عمان - سناء سعداوي
تعاني العاصمة الأردنية عمان، من حالة اختناق مروري شديدة، بعد الرابعة والنصف مساءً، مع عدم تهيئة البنية التحتية، للتعامل مع هذا الحمل المروري. ويعدّ التجنب الاستراتيجي للاختناقات المرورية، أحد تكنيكيات سائقي سيارات الأجرة، لتعويض تكاليف تجارتهم، فضلًا عن فرض رسوم إضافية في المناطق المزدحمة وإيقاف العداد، ورفض الذهاب إلى وجهات معينة، وهي الممارسات التي أدت إلى تقليل شعبية سائقي الأجرة بين الناس الذين أبلغوا عن العديد من الشكاوى، وعندما وصلت منصات "أوبر" و"كريم"، التي تعتمد على الطلب من خلال تطبيق الهاتف الذكي، وفر بديلًا أفضل عن سيارات الأجرة التقليدية، وخدمات النقل العام الفقيرة، لكنها لم تلقِ ترحيبًا من قبل صناعة سيارات الأجرة الحالية أو الحكومة.
وأوضحت نورهان شوقمان، المستشارة في وزارة النقل الأردنية، قائلة "من غير القانوني استخدام السيارات الخاصة للنقل العام، ويعدّ قطاع سيارات الأجرة قطاعًا كبيرًا، لا يمكن أن نتجاهله". وشنّت الحكومة العام الماضي حملة ضد خدمات "أوبر" و"كريم"، مع تغريم السائقين واتهامهم بانتهاك قانون النقل العام في الأردن، والذي ينص على أن تقدم السيارات المرخصة فقط خدمة النقل العام مقابل رسوم، ويجري حاليًا وضع اللوائح التي تحد من عمل "أوبر" و"كريم"، من خلال سيارات الأجرة المرخصة، والليموزين، وسيارات الأجرة الخاصة بالفنادق. وأوضح إبراهيم مناع المدير العام لشركة كريم في الأردن، أن هذه ستكون نتائج مخيبة للآمال، مضيفًا أن تطبيقات الشركة ساعدت في سد نقص وسائل النقل العام في عمان، كما توفر فرصة عمل للأردنيين العاطلين عن العمل.
وتابع مناع "نرى قيمة كبيرة في وجود شركة كريم هنا، ويجب على الحكومة أن تضع اللوائح المناسبة من خلال منح الناس الحرية في اختيار طريقة النقل الخاصة بهم، سواء كانت سيارة خاصة أو سيارة أجرة صفراء". وعلى الرغم من الحملة المضادة للشركة إلا أنها كشفت عن زيادة عدد السائقين العاملين معها، وذكر متحدث باسم أوبر قائلًا "الوضع في الشرق الأوسط يختلف كثيرًا عن أي أجزاء أخرى من العالم، وتقدم الأردن إمكانات هائلة لكننا بحاجة للتأكد من أننا نمتثل للقوانين، الأمر قانوني بنسبة 100% ونحن نعمل مع سائقين مرخصين".
وواجهت كل من "أوبر" و"كريم"، تحديات مماثلة عند دخول أسواق الشرق الأوسط، بسبب تعقيدات سياسات الحماية، لكن الركاب في عمان اعتادوا بسرعة على الخدمة عالية المستوى التي توفرها التطبيقات. وأضافت ندى قدورة المقيمة في عمان "لقد جعلوا الحياة أسهل كثيرًا خاصة بالنسبة للنساء". وأكد محمود فوزي الرئيس التنفيذي في الشرق الأوسط، لتطبيق ايزي الذي يعمل مع سيارات الأجرة الصفراء في عمان، "لا يمكن أن ننكر زيادة الطلب على الخدمات باستخدام السيارات الخاصة، ونحن على استعداد لاستغلال هذا الطلب، ولكن يجب أن يحدث ذلك بطريقة منظمة دون تدمير اللاعبين الحالية".
