واشنطن - رولا عيسى
استيقظ موسى الموساوي على اتصال هاتفي من والدته تحدثه من العراق، وهي خائفة وتبكي بسبب القانون الأميركي الجديد الذي ربما ينهي تعليم ابنها أو يمنعها من رؤيته لعدة أعوام، ولم يوقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأمر التنفيذي الذي يدعو إلى إجراءات تدقيق جيدة لإبقاء الإسلاميين الراديكاليين خارج الولايات المتحدة، إلا أن التقارير أشارت في وقت مبكر إلى أن الرئيس الأميركي يعتزم حظر المواطنين من 7 دول تقطنها أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة وهو ما من شأنه التأثير على موسى الموساوي العراقي الذي يدرس القانون في كلية بوسطن بتأشيرة طالب، وذكر موسى بعد أن واسى والدته "كانت والدتي منزعجة من ذلك"، إلا أنه بدأ مهمة أكثر صعوبة لتهدئة مخاوفه بشأن الأمر التنفيذي حول الهجرة.
وتضمن القرار قيودًا شديدة على الهجرة من البلدان السبعة، ومنها وقف قبول كل طلبات اللجوء لمدة 120 يومًا وحظر لأجل غير مسمى لجميع اللاجئين السوريين، ويستخدم الموساوي "24 عامًا" الكرسي المتحرك ويعتقد أن لديه أمل ضعيف في إنهاء تعليمه أو بدء مسيرته المهنية في حال إجباره على العودة إلى دياره، وأضاف الموساوي في مقابلة عبر الهاتف "أنا من العراق وليس لدي إقامة في بلد آخر ولذلك بالنسبة لي إجباري على مغادرة الولايات المتحدة تعني العودة إلى العراق، أعاني من إعاقة وإن لم أستطع البقاء هنا فلن أتمكن من إنهاء دراستي، وبالتالي سيكون ذلك وقف كامل لمسيرتي المهنية".
وأفاد الموساوي أن التقارير الأولية المتضاربة والشائعات حول كيفية تطبيق الضوابط الجديدة تعد أكثر إثارة للخوف من مشروع القانون الذي تم تسريبه والذي دعا إلى حظر 30 يوما على تأشيرات العراقيين، ووصل الأمر النهائي إلى حظر لمدة 90 يومًا، ولم يتضح كيف ستجري عملية الفحص، خاصة وأن الرسائل التي يتم توجيهها تقشعر لها الأبدان ولاسيما بالنسبة لشخص كان يشعر أنه مرحب به في أميركا، وتابع الموساوي "إنه أمر متناقض تمامًا مع ما شهدته مسبقًا، ولا يتعلق الأمر بأن المسلمين لا يواجهون الاضطهاد أو المضايقة في أميركا، لكني تميزت شخصيًا بعدم المرور بذلك مع الترحيب بي".
ويشعر الناس الذين ينتمون إلى البلدان السبعة المحظورة بالدهشة وهي الصومال والسودان واليمن والعراق وليبيا وإيران وسورية، وشنت حملة ترامب الانتخابية هجمات على المسلمين بما في ذلك الاقتراج بإنشاء سجل بأسماء المسلمين الأميركيين مع خطط لفرض حظر على دخولهم إلى البلاد ومطاردة عائلة Gold Star والذي توفى نجلها من أجل وطنه، وحذر الناشطون والمحللون الذين خاطروا بحياتهم من أجل الديمقراطية داخل الوطن من أن هذا النظام سيضر بقوة أميركا الناعمة التي بُنيت على أساس دورها كبطل راعٍ للحرية، وبيّن فارع المسلمي الناشط اليمني والمؤسس المشارك لمركز صنعاء للدراسات الاستيراتيجية " من أجل المجتمع المدني والديمقراطية وكل شخص يؤمن بالحرية، إنه ضربة كبيرة للأميركيين أنفسهم وليس فقط للعالم".
