضار طعام وترك مؤمن البالغ من العمر 3 سنين ونصف السنة وحده، ولم يستغرق الأمر أكثر من دقيقتين.
خرج الطبيب من المنزل ولم يجد مؤمن فقط وجد حذاءه ملقى على الأرض، فأخبر المتواجدين بالمنزل بفزع، عدم العثور على مؤمن، وحاول الأهالي البحث عن الطفل وسؤال الجيران، ولكن أحدا منهم لم يكن يعلم شيئًا سوى أن سائق "توك توك" قال إنه "شاهد الطفل مع سيدتين لم يرهما بالمنطقة من قبل".
تابع والد الطفل المختطف بتوتر بالغ: "لم يتركوا لى من ابنى إلا فردة حذائه.. الكفرة.. حررت محضرًا فيقسم الشرطة التابع لمنطقتى"، على حد قوله.
وأضاف: طالبت بسماع شهادة سائق "التوك توك"، إلا أن قسم الشرطة، وعلى وجه التحديد أحد أمناء الشرطة الذى حرر المحضر أخبرنى بأن الخاطفين سيطلبون منى أموالا كفدية خاصة وأننى طبيب وكنت عائدا من السعودية وقتها، وقد يكون هذا هو الدافع الأساسى من الخطف.
حاول والد الطفل أن يقنع المتواجدين بالقسم بسماع شهادة السائق، إلا أنهم لم يستمعون له، وانتظر ولكن الانتظار طال ولم يتصل به أحد، بدأ في نشر صور طفله على مواقع التواصل الاجتماعى للبحث عنه، وعرض مكافأة مالية 100 ألف جنيه لمن يدلي عنه أو يعثر عليه، وأتى الإعلان بنتيجة فأخبره أحد المشاركين بالصفحة أنه شاهد نجله بمنطقة شبرا الخيمة يتسول بصحبة آخرين، فتوجه لقسم الشرطة وأخبرهم بما حدث.
استدعت الشرطة سائق التوك توك بعد مرور 28 يومًا من الخطف، كما استدعت خبيرًا لرسم ملامح الخاطفين، وتم توزيع رسم المتهمتين على الأقسام، وتوالت مشاهدات الطفل بمنطقة شبرا الخيمة لدرجة أن أحد الأشخاص صور الطفل بالمنطقة وأرسل الصورة لوالده ، وأكد أنها فيمنطقة شبرا ولكنه لم يستطع تصوير المتسول خوفا على حياته.
دب الأمل من جديد فيقلب والد الطفل، وأبلغ الشرطة على أمل مداهمة المنطقة بعد معرفة مكان اختطافه، وعرض الصورة على خبير وجوه للتأكد من أنه طفله، وأفاد الخبير بمطابقة الصورة لطفله، لكن الشرطة حتى هذه اللحظة لم تتحرك.
توجه والد الطفل لمنطقة شبرا الخيمة، وظل يبحث عن طفله وسط المتسولين، ويقول: "فتشت كثيرًا جدًا على مدى أيام فيوجوه الأطفال المتسولين.. جلست على المقاهي وفتشت في الحواري والشوارع لعلى أصل إليه دون جدوى.. الآن يعيش ابني بين المتسولين والخاطفين وأنا لا أعرف عنه شيئًا".
وقالت والدة الطفل محمد الباز، إن ابنها تم اختطافه من أمام منزله في الساعة السابعة صباحا منذ خمسة شهور ولم يتصل بهم أي أحد ليطلب فدية أو أي شيء وما يثير العجب في هذه القضية أنه تم حفظ محضر التغيب وتوقفت جميع التحريات.
وفي واقعة أخرى قالت والدة الطفل يوسف العدوي، القاطنة في منطقة فيصل، إن ابنها كان معتادا أن ينزل ليشتري بعض الأشياء من تحت المنزل ولكنه تأخر ولم يعد للمنزل فنزلت والدته للبحث عنه، ولكنها لم ترى أي أثر له حتى دلها أحد المارة أن امرأة منتقبة أخذته في توك توك وتحركت بعيدا فذهبت الأم مسرعة إلى سائقى التوك توك في الميدان حيث أظهرت لهم صورة الطفل وحينها قال سائق منهم أنه ركب معه فعلا مع سيدة منتقبة وذهب بهم إلى المكان الذي أوصلها له في مساكن الشروق وطلبت معاونة الشرطة للنزول بمساكن الشروق والبحث عنه، ولكنهم لم يستجيبوا لندائها وحرروا لها محضر تغيب فقط. كما ذكرت أن الاهتمام الأول يكون بأبناء المسؤولين ولا أحد يهتم بأبناء الغلابة.
