دمشق ـ نورا خوام
لم يكن يتوقع الشاب السوري محمد خيرالله والذي أتى ليقيم في بلدة بروسبيكت بارك بولاية نيوجرسي في العام 1992، أنه سيصبح يوما ما رئيسا لبلديتها، حيث كانت حياة خيرالله قبل وصوله إلى أميركا تدور حول الفرار من الحرب, في العام 1980، وخلال أول انتفاضة ضد الرئيس السوري في ذلك الحين، حافظ الأسد، ولجأ خيرالله، الطفل ذو الخمس سنوات، مع عائلته إلى السعودية, وبعد 11 عامًا انتقل إلى الولايات المتحدة, من رجل إطفاء إلى رئيس بلدية لثلاث دورات.
يقول خيرالله إن بروسبيكت بارك البالغ عدد سكانها 6000 نسمة والتي تبعد 35 كيلومترًا عن قلب نيويورك لطالما كانت مجتمعا مرحبا بـ المهاجرين, وحينما تقدم للعمل كإطفائي متطوّع في العام 1994 بدلّت البلدة القواعد المتبعة بحيث سمحت لغير المواطنين الأميركيين أن ينخرطوا في فريق الإطفاء, فيما كان إطفائيون متطوّعون ممن شجعوا خيرالله على الترشح، وألهموه بفكرة الدخول إلى العمل السياسي, وهكذا في العام 2001 قام بذلك بالضبط وبعد عام من حصوله على الجنسية الأميركية, والآن وهو في ولايته الثالثة رئيسًا للبلدية، يمثل خيرالله بلدة تبلغ نسبة العرب والمسلمين فيها 15%.
وعاد خير الله إلى سورية سبع مرات منذ اندلاع الحرب فيها، وذلك لإيصال غذاء ولوازم إلى مدارس ومستشفيات محتاجة. ومؤخرا ساعد في تأسيس مستشفى تحت الأرض في حلب بالنيابة عن الجمعية الطبية السورية الأميركية، وهي مؤسسة ساهمت في علاج 2.6 مليون مريض في المنطقة بمن فيهم 320 ألف لاجئ.
ويتحدث خيرالله كما قرينته التي التقاها في سورية وأولادهما الثلاثة، العربية في المنزل والإنكليزية خارجه، كي يمكن لأبنائه أن يجيدوا اللغتين. وهدفه بالنسبة لأبنائه هو تعريضهم للعالم، بجوانبه الطيبة والسيئة، وأن يعود إلى سورية برفقتهم في يوم ما كي يمكنهم أن يطلعوا على "تاريخها الثري والجميل", وصرّح خيرالله: "هناك الكثير من الحروب، والكثير من الأحقاد، وأنا لا أود أن يكونوا مصدرا لذلك. إنما أود أن يصبحوا عناصر إيجابية في العالم".