ويؤثر هذا القرار على المسلمي وفريقه الذين يسافرون بانتظام إلى الولايات المتحدة، إلا أنه سيكون له تأثير قليل من الناحية العملية على اليمنيين في الداخل، وأوضح المسلمي أن التحالف الذي تدعمه السعودية ويدعم أحد الجانبين في الحرب الأهلية المستعرة كان له أثره في إغلاق المطار الرئيسي ما يعني أن لا أحد سيغادر إلى أي مكان، وربما يقلل الأمر التنفيذي من الدعم لأحد أولويات ترامب المعلنة في المعركة العالمية ضد التطرف من خلال استهداف الدول التي تقع على خط المواجهة، وبالتالي سيفقدون دعمهم ومعرفتهم بواشنطن في حال منع مواطنيهم من دخول أميركا.
وتقول العراقية رشا العقيدي الباحثة في مؤسسة المسبار للدراسات "لا أستطيع التفكير في بلد أخر قدم المزيد في الحرب ضد تنظيم داعش"، مشيرة إلى مئات الأرواح التي فُقدت مؤخرا لطرد الجماعة المتطرفة من أكبر قاعدة في العراق وهي الموصل، والمعركة هناك مستمرة منذ أشهر وربما تستمر حتى فصل الربيع، وأضافت العقيدي "أعتقد أن إدراج العراق ضمن قائمة البلدان المحظورة يتجاهل آلاف الأرواح التي تم التضحية بها خلال 100 يوما مضت لتحرير نصف الموصل"، وبالنسبة للسوريين الذين يقاتلون "داعش" والحكم الاستبدادي لنظام بشار الأسد لأكثر من نصف عقد من الزمن يعتبر الرفض من قبل الدولة التي اعتبرت قتالهم ذات مسؤولية كبيرة أمرا مريرا.
وأضاف السوري سالم سلامة مدير الجامعة الفلسطينية لحقوق الإنسان واللاجئ مرتين "نحن في حاجة إلى توضيح أن الولايات المتحدة لا تغرب في سحب ثقلها أو الوقوف بجانب مبادئها كدولة ديمقراطية"، ونشأ سالم ف مخيم الفلسطينيين في سورية ثم لاذ بالفرار إلى أوروبا خلال الحرب الأهلية، وتابع سالم " أعتقد أن أحد أكثر الجوانب المخيفة في الأمر التنفيذي هو الإشارة بوضوح إلى أن جز من عملي الفحص للاجئين الراغبين في الاستقرار في أميركا ستتم على أساس المعتقدات الدينية، مع تجاهل حقيقة أن المسلمين أنفسهم هم ضحايا الجماعات المتطرفة".
وتأثر عمل ناشطين مثل اليمنية "ندوة الدوسري" حتى قبل إعلان تفاصيل الأمر التنفيذي، حيث تعمل الدوسري في أميركا كمحلل صراع وزميل في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، وتتفهم الدوسري أن بلادها تضم فرع لتنظيم القاعدة بجانب المعارضة المتزمة فضلا عن تغذية الأسلحة الأميركية للحرب الأهلية الوحشية الدائرة هناك، وتابعت الدوسري " ألغيت رحلة قادمة إلى اليمن لأنني قلقة من عدم السماح لي بالعودة إلى أميركا مرة أخرى، ما يفعله ترامب هو تصريح ضمني بأن كل من جاء من هذه البلدان هو متطرف محتمل، وتعد الآثار المترتبة على ذلك بالنسبة للسياسة الأميريكية لمكافحة النطرف مدعاة لقلق كبير بشأن الديمقراطية والحريات وجهود مكافحة التطرف ذاتها".
وتشير محامية حقوق الإنسان الأميركية إريكا جاستون، والتي لديها خبرة تزيد عن 10 سنوات في أفغانستان واليمن إلى هذا القلق، مضيفة " لدينا أمن وطني هام ومصالح إنسانية في بلدان مثل اليمن والعراق وغيرها من البلدان التي تم إدراجها، وفي ظل العمل مع شركاؤنا المحليين لمعالجة التحديات الأمنية هناك يصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى السفر وتبادل الحوار، هذه ليست مجرد حد الفرص أمام المواطنين من هذه البلدان على الرغم من صحة ذلك، ولكن من المهم للسياسة الأميركية أن يتمكن اليمنيون والعراقيون وغيرهم من مواطني هذه الدول من السفر إلى أميركا لمشاركة ما يجري على أرض الواقع، فضلا عن التهديدات الأمنية المحتملة التي يجب أن تكون أميركا على علم بها أو الحلول الممكنة التي يمكن أن نعمل عليها معا".