دمشق - نور خوام
تسعى قوات الأمن البريطانية إلى تحديد هوية المتطرف الملثم الذي تحدث بلكنة إنجليزية واضحة في فيديو جديد لتنظيم "داعش" المتطرف أثناء تنفيذ إحدى عمليات الإعدام البشعة، حيث شوهد المتطرف الملثم يطلق النيران على جاسوس بريطاني مزعوم.
ووصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الفيديو الدعائي لـ"داعش" بكونه " شيئًا بائسًا" من التنظيم المتطرف الذي يفقد العديد من الأراضي أو التعاطف من أي شخص.
وأشارت متحدثة باسم كاميرون إلى أن الفيديو هو أداة للدعاية للتذكير بوحشية التنظيم، مضيفة " نقوم بتحليل محتوى الفيديو ويتم إخبار رئيس الوزراء بما نتوصل إليه، ويسعى الفيديو إلى التذكير بمدى وحشية تنظيم داعش المتطرف وما يواجهه العالم مع هؤلاء الإرهابيين، إنه مجرد أداة دعائية ويجب أن يتم التعامل معه على هذا الأساس".
وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية " نحن على علم بهذا الفيديو ونقوم بدراسة محتواه"، وبيّن عدد من المحاربين البريطانيين القدامى أن الفيديو يعد علامة على يأس داعش بعد إصابة التنظيم بانتكاسات في العراق وسوريا ولاسيما بعد سقوط مدينة الرمادي، وذكر قائد البحرية البريطاني السابق اللورد ويست صن " إنها علامة يأس وليست قوة ويجب علينا أن نحسن من دعايتنا الخاصة حتى نجعل دعايتهم تبدو سخيفة وليست مرعبة".
وعلّق النائب العمالي صادق خان على الفيديو مغردًا " يظهر الفيديو الدعائي المثير للإشمئزاز لماذا يجب علينا فعل المزيد لمعالجة التطرف في بريطانيا".
وأضاف بطل حرب العراق الكولونيل تيم كولينز " لا أحد يزعم أن الطائرات البريطانية يمكنها فعل كل شئ ولكنهم يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة العراقيين لإنجاز هذه المهمة، وهذا لم يحدث بين عشية وضحاها لكنه سيحدث".
وتزايدت التكهنات أن المتشدد البريطاني منفذ عمليات الإعدام والذي يُطلق عليه "الجهادي جون الجديد" هو نفسه المتطرف البريطاني سيدهارتا ذر الذي أسقط حكم كفالة الشرطة وهرب للانضمام إلى "داعش" في سوريا مع زوجته الحامل وأسرته وهو قيد التحقيق من قبل شرطة سكوتلاند يارد في عام 2014.
وأثارت شقيقة المتطرف "ذر" المزيد من التكهنات عندما كشفت أن متطرف "داعش" يشبه شقيقها كثيرًا، وكان ذر من "والتهامستو" وهو أب لأربعة أطفال واحد ممن اعتقلوا للاشتباه في تشجيع الإرهاب ودعم جماعة "المهاجرون" المحظورة.
ويعتقد خبير الإرهاب رافايللو بانتوشي مدير دراسات الأمن الدولية في منظمة الخدمات الملكية المتحدة أن صوت منفذ حكم الإعدام في الفيديو يبدو مثل "ذر".
وأضاف بانتوشي، "يبدو المتطرف مثل أبو رميثة من خلال مشاهدته في فيديو جماعة "المهاجرون" فإنه يشبهه، ويبدو الرجل الملثم وكأنه من لندن، ويجذب "داعش" العديد من المتطرفين من كل مكان، كما أن المتطرف يبدو شخصًا متعلمًا لأنه استخدم كلمة "أبله" عدة مرات، وكان جون رجلًا سيئًا ولكن هذا المتطرف لا يبدو وكأنه ينتمي للشارع مثل الجهادي جون".
وزعمت مجلة VICE الإلكترونية التى أجربت مقابلة مع ذر عام 2014 أن صوت وطريقة كلام منفذ الإعدام في الفيديو تتشابه كثيرًا مع المتطرف البريطاني الهارب بالفعل، وتحدث ذر في فيلم وثائقي بعنوان " الهروب إلى الدولة الإسلامية" مشيرًا إلى عمله السابق في لندن في بريطانيا قبل أن يصبح متشددًاـ وأثار العديد من مستخدمي "تويتر" بما في ذلك مراسل قناة "الراي" " إيليا مانغيير" إلى احتمالية أن يكون هو ذاته القاتل المسلح.
