دمشق ـ ميس خليل
ﻻيمكن للقاصد لسوق البزورية الدمشقي إلا أن يتنسم بين متاجره الصغيرة رائحة دمشق التي ﻻتشبه أي رائحة في العالم وتجذبه الأنواع المختلفة من التوابل والبهارات والبزورات والعطارة.
ورغم ما مر على دمشق القديمة خلال سنوات الحرب إﻻ أن سوق البزورية بقي محافظًا على مكانته فما زالت متاجره مليئة بالأنواع المختلفة من السكاكر والشوكوﻻ والتوابل وبقيت الأنوار والزينات التي تملأ هذا السوق القديم تؤكد أن نبص الحياة لم يتوقف.
ويُعد سوق البزورية أحد أشهر معالم دمشق التاريخية والتراثية والسياحية وهو يقع بين قصر العظم شمالًا وسوق مدحت باشا جنوبًا ويفصله عن الجامع الأموي سوق السلاح والصاغة القديمة.
ويرتبط سوق البزورية بالمائدة والطعام بشكل أساسي، وذكر أحد التُجار القدامى في السوق أحمد المصري أن "كل ما هو موجود في سوق البزورية قائم بشكل أساسي على خدمة المائدة ليكملها ويجملها، ويباع فيه حاليًا البزورات والأعشاب والمربيات والمكسرات والشموع والفستق والتوابل والعطور ورقائق الكلاج وجوز الهند والطحين وقمر الدين ومختلف أنواع السكاكر" .
ومن أهم ما يشد الزائرين إلى سوق البزورية هو الفواكه المجففة التي تتفرد بنكهة مميزة، أوضح أحد بائعي الفواكه المجففة، علي الخباز "لقد اختصت دمشق منذ زمن بعيد بتلك الصناعة نظرًا لوفرة فواكهها على مدار السنة وبعدد كبير يبلغ أكثر من أربعين فاكهة وكانت الفواكه المجففة تُباع ضمن علب مستديرة من الخشب المزخرف وأغلب الزخارف تحمل عبارة مأكول الهنا أو مأكول الصحة أو مأكول العافية".
وتتكون الفواكه المجففة غالبًا من المشمش والتفاح السكري والأجاص وكانت تُغطى بطبقة من الجيلاتين بعد أن تكون قد عرضت للغلي وإضافة القطر.
كما يبرع تجار السوق في رصف السكاكر بألوانها وأشكالها المختلفة مثل النوكا والملبس والقضامة على سكر والسكاكر التي تعرف باسم الببابي التي تذوب فورًا فور وضعها في الفم.
وتحدث التاجر أحد تجار السكاكر في السوق علي الحللي، عن أنه رغم ارتفاع أسعارها منذ بدء الحرب إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف إﻻ أنها تلقى إقبالًا كبيرًا خاصة في الأعياد والمناسبات.
ويشاهد في سوق البزورية سبت العروس الذي كان يُعد من الضروريات الأساسية لليلة العرس وهو عبارة عن حامل خشبي مزخرف بالألوان متعدد الطبقات يُملأ بالملبس والنوغا والراحة والشوكوﻻ وغير ذلك من المصنوعات السكرية .
وﻻيمكن لمن يغادر السوق إﻻ أن يحمل في مخيلته صورة للوحة تجريدية تؤلف بعناصرها اللونية تكوينًا عفويًا جميلًا رُتبت جميعها بتلقائية لتنم عن حس جمالي دمشقي رفيع ﻻ يوجد إﻻ في مكان واحد وهو دمشق القديمة.