وفي حالة أخرى أكثر غرابة وانفرادًا من نوعها يظهر الطفل "كامل" في صورة بعد اختطافه منذ أربعة سنين على كرسي متحرك وهو يبكي ويصرخ دون أن يستطيع التحرك لكن بعد الصورة لا يظهر له أي أثر من جديد ما يؤكد وجود مافيا اختطاف الأطفال لاستخدامهم في التسول.
وكانت ملابس الطفل ظهرت على أحد أسطح المتهمين في قضية خطفه وبجانبها جمجمة وبعض العظام ولكن بعد إجراء تحاليل الـDna تبين أنه ليس ابنها، وظهر الطفل "كامل" يرتدي جلابية بيضاء ورأسه مربوط بشاش إضافة إلى الخرطوم في رقبته وهذا المنظر كثيرًا ما رأيناه، وفي مناطق عديدة سواء بمحطات المترو أو بالشوارع والأنفاق.
ويعد الطفل كامل أكثر الحالات المؤكدة على أن نسبة كبيرة من المتسولين في الشوارع معهم أطفال مخطوفين ودليل قاطع على ضرورة تحرك الشرطة للقبض على جميع المتسولين وأبنائهم وإجراء تحاليل الـ dna عليهم للتأكد من هويتهم واعادة المخطوفين إلى أهاليهم.
ومن كثرة حالات الخطف تم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" تحمل اسم "أطفال مفقودة"، ويعد "أطفال مفقودة" أول موقع بحث عن المفقودين والمخطوفين من الأطفال، ودشن الموقع منذ 4 أشهر فقط تمكن خلالها من استرجاع ما يقرب من 70 حالة ما بين مفقودين وذوي احتياجات خاصة، بالإضافة إلى إعادة 4 أطفال مخطوفين فيمحافظة الإسكندرية والإسماعيلية والقاهرة.
وقال المدير التنفيذي للموقع المهندس رامى الجبالي، وأدمن صفحة "أطفال مفقودة" على "فيسبوك"، إن الفكرة بدأت عندما كان يشاهد صور الأطفال المفقودة بشكل مستمر على صفحات الفيسبوك وتويتر، وهو ما دفعه إلى إنشاء صفحة "أطفال مفقودة" على الفيسبوك، بالتعاون مع عدد قليل من المهندسين وأساتذة الجامعة الذين ينشرون صور الأطفال المفقودة فيجميع المحافظات، والتواصل مع الأهاليالتي لديها أطفال تأهون أو مخطوفون.
وأوضح أن دائرة المتطوعين للصفحة بدأت تكبر بعد ثلاثة شهور من تدشين أول موقع للبحث عن حالات الخطف والأطفال المفقودة، مشيراً إلى أن إجمالى عدد المتطوعين لفكرة أطفال مفقودة بجميع المحافظات بلغ حتى الوقت الحالي 270 ألفاً، وأن من يشاهدون صفحته يومياً على "الفيسبوك" يتجاوزون المليون ونصف المليون.
وتابع: "يتفاعل مع الصفحة ما يتراوح بين 400 و900 شخص يومياً من خلال التعليق أو الشير أو إرسال رسائل وصور لأطفال مفقودة"، و أوضح أن موقعه خدمى لا يستهدف الربح على الإطلاق، وأن جميع العاملين فيه متطوعون، مؤكداً أنهم يرفضون الإعلان عن أى منتجات أو سلع عبر موقعهم أو صفحتهم على الفيسبوك لكسب مصداقية المتفاعلين معهم بهدف مساعدة الأطفال فيالرجوع إلى ذويهم.
أكد الجمل، أن موقعه تمكن من إعادة ما يقرب من 70 شخصاً ما بين طفل ومسن وذوى احتياجات خاصة لأهاليهم فيفترة لا تتجاوز الـ4 أشهر من تدشين الموقع، بالإضافة إلى مساعدة 4 أطفال مخطوفين فيالرجوع إلى ذويهم فيمحافظات مختلفة منها الإسكندرية والإسماعيلية.
أوضح أن الموقع لا يتعامل مع أى حالة يتم الإبلاغ عنها إلا بعد التأكد من أهل الطفل "الأب أو الأم" فقط، موضحاً أن هناك بعض الأشخاص يقومون بالإبلاغ عن أطفال بغرض الدعابة، وأن الموقع تعرض لهذا كثيراً خلال بداية تدشينه لذلك، اشتراطات الصفحة أن البلاغ عن أى طفل مفقود لابد أن يكون من أب أو أم الطفل فقط.
وعن آليات البحث التي يتبعها الموقع، قال الجمل إن موقعه لديه متطوعون فيجميع المحافظات، وأنه عند رؤية أى طفل يقوم أحد المتطوعين بتصويره وإرساله للصفحة، وتابع أن فريق العمل يقوم بجمع معلومات عن هذا الطفل والبحث عن حالات الخطف أو الفقدان التي حدثت فيالمحافظة التي يتواجد بها الطفل والمحافظات المجاورة حتى الوصول لعدد من الأهاليالتي يوجد لديهم طفل مفقود وعرض صور عليهم.