ومن المحتمل استخدام صوت آخر مختلف للتعليق على لقطات الفيديو بعد تصويرها، إلا أن خبير اللغويات "جين سيتر" يعتقد أن المتطرف كان يتحدث بالفعل في الفيديو، وأضاف البروفيسور في جامعة Reading University " على عكس المتطرف جون تبدو حركات فك المتحدث المتطرف أكثر تميزًا، ما يجعلنى أعتقد أنه يتحدث بشكل حي بالفعل وأنه لم يتم تركيب التعليق الصوتي لاحقًا".
وأطلق سراح "ذر" (32 عامًا) بكفالة بعد اعتقاله في أيلول/ سبتمبر 2014 وطلب منه تسليم جواز سفره، لكنه استقل حافلة إلى باريس بعد أقل من 24 ساعة واتجه إلى منطقة الحرب في "داعش" مع عائلته الصغيرة، وتهكم ذر على السلطات التي سمحت له بالهروب على تويتر مغردًا " سمحت لى السلطات البريطانية بالإفلات من أيديهم للوصول إلى الدولة الإسلامية عبر أوروبا، وسخر الله من المخابرات البريطانية وتمكنت من الجرة. ضع ثقتك في الله".
ونشر "ذر" لاحقًا صورة له يحتضن أحد أطفاله ويلوح بالبندقية فى نوع من التهكم على الأجهزة الأمنية التي سمحت له بالهروب، ويعتقد أن "ذر" المعروف باسم " أبو رميثة" التقى وأرشد مايكل أديبولاجو وهو أحد قتلة لي ريجبي.
وأعرب "ذر" عن حبه لتنظيم داعش وأمية المعركة ضد الغرب حيث كتب " ستعاقب الدولة الإسلامية الطغاة في الغرب، جيش الخليفة أبو بكر البغدادي قادم ، افرحوا أيها المسلمون"، وذكر ذر علنًا أنه يريد العيش في ظل تنظيم داعش في سوريا، وبيّن "ذر" قبل أسبوع من اعتقاله لأحد المذيعين أنه على استعداد للتخلي عن جنسيته البريطانية لو كان ذلك يعني السماح له بالسفر.
وأجرى "ذر" مقابلة مع برنامج " 60 دقيقة" على محطة CBS نيوز حول التطرف في بريطانيا، وأخبر مقدم البرنامج لاريسا وارد أنه لا يستطيع أن يحب والدته لو كانت غير مسلمة، ومن المعلوم أن ذر هو من أصل هندي وكان هندوسيًا قبل أن يعتنق الإسلام.
وكان "ذر" عضوًا أساسيًا في جماعة المهاجرون والجماعات المنبثقة عنها مثل "مشروع الشريعة" الذي يهدف إلى تجنيد الشباب المضطرب في لندن إلى الإسلام، وتم مقارنة الملثم "ذر" في الفيديو الدعائي بالجهادى محمد اموازي المعروف باسم " الجهادى جون" والذي قٌتل فى غارة جوية من دون طيار في نوفمبر/ تشرين الثاني بعد ظهوره في عدة شرائط فيديو تصورعمليات إعدام.
وهدد المتطرف المسلح في الفيديو الدعائي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وتعهد بأن داعش سوف تحتل بريطانيا قبل إطلاق النار على الجواسيس المزعومين في رأسهم، وتوقع محللو الاستخبارات استخدام نفس التقنيات المستخدمة بنجاح في الكشف عن الجهادي جون وتعقبه بما في ذلك التحليل الصوتي وربما التعرف على أوردة المتطرف التي ظهرت على يده في الفيديو، وسيتم البحث عن أدلة لتحديد هوية الصبي الصغير المتحدث بالإنجليزية الذي ظهر في نفس الفيديو.
وذكر الصبي الذي ارتدى زيًا عسكريًا وكان ملثمًا بوشاح أسود يحمل علامة بيضاء تشير إلى داعش "سوف نقتل الكفار"، ويخشى الخبراء أن يكون الصبي الذى يبلغ عمره حوالي 5 سنوات واحدًا من أفراد عشرات العائلات التي غادرت بريطانيا للذهاب إلى منطقة الصراع في سوريا والعراق.
