طهران - مهدي موسوي
تواصل إيران تجنيد اللاجئين الأفغان للقتال في سورية مع وعدهم براتب شهري وإقامة في مقابل ما يسمى المسعى المقدس لإنقاذ المزارات الشيعية في دمشق.
وتعد شعبة "الفاطميين" العسكرية من اللاجئين الأفغان في إيران وسورية ثاني أكبر قوة عسكرية أجنبية تقاتل لدعم الرئيس السوري بشار الأسد بعد ميليشيات "حزب الله" اللبناني.
وكشفت مصادر إيرانية في أيار/ مايو الماضي، أنَّ 200 من شعبة "الفاطميين" قتلوا في سورية منذ بداية الحرب، وزعمت إيران أنها تشارك بصفة استشارية في سورية وتوفد كبار القادة للتخطيط والإشراف على العمليات إلا أن التورط الأفغاني أوضح استخدام أساليب أخرى.
ويجرى التجنيد يوميا في مدن "مشهد" و "قم" الإيرانيتين اللتان تشهدان أكبر عدد من اللاجئين الأفغان، وتعد مدينة مشهد المدينة الثانية من حيث الازدحام بالسكان في إيران وتبعد ثلاث ساعات فقط بالسيارة عن حدود البلاد مع أفغانستان.
وتقبل إيران، الأفغان دون سن 18 عامًا شريطة أن يحصلوا على إذن كتابي من والديهم، وقتل على الأقل لاجئ أفغاني عمره 16 عامًا في سورية في وقت سابق هذا الخريف، ويكشف ارتفاع عدد الجنازات في إيران عن مشاركة كبيرة في الصراع السوري في أعقاب الضربات الجوية الروسية.
وتطلق إيران مصطلح "المدافعون عن الضريح المقدس" على هؤلاء القتلى في سورية، ويعد مسجد " أبولفازلي" في منطقة "غلشهر" شرق مدينة مشهد والتي تستوعب معظم الأفغان في المدينة المكان الذي يتجه إليه اللاجؤون من الشباب والرجال لتسجيل أسمائهم للاشتراك في القتال لصالح إيران في سورية، وفي خريف هذا العام اصطف حوالي 50 أفغانيا في المسجد الباهت ذي القبة والمئذنة المفقودتين لوضع أسمائهم على قائمة المشاركين في القتال، وكانت متطلبات المشاركة بسيطة ممثلة في تقديم ما يثبت أنهم أفغان مع موافقة كتابية من الوالدين.
وأوضح "مجتبى جلالي" وهو لاجئ أفغاني إيراني المولد عمره 24 عاما من مدينة مشهد فر أخيرًا إلى أوروبا، أن "هذا مجرد استغلال للضعفاء"، وزار جلالي الذي يعمل مصورًا محترفًا 10 جنازات لأفغان على الأقل في مدينته لقوا حتفهم في سورية، وتكشف بعض الصور عن هوية القتلى من أعضاء شعبة الفاطميين .
وعلى الرغم من كون "جلالي" إيراني المولد إلا أنه لم يحصل على الجنسية الإيرانية وكذلك الأمر مع كل طفل أفغاني يولد في إيران، ويواجه هؤلاء صعوبات كثيرة في مواصلة تعليمهم أو في فتح حسابات مصرفية أو عند تلقى أوراقه لمغادرة البلاد أو الحصول على عمل في إيران.
وأضاف جلالي: "هذه هي الحرب التي تخوضها إيران لحساب شخص آخر، ويدفع اللاجؤون الأفغان في إيران ثمن دعم طهران للأسد ويتم الكذب عليهم بشأن الدوافع الحقيقية للقتال، إنها ليست دوافع دينية لكنها سياسية، وبدلا من حماية اللاجئين نجد أن إيران تستخدمهم".
وبيّن أن اللاجئين الأفغان الشيعة في إيران لن يتوجهون إلى سورية للمخاطرة بحياتهم بدافع ديني ولكن رغبة في المال والاستقرار من أجل عائلاتهم، وسجلت إيران ما يقرب من مليون لاجئ أفغاني إلا أنه يعتقد أن البلاد تضم 2 مليون لاجئ على الأقل يعيشون بصورة غير قانونية.
