القاهرة ـ رضوى عاشور
حسمت وزارة الثقافة مصير منزل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في منشية البكري، بعد صراع وجدل بين مؤسسات الدولة استمر لما يقرب من 24 عاماً، حيث أعلن قطاع الفنون التشكيلية البدء في مشروع تحويل المنزل إلى متحف. وشهد هذا المنزل إصدار أخطر القرارات في تاريخ مصر المعاصر، كما زاره غالبيّة زعماء العالم، وكان شاهداً على اجتماعات مجلس قيادة الثورة، التي سبقت تأميم قناة السويس، وخطّط إقامة السد العالي، فيما شهدت حديقته حفلات زفاف أبناء عبدالناصر، وكان المنزل الخاص الأول للزعيم، بعدما خرجت زوجته من منزلهما الأول، قبل قيام الثورة، شبه مطرودة، بعد أن أبلغتها صاحبة البيت، أثناء غياب الرئيس الراحل في حرب فلسطين، أنّها تريد أن تبني طابقاً آخر فوق مسكنهما. وبدأت الخطوات الأولى من إعادة الترميم في الحديقة، التي طالها ايباس إثر الإهمال، إثر أعوام الصراع، في انتظار قرار جمهوري لتحويل المنزل إلى متحف، تنفيذاً لقرار مجلس الأمّة، الصادر في 1970، بشأن التنازل عن الدار، التي كان يقيم فيها عبدالناصر وأسرته طوال حياته، ومنح زوجته معاشاً قدره 539 جنيهاً و706 مليمات، على أن يخصّص المنزل بعد ذلك كمتحف ومزار، تخلّد به ذكرى الزعيم. وعقب وفاة زوجة الزعيم الراحل، أرسل أبناء عبدالناصر خطاباً، يطالبون فيه بوقف المعاش، وتنفيذ قرار تحويل المنزل إلى متحف، مؤكّدين استعدادهم للمشاركة في تحمل عبء هذا المشروع وتكاليفه، لكن الأمر ظلَّ معلقاً، حتى صدر قرار عام 2008 بتحويله لمتحف، إلا أنَّ القرار تعطّل من جديد، حتى ثورة "25 يناير" في 2011، وأسندت مهمة البدء في أعمال الترميم إلى قطاع الفنون التشكيليّة. ويستقبلك، داخل المنزل، الذي يقع على مساحة 13 ألفاً و400 متر مربع، تشمل مبنى من طابقين، على مساحة 1300 متر مربع، وتشغل الحديقة بقية المساحة، البهو الرئيسي، الذي يجرى العمل فيه، في الوقت الراهن، مع مراعاة الحفاظ على شكله وأرضياته، استعداداً لاستقبال مقتنيات الزعيم، وسيارته وملابسه. ويتكون المنزل من مبنى رئيسي، هو مسكن الزعيم الراحل، ومبنى ملحق، يضم العيادة، والمكتبة، ثم يقودك البهو إلى السلّم، وبجواره مصعد، أضيف إلى المنزل عام 1968، بعد أن أصيب عبدالناصر بتصلب في شرايين الساق، كإحدى مضاعفات مرض السكر، ما كان يسبب له آلاماً مضنية عند المشي، أو صعود الدرج. ويقود البهو في الدور الأرضي إلى الجناح الذي يضم مكتب الرئيس، والذي حتوي على غرف المكتب، والاستقبال، ومخزن للصحف، وصالون، ودورة مياه، كما يتضمن هذا الدور جناحاً من 4 غرف للاستقبال، وقاعة عرض سينمائي، وقاعة للمؤتمرات، إضافة إلى منطقة للخدمات، تشمل المطبخ والمخزن الخاص به، ويضمُّ أيضاً جناحاً للرئيس، فيه منطقة للمعيشة، وغرفة مكتب خاصة بالزعيم، وغرفتان للنوم، ملحق بكل منهما دورة مياه وغرفة للطعام، إضافة إلى جناح آخر لنوم بقية أفراد الأسرة، يحتوي على 11 غرفة نوم، و5 دورات مياه، وغرفة مُربّية، ومخزن، و5 شرفات تحيط بجميع الغرف. ولا يحتوى سطح المطبخ، الذي تبلغ مساحته 1070 متراً مربعاً إلا على عدد من الغرف، بنيت بغية حماية أجهزة التكييف من عوامل الجو المختلفة. وأوضح رئيس قطاع الفنون التشكيلية الدكتور صلاح المليجي أنَّ "خطة العمل في منزل الزعيم تنقسم إلى 3 مراحل، حيث بدأت الأولى بالفعل، والتي تشمل أعمال الترميم والإنشاءات والشبكات، فيما تعنى المرحلة الثانية باللمسات النهائية، أما المرحلة الثالثة فتخص تجهيز العرض المتحفي". وأشار إلى أنَّ "المتحف سيحوي عرضاً متعدّد الوسائط، يوثق بالأفلام تاريخ مصر، والأحداث البارزة، بداية من ثورة 1952، التي أنهت الحكم الملكي، مروراً ببناء السد العالي، وتأميم قناة السويس، والعدوان الثلاثي، والوحدة بين مصر وسورية، وحرب 1967، حتى وفاة عبدالناصر". وبيّن أنَّ "المتحف سيضمُّ مقتنيات، منها أوسمة ونياشين وهدايا تذكارية حصل عليها الزعيم الراحل، إضافة إلى مكتبة تحوي كل الكتب والأبحاث والمواد السمعية والبصرية، التي توثق لحياته وتاريخ مصر في هذه الحقبة، وهي المقتنيات الموجودة في دار الكتب، في باب الخلق، بغية ترميمها".