كما أوضح أن فريق العمل يقوم بالرد على ما يتراوح بين 400 و700 رسالة يومياً سواء بلاغات عن حالات مفقودة أو استفسارات عن الموقع وطرق التعامل معهم أو استقبال صور لأطفال متسولين بمناطق مختلفة لربطها بالبلاغات التي تأتى إلى الموقع بصفة مستمرة.
وعن الخطوات التي يجب أن يتبعها أى متطوع يقوم بالإبلاغ عن حالة طفل سواء مفقود أو متسول ويرغب فيعمل إنسانى عن طريق صفحة أطفال مفقودة، قال الجبالى إن أول خطوة تصوير الطفل وإرسالها إلى أدمن الصفحة أو الموقع ثم إبلاغ خط نجدة الطفل عن طريق الاتصال بـ16000 وبعد الحصول على رقم البلاغ يتم إرسالها لصفحة أطفال مفقودة ليقوم فريق العمل بدوره بالبحث عن أهاليهذا الطفل.
وأشار إلى أن إجمالي البلاغات عن الأطفال المخطوفة التي جاءت للموقع لا تتجاوز الـ 50 بلاغاً، مشيراً إلى أنه رقم ضئيل جداً مقارنة بآخر إحصائيات وزارة الداخلية التي بلغت الـ 1600 طفل مختطف.
قال إن الصفحة لا تمارس نشاطها على المستوى المحلي فقط بل قامت بدورها في حادث منى الشهيرة في السعودية، موضحاً أن الصفحة قامت بمساعدة 200 حاج في الوصول لأهليهم في مصر وتونس والإمارات.
وأوضح أن شرطة الأحداث تتفاعل مع الصفحة بشكل إنساني وليس عن طريق بروتوكول تعاون، مشيراً إلى أن أحد رجال الشرطة قام بتصوير طفلين الأسبوع الماضي وأرسلهم للصفحة وفي أقل من أيام فقط تم توصيل هؤلاء الأطفال لذويهم.
وقال إن الصفحة ساهمت فيالقضاء على حالات نصب تحدث لأهاليالأطفال المخطوفة، والوصول لهؤلاء المحتالين والإبلاغ عنهم، موضحاً أن هناك بعض الأشخاص قاموا بالاتصال بأهاليطفل مخطوف وطلبوا من الأم شحن رصيد بـ100 جنيه لتوصيلها بدجال شاطر يمكنها من الوصول لابنها وتمكن فريق بحث أطفال مفقودة من الوصول لهذا الشخص والإبلاغ عنه بتهمة النصب والاحتيال.
قال الجبالي إنه على الرغم من ثورة التكنولوجيا والإنترنت بالعالم بصفة عامة ومصر بشكل خاص لا يوجد حتى الوقت الحالي في السوق المحلى قاعدة بيانات تربط الجهات ببعضها بشأن الأطفال المفقودة، مشيراً إلى أن الهدف الأساسى لتدشين الموقع هو مساعدة جميع الجهات فيإرسال حالات الخطف والفقدان وصور المتسولين على الموقع ليقوم فريق العمل بربط الداتا ببعضها والتمكن من توصيل الأهاليلأطفالهم والقضاء على ظاهرة التسول التي كثرت فيالآونة الأخيرة على حد قوله.
أوضح أن فريق عمل أطفال مفقودة يدرس حالياً إنشاء دور رعاية للأطفال المفقودين والمتسولين الموجودين بشوارع مصر، معتزمين الانتهاء من جميع إجراءات هذه الدار والبدء فيمرحلة التنفيذ خلال النصف الأول من 2016.
أوضح أن الفريق فيمرحلة اختيار اسم الدار، مستبعدين اسم أطفال مفقودة مراعاة لشعور الأطفال وعدم إحساسهم بأنهم مفقودون فيالحياة، مشيراً إلى أنه بدأ التواصل مع إحدى الشركات الشهيرة لتصميم شكل الدار والألعاب المفترض أن تتواجد بها لتنمية مهارات الأطفال.
و نظم العشرات من أهالي الأطفال المفقودين والمخطوفين وقفة احتجاجية مؤخرا أمام جامع عمر مكرم بميدان التحرير، لمطالبة الجهات الأمنية بالعمل على إيجاد ذويهم، ورصد وتتبع العصابات التي تخطف الأطفال وتستغلهم في التسول.
ورفع الأهالي، صور عدد من الأطفال المختطفين، ورددوا هتافات "عيالنا فين"، وقال الأهالي إنهم من منطقتي القناطر والحسين مشيرين إلى أن أبناءهم تغيبوا عن المنزل منذ شهر يوليو 2014، وتوجهوا إلى جميع المسئولين دون أي جدوى في العثور عليهم سواء كانوا مفقودين أو مخطوفين.