وبرز دور شعبة الفاطميين العسكرية في وقت سابق هذا الأسبوع بعد ظهور مقطع صوتي للقائد الإيراني لقوة القدس والذراع الخارجي للحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني" وهو يشيد بالمشاركة الأفغانية، وتحدث سليماني في المقطع الصوتي عن جندي إيراني قتل أخيرا يدعى "مصطفى صدرزاده" والذي عرف نفسه كأفغاني باسم "سيد إبراهيم" للمشاركة في القتال في الحرب السورية، علما أنه قتل في سورية الأسبوع الماضي.
وأضاف سليماني وفقا للمقطع الصوتي الذي نشرته الوكالات المحلية: "سمعت في قرية دير العدس جنوب سورية عن شخص ما لديه لهجة طهرانية قوية على جهاز الاتصال اللاسلكي، وفي الأيام التالية عندما أشاروا لي أن هذا هو الرجل، لم نسمح لهم بالدخول ولذلك ذهب إلى مدينة مشهد وسجل اسمه باعتباره شخصًا أفغانيًا من أجل الانضمام إلى شعبة الفاطميين".
وأنشأت شعبة الفاطميين بعد اندلاع الصراع السوري عام 2011 بمساعدة اللاجئين الأفغان الذين تعاونوا سابقا مع إيران لاسيما قبل الغزو الأميركي للعراق عام 2001، وعلى الرغم من عدم معرفة عدد أعضائها بالتحديد إلا أنه ارتفع مستواها من لواء إلى فرقة عسكرية في وقت سابق من هذا العام، ويفترض أنها تضم ما يتراوح بين 10 آلاف إلى 12 ألف عضو، وذكرت وكالات إيرانية أن قائد الفرقة "رضا خفاري" قتل في سورية الشهر الماضي ولم يتضح بعد من الذي حل محله في القيادة.
وقُتل عدد متزايد من كبار الحرس الثوري الإيراني في سورية خلال الأسابيع الأخيرة ما يدل على مدى استعداد إيران للحفاظ على نفوذها الإستراتيجي في البلاد، كما قُتل "حسين الهمداني" في تشرين الأول/ أكتوبر، والذي يوصف بأنه أحد قادة النخبة للحرس الثوري الإيراني في محيط "حلب".
ونشرت إيران بعض قادتها الأكثر خبرة في سورية حسبما أفاد "مراد فيسي" الخبير المحنك من القوة العسكرية الإيرانية، وتشير حالات الوفاة إلى أن القادة الإيرانيين يعملون في وسط ساحات القتال، وبيّن فيسي: "أحدثت المشاركة الأفغانية فرقا كبيرا بالنسبة إلى إيران حيث وفرت المزيد من المساعدة لإيران أكثر من أي مجموعة أخرى باستثناء حزب الله"، وينتشر الأفغان لأغراض القتال هناك على الرغم من وجود عدد قليل منهم في المناصب الاستشارية العليا.
واستطاع "جلالي" التقاط صور للجنائز في مدينة مشهد لأنه عضو في جمعية المصورين التابعة للدولة، واعتقل أثناء التقاط إحدى الصورة في إحدى الجنازات في مشهد وتمت مصادرة كاميرته، وفر منذ ذلك الحين من إيران وطلب اللجوء السياسي في هولندا.
وتابع جلالي: "كنت أسمع يوميا عن العديد من اللاجئين الأفغان الذين يذهبون للقتال لصالح إيران وبشار الأسد في سورية، وكنت أتسأل لماذا يذهبون إلى هناك، وكنت أشاهد أسبوعيا 10 أو 15 شابا يعودون لدفن جثثهم في مدينة مشهد، وتستخدم السلطات الإيرانية كلمة شهيد بشكل خاطئ وفقا لما يتناسب معهم، وأخبرني لاجئ أفغاني صديق لي خاض القتال في سورية لصالح إيران أن المشارح في طهران تمتلئ بجثث الأفغان الذين قتلوا في سورية".