رام الله - تونس اليوم
أثار اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل غضباً متنامياً بين الفلسطينيين الذين يرون الدول العربية والإسلامية تسير في طريق لطالما أراد الفلسطينيون أن يكون لاحقاً لإقامة دولتهم المستقلة وليس قبل ذلك. لكن الاتفاق شكل أيضاً ضربة إضافية لحركة «حماس» التي كانت تربطها بالسودان علاقات خاصة سياسية وأمنية حتى وقت قريب، بل كانت تعتبر السودان واحدة من «دول الملاذ».وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن أهمية الاتفاق مع السودان تكمن في أنه جاء مع بلد لطالما وُصف بأنه «معاد»، بخلاف الوصف الذي كان يُطلق على الإمارات والبحرين، كما أنه شكل ضربة خاصة لـ«حماس»، بحسب التقرير.
وترى الصحيفة أن اتفاق السودان شكل ضربة قاسية للحركة التي كانت تتعامل مع السودان كمحطة مهمة لنقل الأسلحة إلى قطاع غزة. وأكدت أن السودان عمل إلى جانب إيران، وكان بمثابة قناة لنقل الأسلحة إلى «حماس»، وهو ما يفسر لماذا نفذت إسرائيل عمليات سرية وعلنية داخل السودان وعلى حدوده وقصفت أهدافاً هناك.وبحسب «يديعوت أحرونوت» لم يتعاون السودان مع إيران فقط، بل تعاون أيضاً في تسعينات القرن الماضي مع تنظيم «القاعدة» واستضاف زعيمه أسامة بن لادن ودعم تنفيذ هجمات ضد سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا، بحسب التقرير ذاته.
لكن السودان بدأ أخيراً في تغيير سياساته وقلبها رأساً على عقب، وكانت «حماس»، كما يبدو، واحدة من أكثر الخاسرين.وليس سراً أن الحركة كانت تتمتع بعلاقات خاصة مع السودان بما في ذلك تأمين الخرطوم ملاذاً للحركة وقادتها، ويوماً ما فكرت «حماس» بالاستقرار هناك أو على الأقل بإرسال بعض قادتها إلى السودان من أجل إقامة دائمة على أراضيه.وعملت «حماس» بالفعل من الأراضي السودانية لوقت طويل بما في ذلك استخدامها لنقل الأسلحة.
ورصدت «يديعوت» سلسلة من العمليات الإسرائيلية العلنية والسرية على أرض السودان، من بينها الضربة الكبيرة عام 2009 والتي دمرت خلالها تل أبيب قافلة أسلحة من 17 شاحنة شمال غربي مدينة بورتسودان، كانت متجهة إلى سيناء ومنها إلى غزة، وقتل في الضربة سودانيون وإريتريون.وبعد أشهر في نفس العام تم إغراق سفينة إيرانية تحمل أسلحة متجهة لغزة عبر السودان، وفي 2012 تم قصف مصنع أسلحة وصواريخ في السودان.وقاتلت «حماس» حتى اللحظة الأخيرة من أجل منع السودان من التوقيع مع إسرائيل.
وفي مايو (أيار) الماضي أرسل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، رسالة إلى الحكومة السودانية، قال فيها: «رسالتي للنظام السوداني، أنت حر في سياستك الداخلية والخارجية، ونحن لا نملي على أحد شيئاً، التطبيع مع إسرائيل من حيث البعد المصلحي، سراب زائف». وأضاف: «الخرطوم في الذاكرة الفلسطينية لها مكانة عظيمة، فلا نريد أن تفجعونا بأي تنازلات»، معرباً عن جاهزية «حماس» لتطوير العلاقة مع نظام الحكم الجديد في السودان، من دون تدخل في شؤونه الداخلية أو شؤون أي دولة عربية.
ووجهت الحركة بعد التوقيع انتقادات حادة للسودان. وقال سامي أبو زهري، القيادي في «حماس»، «إن هذا الاتفاق لا يتفق مع تاريخ السودان المناصر للقضية الفلسطينية».
وجاء في بيان وزعته الحركة: «تلقى شعبنا الفلسطيني البطل، ومعه كل شعوب الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم، خبر موافقة حكومة السودان على تطبيع العلاقات مع العدو ببالغ الصدمة والإدانة والاستنكار». ودعت «حماس» شعب السودان إلى رفض هذا الاتفاق، قائلة إنه لن يجلب للسودان استقراراً ولا انفراجاً، بل سيأخذه نحو المزيد من التشتت والتضييق والضياع. واعتبرت الحركة أيضاً أن التطبيع «لا يليق بالسودان شعباً وتاريخاً ومكانةً ودوراً كدولة عمق داعمة لفلسطين وقضيتها ومقاومتها».
ولجأت حركة «الجهاد الإسلامي» بدورها إلى التوجه للشعب السوداني، قائلة إن «النظام السوداني يسجل بذلك كتاباً أسود في تاريخ السودان بلد اللاءات الثلاث». وأضافت أن «السودان بلد كبير وقدم تضحيات كبيرة من أجل فلسطين والسودانيين أكثر وعياً بطبيعة المخطط الصهيو-أميركي الهادف لتمزيق الشمل العربي وحصار البلاد الإسلامية».
ورفض «حماس» و«الجهاد» لاتفاق السودان وإسرائيل جزء من رفض وغضب فلسطيني واسع عبرت عنه الرئاسة الفلسطينية وحركة «فتح» وبقية الفصائل.
وكان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد وصف الإعلان عن تطبيع العلاقات مع السودان بمثابة اختراق دراماتيكي للسلام، واصفاً الاتفاق بأنه تحول هائل. وأضاف: «الخرطوم اليوم تقول نعم للسلام مع إسرائيل، نعم للاعتراف بإسرائيل، هذه حقبة جديدة، يا لها من إثارة». ولفت نتنياهو إلى بيان مؤتمر الخرطوم عام 1967 بمعارضة أي سلام أو تفاوض مع إسرائيل، مقدماً شكره لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والرئيس الأميركي دونالد ترمب وطاقمه الذين عملوا جميعاً «من أجل هذا التحول الكبير».
قد يهمك ايضا
التفاصيل الكاملة لـ 90 دقيقة "مشتعلة" في المناظرة الأميركية الأولى بين بايدن وترامب
ترامب يُعزّي في أمير الكويت ويدعو دول الخليج للعمل من أجل المستقبل