برلين – العرب اليوم
تقدر دائرة حماية الدستور الاتحادية الألمانية "الأمن العام" ، في آخر تقرير لها، عدد الخطرين المشتبه فيهم بالإرهاب بنحو 678 شخصاً، يضاف إليهم نحو 400 شخص من المستعدين لدعم عمليات إرهابية ممكنة. وبعد حديث وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير قبل أشهر عن نظام جديد لتقييم وتصنيف الخطرين، ذكرت صحيفة "فرانكفورتر الغيماينة" الواسعة الانتشار، أن الأمن الألماني يبدأ من اليوم استخدام نظام جديد لتقييم الخطرين يطلق عليه اسم "رادار داعش".
وجاء في تقرير للصحيفة المعروفة أمس الجمعة، أن اسم النظام هو «Radar - iTE»، وهو مختصر يشير فيه الحرفان "آي" و"تي" إلى إرهاب المتطرفين. وعملت مجموعة من الخبراء في الإرهاب والجريمة وعلم النفس والاجتماع، من مؤسسات الشرطة ومن بعض الجامعات الألمانية، على وضع مفردات نظام الكشف المبكر عن الإرهابيين في ألمانيا.
واستخدمت المجموعة البيانات المتوفر في بنك المعلومات الأوروبي حول الإرهاب في تقييم كل متهم بالإرهاب على حدة. كما ضمّن الباحثون في الرادار سجلات الخطرين والمعطيات حول محيطهم العائلي ومحيط أصدقائهم، والمساجد التي يزورونها.
وتحتوي القاعدة المعلوماتية لـ"رادار داعش" أيضاً على معلومات حول معرفة الخطر بالسلاح والمتفجرات، وميول المشتبه فيه نحو العنف، باعتبارها معلومات تعين في تصنيف المشتبه فيهم بالإرهاب. كما يتجاوز "رادار داعش" الثغرات في النظام القديم المتمثلة بعدم شمول المراهقين ونسيان دراسة الوضع النفسي والعقلي للمشتبه فيه. خصوصا أن عدداً من منفذي العمليات الإرهابية في ألمانيا كانوا من المعانين من اضطرابات عقلية والمختلين.
ويمنح الرادار درجات لكل مشتبه فيه بالإرهاب على أساس 73 سؤالاً مختلفاً تتعلق بمختلف جوانب حياته. ويجري الرد على كل سؤال بنعم أم لا، بحسب تقدير الخبراء النفسيين الذين ساهموا في وضع الأسئلة. وعلى هذا الأساس يمنح خبراء دائرة حماية الدستور "مديرية الأمن العام" درجات بالألوان لكل المشتبه فيهم في قائمة الخطرين. وينال من يجمع نقاطاً كثيرة اللون الأحمر دلالة على شدة خطورته، ثم يتدرج اللون من البرتقالي إلى الأصفر "الأقل خطورة".
اختبرت الشرطة كفاءة النظام الجديد على مشتبه فيه أخرجت قوى الأمن من قائمة الخطرين رغم خطورته الظاهرة، وهو أنيس العامري. ويقول التقرير إن التونسي أنيس العامري (24 سنة)، الذي نفذ عملية الدهس الإرهابية ببرلين، نال اللون الأحمر من "رادار الإرهاب" بكل سهولة.
ومعروف أن العامري قاد شاحنة في سوق لأعياد الميلاد ببرلين يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي وأودى بحياة 12 شخصاً. ونجح الإرهابي في التسلل من ألمانيا وصولاً إلى إيطاليا، حيث تعرف عليه شرطيان وأردياه قتيلاً. وذكر متحدث باسم دائرة حماية الدستور لصحيفة "فرانكفورتر الغيماينة"، أن "رادار داعش" الجديد سيوحد طريقة تقييم الخطرين على المستوى الاتحادي وعلى مستوى الولايات. كما أنه يتجاوز مشاكل العمر والوضع العقلي للمشتبه فيه التي تتعلق بالنظام القديم. وقال المتحدث "أنتظر عملية إرهابية أخرى في هذا العام، إلا أنني أتمنى ألا يكون الفاعل محترفاً".
وفضلاً عن المعلومات حولـ"رادار داعش"، يورد تقرير الجريدة آخر البيانات المستمدة من دائرة حماية الدستور حول الإرهاب. وأحصت الدائرة 350 ضحية و1300 جريح للعمليات الإرهابية في أوروبا حتى الآن، ارتكبها 40 إرهابيا معظمهم من المنتمين إلى "داعش" أو من المتعاطفين معه على الإنترنيت. وشهدت الأشهر الاثني عشر الماضية 5 عمليات إرهابية في ألمانيا، بينما لم تشهد البلاد في السابق غير عملية واحدة حصلت قبل ست سنوات ومات فيها جنديان أميركيان في مطار فرانكفورت بسلاح كوسوفي مختل.
ووصلت إلى الدوائر الأمنية المختلفة، على الخط الساخن المخصص للتبليغ عن الإرهاب، 447 بلاغاً عن عمليات إرهابية محتملة، تعاملت الشرطة مع 300 منها بجدية وفتحت التحقيق مع 165 مشتبه فيهم. ووصلت معظم التبليغات إلى الدوائر الأمنية من بيوت اللاجئين.
في الحرب على الإرهاب على الإنترنيت، أقر البرلمان الألماني أمس الجمعة خطة لتغريم شبكات التواصل الاجتماعي ما يصل إلى 50 مليون يورو "57.04 مليون دولار" إذا تكرر تقاعسها عن إزالة التدوينات التي تتضمن خطاب الكراهية. وجاء إقرار المشروع وسط مخاوف تحدثت عنها المعارضة البرلمانية بالعلاقة تقييد حرية التعبير.
وتطبق ألمانيا بعضاً من أشد القوانين في العالم فيما يتعلق بالتشهير والتحريض العلني على الكراهية وتهديدات العنف كما تسجن كل من ينفي وقوع محارق النازي أو يحرض على كراهية الأقليات. لكن الملاحقة القانونية نادرا ما تشمل حالات على الإنترنت. ويلزم هذا الإجراء مواقع التواصل الاجتماعي بإزالة خطاب الكراهية الواضح وغيره من التدوينات خلال 24 ساعة من تلقي إخطار أو شكوى وحظر أي محتوى مسيء خلال سبعة أيام.
وأطلق وزير العدل الاتحادي، هايكو ماس، على التشريع اسم "قانون فرض الرقابة على شبكة الإنترنت". وقال الوزير، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي: إن الحكومة الألمانية مضطرة إلى فرض مثل هذه القوانين على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن التجربة أثبتت أن هذه المواقع لا تنفذ التعليمات من دون ضغط.
جدير بالذكر، أن الحزبين الحكوميين، الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي، اختلفا نحو ستة أشهر حول الجهة التي تقرر العقوبات وطريقة تنفيذها. وتم الاتفاق مؤخراً بين الطرفين على إماطة مهمة العقوبات بلجنة محايدة تخضع لدائرة العدل الاتحادية. ولأن معظم هذه المواقع تتخذ مقرات لها خارج ألمانيا فقد تم الاتفاق على أن تجري محاسبة ممثليها في ألمانيا عند ارتكاب المخالفات.