وشارك أكثر من 1200 من سائقي الأجرة الثلاثاء الماضي، في احتجاج دعا الحكومة إلى حظر شركات "أوبر" و"كريم"، مشيرين إلى انخفاض أعمالهم التجارية بنسبة 80%، منذ وصول هذه التطبيقات إلى عمان. وقال أيمن زين سائق التاكسي، الذي ساعد في تنظيم الاحتجاج "الوضع غير عادل لسيارات الأجرة، وما تقوم به هذه التطبيقات غير قانوني"، وأعرب السائقين عن رغبتهم في زيادة الأسعار. ويضيف السائق فايز حسن حجازي "طالبنا برفع الأسعار عدة مرات، لدي مصدر أخر للدخل ولكن هناك سائقين آخرين ليس لديهم ويعتمدون فقط على التاكسي في حياتهم".
وأكد حمزة ناصف المؤسس المشارك لمجموعة iMena المشغلة للأعمال التجارية عبر الأنترنت، أن المشكلة تكمن في العداد، وفي كل مرة يقل عداد السرعة عن 20 كيلو متر/ الساعة، يتحول العداد إلى وضع الانتظار حين تقل التعريفة عن 0.019 دينار أردني في الدقيقة. ويشجع ذلك سائقي الأجرة الذين يدفعون نحو 51 أسترليني يوميًا، لتأجير السيارة والوقود في اليوم، فضلًا عن المساومة بين الركاب والسائقين الذين يحاولون تجنب الطرق المزدحمة في محاولة لتعويض التكاليف. وتابع ناصف "عالج تطبيقي ايزي هذه المشكلة من خلال تقديم آلية للتسعير مع مراعاة واقع الطرق في عمان"، ويتم حساب السعر وفقًا للمسافة المقطوعة والوقت المستغرق، ما ينتج عنه ارتفاع السعر عن العداد القياسي وبخاصة عند السير ببطء.
وعلى الرغم من مساهمة "أوبر" و"كريم"، في النقل في المناطق الحضرية، إلا أن الحكومة لم تقتنع بذلك واتخذت خطوات لمعالجة هذه المشكلة من خلال نظام النقل السريع في الحافلة، والذي يتم الانتهاء منه في عام 2018. وأوضح مستشار النقل حازم زريقات، أن هناك في الوقت الحاضر 350 حافلة كبيرة، لتلبية احتياجات المدينة التي يسكنها 4 مليون نسبة، وتمثل أقل من 5% من الرحلات في عمان يوميًا، مضيفًا "النقل العام لا يواكب وتيرة النمو في عمان، لقد وصلنا إلى نقطة أصبح فيها الاستثمار هام في هذا القطاع"، بينما يخشى أيمن الصمادي مدير النقل والمرور في عمان من العواقب، قائلًا "لدينا بالفعل 1.2 مليون سيارة مسجلة في عمان، ودعوني أخبركم أن الطرق لدينا لا تستوعب هذا العد من السيارات، ولا يعدّ الاختناق المروري الأزمة الوحيدة هنا"، مشيرًا إلى أزمة البطالة بين الشباب، والتي بلغت 29%، حيث ذكر أكثر من 55% من الشباب أن حاجز النقل يعد سببًا رئيسيًا لعدم قدرتهم على العثور على وظيفة.
وأضاف زريقات وهو من فريق دعم وسائل النقل العام لتقديم خدمة منتظمة، يمكن الاعتماد عليها، قائلًا "هؤلاء مستخدمون محاصرون مع عدم وجود بديل"، وتخطط شركة كريم إلى توفير 10 آلاف وظيفة في البلاد في العامين المقبلين، ويعدّ وائل عبد الرحمن الذي يستخدم المنصة لتحسين دخله كمهندس كمبيوتر واحد من 2000 سائق، يعملون لدى الشركة، ويضيف عبد الرحمن "كل أقاربي يقومون بذلك، إذا كان لديك سيارة جديدة ومهذب ومؤهل يمكنك استخدامها كوسيلة لكسب المال بسهولة".