موسكو ـ حسن عمارة
يثير مقتل زعيم الحرب الموالي لموسكو أرساني بافلوف العديد من التكهنات، حيث تتواتر معلومات بأن مقتله جاء نتيجة معرفته بهوية من أسقطوا الطائرة التابعة لخطوط الطيران الماليزية "إم اتش 17"، في حادث أدى إلى مقتل ثلاثمائة راكب بالإضافة إلى فريق العمل بالطائرة، حسب ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وكشفت الصحيفة أن فيديو جديدًا تم تداوله مؤخرا لعدد من أفراد "فريق الموت" الموالي لأوكرانيا يؤدون التحية النازية بعد مقتل بافلوف، والمعروف باسم "موتورولا". إلا أن شكوكًا عديدة أثيرت مؤخرا حول ما إذا كانت القوات الأوكرانية قد تورطت بالفعل في قتل الرجل، والذي يبلغ من العمر 33 عامًا، في حين أن بعضًا اخر من المتابعين يرجحون إقدام روسيا على تنفيذ عملية اغتياليه.
ومقتل قائد المرتزقة المولود في روسيا، دفعت العديد من الخبراء إلى التحذير من جراء زيادة محتملة في موجة من العنف والاغتيال، وهو الأمر الذي قد يفتح الباب أمام حرب جديدة بين القبائل الروسية وأوكرانيا. وتقول "ديلي ميل" إن المقاتل الروسي الأصل قد قتل جنبًا إلى جنب مع حارسه الشخصي إثر انفجار قنبلة بدائية الصنع داخل المصعد في مبنى سكني مملوك له، حيث شوهدت بقعًا من الدماء في الخارج بعد رفع جثتيهما من المصعد.
وهناك تكهنات كبيرة تدور حول أن مقتل الرجل جاء بناء على أوامر صادرة من الكرملن، وذلك لأنه يعرف الكثير عن سقوط الطائرة التابعة لخطوط الطيران الماليزية، بصاروخ في شهر يوليو/تموز من عام 2014.
وتربط الصحفية الروسية يوليا لاتينيتا بين مقتل قائد المرتزقة الموالي لروسيا، إسقاط الطائرة الماليزية، موضحة أن بافلوف كان يعرف هوية من أسقطوها، في حين أن آخرين رأوا أن القوات الروسية قامت بتصفيته لأنها تسعى إلى فك ارتباطها بأي شخص تحوم حول الشبهات بارتكاب جرائم حرب.
ويقول الخبير السياسي اليكس كوكشاروف، والمتخصص في الشأن الروسي والأوكراني، أن الحكومة الروسية تسعى للتعامل مع وجوه مدنية أكثر قبولا، وبالتالي تسعى لتطهير نفسها من الارتباط بأشخاص سواء تورطوا في ارتكاب جرائم حرب او في إسقاط الطائرة الماليزية. ولكن النظريات التي تدور حول مقتل هذا الرجل لم تتوقف عند هذا الحد، كما تقول صحيفة "ديلي ميل"، حيث أن هناك شكوكًا تدور حول تصفيته بسبب سعيه للسيطرة على السوق السوداء في جمهورية الدونيتسك الشعبية.
ونقلت صحيفة "التليغراف" البريطانية عن مصادر، وصفتها بالمقربة من الإنفصاليين، أن "موتورولا" يمكن أن يكون قتل في إطار صراع داخلي من أجل السيطرة على السوق السوداء، في حين يقول فريق أخر أن اغتياله في إطار محاولة التخلص من الجيل الأول من المتمردين، والذين تلطخت أياديهم بجرائم الحرب، في ظل حاجة الكرملن لوجوه أكثر قبولا في المرحلة المقبلة. بينما رأى خبراء أخرون أنه من المستبعد أن تكون القوات الأوكرانية هي المتورطة في قتل زعيم الحرب الموالي لموسكو، خاصة وأن الرجل كان حريصا للغاية سواء من جهة الأمن أو حتى من جهة التعامل مع أسرته، وبالتالي فإن الوصول إليه وقتله يتطلب شخصا من الدائرة المحيطة به حتى يتمكن من القيام بتلك المهمة.
