بغداد ـ نهال قباني
عاني المدنيون العراقيون من جروح خطيرة، بعد أن ألقت القوات التي تقاتل لتحرير الموصل قذائف الفسفور الأبيض القاتلة، واستُخدمت هذه المادة مؤخرًا فوق قرية كرملاش على بعد 12 ميلًا شرق الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية، وتقع الموصل حاليًا تحت سيطرة مقاتلي تنظيم "داعش"، إلا أن الجماعات العسكرية الشيعية المدعومة من الدولة، شنّت هجومًا لاستعادة المدينة.
وتعدّ قرية كرملاش غير مأهولة بالسكان إلا أن ذلك لا ينفي الآثار الضارة التي يمكن أن يحدثها الفسفور على المدنيين، وأنها ستسبب المشاكل عند عودة الناس إلى ديارهم، ويمكن أن تلتصق مادة الفسفور بالملابس أو الجلد وتستمر في الحرق مع تطاير الجزيئات في الهواء، وزعم خبراء في خدمة المعلومات العسكرية الأميركية GlobalSecurity.org أن حروقات الجلد الناجمة عن هذه المادة عميقة ومؤلمة، وأضافت المنظمة "عادة ما تكون هذه الحروق متعددة وعميقة ومتغيرة في الحجم، وتسبب هذه المادة إصابات شديدة في العين، وتواصل جزيئاتها الحرق مالم يتم تجريد الأكسجين في الغلاف الجوي، وتمكن خطورة تلك الأسلحة في أن الفسفور يستمر في الحرق حتى يختفي، وإذا ضرب أحد أفراد الخدمة بقطعة من الفسفور الأبيض فيظل الجلد يحترق وصولًا إلى العظام".
وتستخدم مادة الفسفور الشبية بالنابالم كمادة كيميائية في القذائف والقنابل اليدوية ما يثير حرارة شديدة تصل إلى 30 C، وينتج أعمدة كثيفة من الدخان، ولا يعدّ الفسفور المادة الكيميائية الوحيدة التي استخدمت في الصراع العراقي، وأشعل الجهاديون النار في محطة كبريت المشراق الأسبوع الماضي، ما خلق سحابة سامة وأرهق الكثير من الناس الذين استنشقوا الغاز، وامتلأت مستشفيات الموصل بالضحايا وبينهم أطفال ونساء حوامل، يعانون من مشاكل في التنفس، وأظهرت صور الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا انتشار سحابة الكبريت والتي غطت نحو ربع العراق وانتشر في اتجاه تركيا وسورية وإيران.
وتأتي الأنباء عن استخدام الفسفور مع بدء قوات التحالف الهجوم على مسلحي "داعش" في بلدة تلعفر غرب الموصل، وكان مقاتلو منظمة "الحشد الشعبي" التي تسيطر عليها الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران على الهامش منذ بدء عملية استعادة الموصل من أيدي "داعش" الأسبوع الماضي. وذكر المتحدث باسم جماعة الحشد "أحمد الأسدي"، "تهدف العملية إلى قطع الإمدادات بين الموصل والرقة وتشديد الحصار على "داعش" في الموصل وتحرير تلعفر"، وبين الأسدي أن العملية تهدف إلى استعادة السيطرة على مدن الحضر وتل عبطة، وربما تؤدي العملية إلى القتال بالقرب من مدينة الحضر القديمة والتي تقع إلى الشمال الشرقي من البلدة التي تحمل نفس الإسم، وهي من مواقع التراث العالمي، وفقًا لتصنيف اليونسكو وخربته داعش من قبل.
ويعدّ تورط الميليشيات الشيعية في عملية الموصل مصدر للجدل، على الرغم من إصرار كبار قادة جماعة الحشد على أنهم لا يخططون لدخول المدينة السُنية، فيما عارض الأكراد العراقيون والسياسيون العرب السنة تدخلهم، وكذلك تركيا والتي لها وجود عسكري شرق الموصل على الرغم من المطالب المتكررة من بغداد من أجل سحب القوات، وتشهد العلاقات بين جماعة الحاشد وقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، توترات، وتتمتع قوات جماعة الحاشد بتأييد واسع بين أعضاء الأغلبية الشيعية في العراق، وتعدّ بلدة تلعفر ذات أغلبية شيعية قبل أن يستولي عليها متطرفو "داعش" عام 2014، وتعتبر استعادتها هدفًا رئيسيًا لقوات الميليشيات الشيعية، واجتاحت "داعش" مناطق واسعة شمال وغرب بغداد عام 2014 إلا أن القوات العراقية نجحت في استعادة أراضي واسعة، فيما تعتبر الموصل أخر أكبر مدينة يسيطر عليها الجهاديون.