دمشق - ميس خليل
دفعت البيئة في سورية ضريبة كبيرة بسبب الحرب ﻻسيما في المناطق النفطية، حيث سيطرة المجموعات المسلّحة على آبار النفط، المتركزة في المنطقة الشرقية، منذ ثلاثة أعوام، وباتت عمليات استخراج وتكرير النفط، تجري بطرق بدائية، دون مراعاة أدنى معايير السلامة الصحية والبيئية.
وصرَّح معاون مدير الدراسات والمعلوماتية، في وزارة البيئة، الدكتور المهندس أحمد نعمان، بأنَّ الدخان المنبعث من عمليات تكرير النفط، غير الشرعية، أدى إلى إطلاق غازات سامّة، مثل الهيدروكربونات، وأكاسيد الكبريت، وكبريت الهدروجين، ما لوّث الهواء في تلك المناطق، الأمر الذي نتجت منه أمراض خطرة، وبخاصّة الجلدية منها، إضافة إلى تسجيل حالات تشوّه خلقي، لدى الولادات الجديدة.
وأوضح نعمان أنَّ التلوث لم يعد محصورًا في مناطق وجود آبار النفط، بل تعدّاها إلى مناطق كثيرة أخرى، تعبرها خطوط نقل النفط، ولم يعد مقتصرًا على الهواء، بل أصاب المياه، والتربة أيضًا، كما هي الحال في مناطق الرستن، وتلكلخ، وغيرها.
وكانت الحرب قد سبّبت، إضافة إلى الخسائر الكارثيّة، بتوقّف عدد من المشاريع، التي كان من المفترض إنجازها لتحسين الواقع الخدمي والاقتصادي، كما أدى تراكم النفايات إلى انبعاثات سامّة وتلوّث التربة والمياه الجوفية.
وأشار نعمان إلى أنَّ الحرب سبّبت، على سبيل المثال، إيقاف 97 مشروعًا لإنشاء محطّات معالجة للمياه، عدا عن تدمير العديد من المنشآت المائية والبنى التحتية الخاصة بشبكات الصرف الصحي، وشبكات مياه الشرب والري، ما أدى إلى عدم القدرة على استيعاب الملوثات المطروحة، سواء الصلبة أو السائلة، وزيادة نسبة التلوث في المساحات المائية، وكان ذلك في مدن عدة مثل: درعا، والرقة، وإدلب، وبعض مناطق ريف حلب، وريف دمشق.
وأفاد المهندس البيئي علي غصن بأنّ الضرر الذي لحق بالموارد المائية، أدّى إلى ارتفاع مؤشرات التلوث العضوي والجرثومي بالمياه، بدليل انتشار أمراض مرتبطة بتلوث المياه، كالتهاب الكبد، وفايروسات الأنفلونزا، والإسهالات العامة
وأضاف غصن أنّ "تراكم النفايات أدى إلى انبعاثات ضارّة، مترافقة مع الروائح التي تصدر عنها، كذلك تخمّر بعضها، وتسرّب إلى التربة والمياه الجوفية، مسبّبًا أضرارًا متراكمة لا يمكن التخلص منها بسهولة".
وأشار إلى أن السكان، في بعض المناطق، اضطروا إلى حرق النفايات، لعدم تمكّن البلديات من ترحيلها، وبالتالي الإسهام في زيادة الانبعاثات السامة والمسرطنة.
وأضاف مصدر في وزارة الزراعة: "نتيجة للأوضاع الاقتصادية المترديّة التي يرزح تحتها اليوم المواطن، فقد لجأ البعض لقطع الأشجار الحرجية، واستخدامها كوسيلة للتدفئة، ما سبّب ضررًا كبيرًا للغطاء النباتي، إلى جانب الاعتداء، حرقًا، على الغابات والمحميّات. حيث تم حرق عدد كبير من أشجار الصنوبر والسنديان والبلوط والقطلب، في محمية البلعاس، ومنطقة أحراج السلمية، وغابات أبو قبيس، وغيرها، ما نتج منه تدهور كبير في التنوع الحيوي، النباتي والحيواني، وصل إلى حد انقراض بعض الأنواع، وخاصة من الطيور".
وأشار إلى أنَّ المساحة المحروقة، بسبب الأعمال المتطرفة، من الحراج السوريّة، وصلت إلى 17022 دونمًا، حتى نهاية عام 2014، يضاف إلى ذلك ظهور ملوّثات بيئية جديدة، ناجمة عن تصنيع المتفجرات، والعبوات الناسفة، وحفر الأنفاق وتدميرها باستخدام مواد متفجّرة تحتوي على أكاسيد النتروجين، والرصاص، فضلا عن أنّ حرائق المدن الصناعية، والانفجارات، وأدوات الحرب الميدانية، عادت لترفع تلك النسبة، بما أفرزته من ملوثات غازية، تؤثر على جهاز التنفس بالدرجة الأولى.