وقد انتشرت لقطات مصورة لأشخاص، يدَّعون أنهم من الفصائل المناهضة لموسكو، ظهروا ملثمين، بينما كانوا يؤدون التحية النازية، وقالوا "لقد كان يومًا جيدا، حيث تمكنا من تصفية الإرهابي المعروف موتورولا." إلا أن المتحدثين كانوا يتحدثون باللهجة الروسية وليس الأوكرانية.
وكان بافلوف ترك "دونيتسك" متوجها إلى شبه جزيرة القرم في 18 يوليو/تموز 2014، أي في اليوم التالي لسقوط الطائرة الماليزية، بصحبة زوجته الجديدة إيلينا كولينكينا، والتي كانت تبلغ من العمر في ذلك الوقت 21 عاما. وتقول الديلي ميل أن بافلوف كان فد تعرض لمحاولة اغتيال سابقة في شهر يونيو/حزيران الماضي.
وترأس بافلوف كتيبة "سبارتا" في أوكرانيا، والتي كانت أكثر الكتائب سيئة السمعة بسبب سوء الانضباط والانتهاكات الكبيرة التي ارتكبتها من قبل. وألقت الحكومة الأوكرانية باللوم على بافلوف، والذي عمل من قبل كعامل انقاذ وكذلك في غسيل السيارات، في قتل ما لا يقل عن 15 سجين حرب خلال الصراع الدموي الذي شهدته أوكرانيا.
ويقول المحلل الروسي ايغور كوروتشينكو إن جولة جديدة من المعارك تبدو منتظرة في دونباس خلال المرحل المقبلة. الأمر ربما أصبح لا مفر منه على الإطلاق."
ورأى مؤيدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن مقتل بافلوف يقع على عاتق الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، معتبرين أن تلك الخطوة تعد انتهاكا صريحا لوقف اطلاق النار.
ويقول أليكساندر زاخارشينكو، رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية أن بوروشينكو خرق وقف إطلاق النار، معتبرا أن مقتل بافلوف هو بمثابة أعلان حرب من قبل كييف. وأضاف مخاطبا "هذا يكفي وعليك الإنتظار... لقد قتلت أقرب أصدقائي، وهو الأمر الذي لا يعد تحديا عاديا بالنسبة لنا." وتابع: "أقول للقوات المسلحة الأوكرانية وجهاز الأمن الوطني والمخابرات أنهم ينبغي أن يكونوا خائفين جدا في المرحلة المقبلة."
في حين أن مصدرا أخر قال إن "مقتل بافلوف هي بمثابة إعلان حرب إرهابية." بينما حذر المتحدث باسم جمهورية "لوجانسك" الشعبية المجاورة، والموالية لموسكو، من أن مرتكبي جريمة قتل بافلوف سوف يتم العثور عليهم ومعاقبتهم.
بافلوف كان ينظر إليه كبطل من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما كمجرم من قبل نظيره الأوكراني، حيث نقل عن بوروشينكوف قوله الشهر الماضي إن أحد سجناء الحرب ويدعى ايهور قد قتل على يد أحد أفراد العصابات اللاإنسانية، والذي يلقب بـ"موتورولا"، وهو الأمر الذي يعد مخالفا لكافة الأعراف والتقاليد الدولية.
بافلوف والذي تزوج في عام 2014، يبدو أنه كان متزوجا من امرأة أخرى قبل ذلك في موسكو سرا، حيث أكدت فيكتوريا كوندراشوفا أنها تزوجت منه سرا وأنجبت ابنهما دانيا، وأنها ترغب أن في زيارة قبره بصحبة ابنها.