بغداد - نجلاء الطائي
تشهد معظم المدن العراقية، حركة هجرة واسعة منذ بدء سيطرة التنظيمات المتطرفة على مساحات شاسعة من البلاد، خصوصا شمال العراق وغربه، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور.
واعتبر بعض الناشطين أنَّ العراق لم يعد في وضع يشجع على البقاء فيه، خصوصا بعد تعرض المدن والأملاك الخاصة, والعامة إلى الدمار وتردي الخدمات.
وكشف رئيس لجنة المرحلين والمهجرين النيابية رعد الدهلكي، عن وجود مقترح قدم إلى رئاسة مجلس النواب حمل توقيع أكثر من 40 نائبًا لشمول المهجرين في تركيا والأردن بنفس استحقاقات المهجرين في الداخل، مبينًا أنَّ الهاجس الأمني في مقدمة الأسباب التي أجبرت العراقيين على الهروب من بلادهم واللجوء إلى الدول المجاورة وبعدها إلى أوروبا.
وأكد الدهلكي في تصريح إلى "العرب اليوم "، أنَّ عددًا من الأسباب دفعت العراقيين إلى الهجرة منها عدم معالجة الحكومة العراقية الوضع "المزري" للشباب والمواطن العراقي منذ سنين، فضلًا عن تدني الخدمات من ماء وكهرباء والقتل على الهوية والتهجير القسري للعديد من الطوائف والمكونات الدينية العراقية وخصوصا المسيحيين والايزيدين .
وأضاف إنَّ "المواطن العراقي لم يعد يرى من العراق بلدًا يؤمن فيه على عائلته وأطفاله ويوفر لهم حياة مترفة، مفضلًا بذلك الهرب بالطرق الشرعية وغير الشرعية إلى مناطق مجهولة في أوروبا وأميركا على الرغم من الوضع المعيشي الصعب في تلك البلدان".
وطالب، الحكومة العراقية باحتضان أبنائها من خلال توفير الخدمات والمعيشة الجيدة والأمن، موضحًا أنَّ الهجرة لم تشمل شريحة معينة بذاتها، وإنما شملت أساتذة الجامعات والأطباء ورؤوس الأموال والطالب والمواطن العادي، بينما اعتبر عدد من الناشطين، الهجرة إلى تركيا والدول المجاورة محطة للعبور إلى دول العالم عبر تسجيل أسمائهم في المنظمة الدولية للهجرة.
وبيَّن الناشط علي السراي أنَّ "عددًا من العائلات العراقية بدأت تعرض منازلها للبيع بشكل متزايد بعد المعارك الأخيرة التي شهدتها المدن العراقية وتردي الخدمات وتدهور الاقتصاد العراقي"، مضيفًا أنَّ "الإقبال على الهجرة بشكل دائم إلى أوروبا بات ظاهرة ملحوظة في العراق, ويتبين ذلك من شروع الناس, ولا سيما في الأحياء الأكثر عنفًا إلى عرض بيوتهم, وأراضيهم, ومحلاتهم للبيع لتأمين تكاليف السفر إلى الخارج".
وأشار السراي إلى أنَّ "هذه الظاهرة كانت موجودة من قبل إلا أنها لم تكن بهذه الوتيرة المتزايدة", وأرجع السبب إلى "المعارك الأخيرة التي شهدتها المدن الغربية والشمالية من العراق بعد هجمة التنظيمات المتطرفة الأخيرة, وتمركزها في عدة أحياء قبل أن تتمكن القوات الأمنية من إخراجها في الأشهر الماضية من محافظات صلاح الدين وعدد من مدن الأنبار، التي تسببت بخراب كبير في الأملاك العامة والخاصة، ولم يبقى لتلك العائلات شيء تناضل من أجله".
ويرى الإعلامي مشرق عباس، أنَّ السياسات الانفرادية والخاطئة من قبل الأحزاب الحاكمة وفرض الإحكام الاقصائية على شريحة معينة وسياسة الاعتقالات بحق النشطاء, والإعلاميين, والاضطهاد والظلم بحق الشباب وعدم إتاحة فرص عمل لهم، جميع تلك الأمور ساهمت في رفع نسبة الهجرة, والنزوح من العراق إلى دول أكثر أمنًا.
وفي خضم ذلك أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، عن مقتل نحو 20 عراقيًا غرقا خلال محاولتهم العبور إلى الأراضي الأوربية بحثا عن اللجوء.
وذكر عضو المفوضية مسرور أسود محي الدين في تصريحات صحافية، إنَّ العائلات العراقية بدأت بعرض منازلها للبيع بشكل متزايد، حيث تعيش أوضاعا صعبة جدا.
وبيَّن محي الدين أنَّ العديد من الشبان بدؤوا أخيرًا بالبحث عن طرق للجوء إلى الدول الأوربية، اغلبها تكون خطرة، نتيجة استعمال الممرات البحرية والإبحار عبر زوارق متهالكة صغيرة لا تستوعب أعدادهم الكثيرة، لافتا إلى أنه نتيجة ذلك فإن نحو 20 عراقيا حتى الآن لقوا حتفهم داخل البحار.
وحذرت حكومة إقليم كردستان الأشخاص الرامين التوجه إلى روسيا بغية العبور للدول الأوربية الأخرى بطرق غير قانونية، من ملاقاة مخاطر قد تصل إلى الموت.
وقالت ممثلية حكومة الإقليم في روسيا، في بيان اطلع عليه "العرب اليوم"، "نود أن نوضح للأشخاص الذين يرومون اللجوء إلى دول أوروبا متخذين طريق روسيا معبرا من الوقوع بشرك المهربين، أو ملاقاة الاعتقال أو مراحل اخطر من ذلك قد تصل إلى الموت".
وتابع البيان: "بالمختصر، لا وجود لأي طريقة للعبور من روسيا إلى دول أوروبا بطرق غير شرعية، كون الحدود الروسية معززة بحراسة مشددة تمنع حدوث ذلك".
ويعمد الآلاف من العراقيين الساكنين في المحافظات الغربية والوسطى التوجه إلى دول أوروبا وتركيا بحثا عن الأمان واستقرار، لاسيما بعد اجتياح "داعش" للأراضي العراقية وسيطرته على أكثر من ثلثها.