وتزايدت التكهنات بأن الطفل الصغير الذى ظهر فى الفيديو يمكن أن يكون ابن العروس الجهادية من لندن "خديجة دارى" التى نشات فى لويشام جنوب لندن واعتنقت الإسلام عندما كانت مراهقة، وفى عام 2014 نشرت خديجة صورة صادمة عبر حسابها على تويتر لإبنها "عيسى" الذى كان عمره 4 سنوات حينها مبتسما ماسكا ببندقية AK-47.
وتزوجت خديجة من مقاتل إسلامي سويدي يدعى " أبو بكر" والذي تحول إلى الإسلام بعد الحضور في مسجد جنوب لندن، ويحظى عيسى بشقيق آخر عمره عامين أو ثلاثة وأشارت إليه والدته باسم "المجاهد الصغير"، وتتشابه صور عيسى مع الصبي الذي ظهر في الفيديو الدعائي والذي يبلغ عمره حوالي ست سنوات وهو نفس عمر عيسى حاليًا، ولدى الطفلين شامة على وجوههم في نفس المنطقة فضلًا عن تشابه شكل عيونهم.
وتخلت "خديجة داري" عن حياتها المريحة في بريطانيا قبل عامين واختارت السفر إلى سوريا للانضمام إلى داعش، وظهرت "داري" في فيديو دعائي لحث المزيد من المسلمين في بريطانيا على التخلي عن أسرهم وترك دراساتهم للانضمام إلى خط الجبهة في منطقة الشرق الأوسط والانضمام لداعش، ومنذ ذلك الحين تعد داري على رأس المطلوبين فى قائمة المخابرات البريطانية MI6.
واستعانت داعش بالعديد من الأطفال في أشرطة الفيديو الدعائية من قبل بما في ذلك مجموعات الأطفال الذين شوهدوا يتدربون مع البنادق، ومن بين الصور البشعة شوهد طفل وهو يحمل رأس مقطوعة بينما أظهرت صورة أخرى طفل صغير يتم تشجيعه على ركل إحدى الرؤوس المقطوعة.
وأفادت شرطة سكوتلاند يارد بأن أكثر من 30 طفلًا بريطانيًا كانوا موضوع أوامر محكمة الأسرة فى أغسطس/ أب بسبب مخاوف من التطرف، وفى ذلك الوقت كان هناك حوالى 12 حالة مختلفة ينظر القضاة بشأنها، وأوضح ضابط مكافحة الإرهاب البريطانى مارك رولى أن الأطفال شوهدوا يجانب الأسلحة وتتراوح أعمارم بين عامين إلى 16 أو 17 عاما.
ورصدت العديد من القضايا لعائلات تأخذ أطفالهم إلى سوريا أو تجري محاولات فاشلة للقيام برحلة إلى سوريا في العام الماضي، ونشرت الشرطة صورًا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لأسرة مكونة من سبع أفراد من برادفورد يعتقد أنهم ذهبوا في رحلة إلى سوريا أو العراق.
وظهر في الفيديو الدعائي ظهر خمسة أسرى معترفين بجرائمهم بالإكراه وأخذوا إلى منطقة صحراوية وأمروا بالركوع، وصاح المتطرف الذي تحدث بالإنجليزية " الله أكبر"أ قبل أن يبدأ مع أربعة من زملائه بإطلاق النيران على الرجال الأسرى من مسافة قريبة، وانتهى الفيديو بمتطرف شاب أسمر اللون محذرا البريطانيين من الفظائع المقبلة.
وزادت المخاوف بعد قيام الطفل الذي ظهر في الفيديو بقتل أحد الأشخاص أمام الكاميرا، وقال المتطرف قبل قتل الأسرى بدم بارد " هذه رسالة إلى ديفيد كاميرون عبد البيت الأبيض وحمار اليهود".
ووصف المتطرف رئيس الوزراء البريطاني بالأبله وحذره قائلا " أطفالك سوف يدفعون ثمن الغارات الجوية البريطانية على أهداف داعش في سوريا، غريب أن نسمع اليوم زعيم مثلك يتحدى قوة الدولة الإسلامية، غريب أن يهددنا زعيم جزيرة صغيرة بحفنة من الطائرات".
