تونس ـ كمال السليمي
قرّر المواطن التونسي شمس الدين مرزوق، الذي يعمل في الصيد، بعد أن كان يعمل كسائق على سيارة أجرة، إنشاء مقابر مؤقتة لتضم جثث عشرات المهاجرين الذين غرقوا، حيث كان مشهد غرق المهاجرين مشهدًا معتادًا في ليبيا في السنوات الأخيرة، لكن يبدو أنّ الحملة أصبحت قوية وممنهجة ضد دخولهم الأراضي التونسية، ويقول عن اهتمامه بهذا الأمر: "إنّ دفنهم هنا ليس خطأهم، لكنه خطأنا نحن، إنه خطأ العالم أجمع".
وأقدم مرزوق، بمساعدة مجموعة من المتطوّعين في بلدة جرجيس لصيد الأسماك جنوبي تونس، بالقرب من الحدود الليبية، على دفن جثث المهاجرين المتناثرة على الشاطئ، أو التي يجدها الصيادون في البحر، في قطعة أرض صغيرة مساحتها 600 متر مربع، تقع إلى جوار بستان زيتون، وهي بمثابة موقع دفن غير رسمي، حيث تمّ تجهيز حفر في الأرض جاهزة لاستقبال أشخاص لم يجدوا الفرصة لحياة كريمة في أوطانهم، كما تمّ تجهيز بعضًا من الأكياس البلاستيكية في فروع أشجار الزيتون، وتتميّز الأرض، بأنّها تطلّ على ملعب كرة القدم الجديد، كما تنتشر في جميع الأنحاء، أكوام من الرمل تؤكّد وجود مقابر حديثة، بينما في الطرف الآخر من الموقع، أزالت الرياح كلّ أثر للقبور القديمة للمهاجرين الغارقين، ولا توجد شواهد قبور أو حتّى أعلام، فلا علامات غير أكوام الرمال المتآكلة من الرياح.
ويشرف مرزوق، الذي يتوقع وصول المزيد من المهاجرين إلى تونس، من الأحياء والأموات، على إغاثة الأحياء، الذين ينتهي بهم المطاف في المأوى المحلي التابع للهلال الأحمر، حيث يتلقون الحليب والخبز والصابون والماء والأرز، كما يمكن تأمين بعض الأموال لدعمهم بمبلغ لا يتعدّى الـ4.5 جنيهات إسترلينية في الأسبوع.
يشار إلى أنّه وفقًا للهلال الأحمر فإنّ عدد الوافدين الجدد من ليبيا يُقدّر بالآلاف، وأصبحت تونس، هذا العام، كالمغناطيس لهؤلاء المهاجرين ومن يقوم بتهريبهم، عندما دفعت مساعي الاتحاد الأوروبي، خاصة الحكومة الإيطالية إلى الحد من مشكلة الهجرة غير الشرعية من ليبيا، ما أدى إلى نقل المشكلة إلى الشمال الغربي.