وأضاف المتطرف " كنا نظن أنك تعلمت الدرس من قرينك المثير للشفقة فى واشنطن وفشل حملته ذد الدولة الإسلامية، يبدو أنك متغطرس وأحمق مثل أسلافك تونى بلير وجوردون براون، ديفيد من الغباء شن حرب ضد أرض يسود فيها قانون الل ويعيش الناس فى ظل عدالة وأمن الشريعة، أما بالنسبة لهؤلاء الذين يرغبون فى مواصلة القتال تحت راية كاميرون نحن نقول لهم عليكم أن تسألوا أنفسكم هل تعتقدوا أن حكومتكم ستهتم حقا عندما تقعون فى أيدينا أم أنهم سوف يتخلون عنكم كما تخلوا عن الجواسيس الذين جائوا إلى هنا من قبل".
ويمكن القول أن منفذ الإعدام فى الفيديو يشبه الجهادي جون واسمه الحقيقى محمد إموازي والذى ظهر فى فيديو قتل عمال الإغاثة البريطانيين "ديفيد هاينز" و " آلان هينينج" والصحفىين الأمريكين ستفين سوتلوف وجيمس فولى وعامل الإغاثة الأمريكى بيتر كاسيج والصحفى اليابانى كينجى غوتو.
وقٌتل إموازى فى غارة أمريكية من دون طيار بالقرب من برج الساعة الشهير فى معقل داعش فى سوريا مدينة الرقة فى نوفمبر/ تشرين الثانى، ويعتقد خبراء الأمن أن عمليات الإعدام الجماعى نتيجة مطاردة داعش لمن ساعدوا القوات الغربية لقتل إموازى، ويعتقد أن الرجال الخمسة الذين قتلوا رميا بالرصاص فى الفيديو يشتبه فى توفيرهم معلومات عن تحركات ومظهر إموازى.
وأعلن الضحايا فى الفيديو مُكرَهين أسمائهم مع ذكر موجز لجرائمهم، ومن بين الضحايا " عمر حمود جعفر" (30 عاما) من الرقة والذى أفاد أنه أدلى بمعلومات عن تضاريس المدينة، والضحية آبى محمد عبد الغنى (26 عاما) والذى كان يتولى المراقبة السرية، وأفاد الضحية فيصل حمود جعفر (25 عاما) من الرقة أن تم دفع المال له لفتح مقهى أنترنت فى المدينة، وأوضح الضحية مهيار محمود عثمان أنه تلقى مبلغ 300 دولار فى تركيا لفتح مقهى أنترنت، كما اعترف الضحية حائل مروان عبد الرازق (40 عاما) أنه التقط صور لنشاط المتطرفين المسلحين.
وتعمل الاستخبارات البريطانية على تحديد هوية الصبى الصغير والجهادى البريطانى البالغ فى الفيديو الدعائى، ويعتقد أن أكثر من 00 بريطانيا سافروا إلى سوريا والعراق للقتال لصالح داعش بما فى ذلك عائلات من لوتون وبرادفورد ولندن.
ويأتي الفيديو الدعائي الجديد الذي ظهر فيه طفل يهدد بريطانيا بعد شهر من بدء الطائرات البريطاني في قصف أهداف داعش فى سوريا، وفى أعقاب جمات باريس وقرار مجلس الأمن الدولى الذى دعا جميع الدول الأعضاء إلى مضاعفة جهودها للقضاء على داعش بدأت الطائرات البريطانية بما فى ذلك طائرات تايفون وتورنادو الغارات الجوية على سوريا.
وقتلت الغارات البريطانية الجوية 396 قتيلا من داعش من أكتوبر/ تشرين الأول 2014 حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2015، فضلا عن قتل 30 متطرفا فى ضربة واحدة فى نوفمبر حسبما أفادت الإحصاءات وفقا لقانون حرية المعلومات.
وبيّن المستشار جورج أوزبون في 9 ديسمبر/ كانون الأول أن 16 طائرة بريطانية قتلت 4 متطرفين منذ تصويت البرلمان البريطاني على تمديد الضربات إلى سوريا قبل أسبوع.
وفي فيديو دعائي آخر صدر الشهر الماضي، هدد مقاتل يتحدث الروسية من "داعش" الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قبل قطع رأس جاسوس مشتبه به أمام الكاميرا، وتعهد المتطرف في الفيديو بالانتقام من بوتين ردًا على غارات الطائرات الروسية التى استدفت معاقل داعش والمقاتلين المتمردين بغرض مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد.
وذكر المتطرف أناتولي زمليانكا (2 عاما) في الفيديو موجها حديثه إلى روسيا " لن تجدون سلامًا في دياركم، سنقتل أبنائكم انتقامًا من كل ابن قتلتوه هنا، وسوف ندمر منازلكم مقابل كل منزل دمرتموه هنا".