يريفان - نبيل العبد الله
يقدم اللاجئون السوريون وصفات طعام شرقية في المطاعم الأرمينية، كوسيلة لمداعبة ذكريات بلدهم، بعد أن فرّوا من نيران الحرب التي تمزقها منذ خمسة أعوام، ما أدى إلى زيادة عدد المطاعم الشرقية في أرمينيا بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب العام 2011.
وترك السوري من أصل أرمني جيدزاك جاباكتوريان (28 عامًا) وعائلته منذ أربعة أعوام، اثنين من المخابز التي عمل فيها في حلب، والتي تعد موطنًا للكثيرين من أصحاب الأصول الأرمنية، وانتقل للعيش في "يريفان" في أرمينيا هربًا من القتال الدائر هناك، ويعد من بين آلاف اللاجئين السوريين في أرمينيا الذين جلبوا نكهات وأساليب طهي جديدة إلى أرمينيا.
ويعمل جاباكتوريان في أحد متاجر "لامغون" وهي بيتزا رقيقة مع اللحم المفروم أو الضأن، وأصبحت اللامغون والفتوش والفلافل وغيرها من أطباق الشرق الأوسط أكثر شعبية وتناسب الأذواق المحلية، وذكر جاباكتوريان "نحن نقدم أشهر بيتزا لامغون الحارة بشكل قليل، ونستخدم ثمانية أنواع من التوابل الأرمينية ولكن بشكل خفيف".
وسميت بيتزا لامغون، التي تحتوي على لحوم البقر، نسبة إلى العاصمة يريفيان وهناك بيتزا أخرى بالبصل والبقدونس نسبة إلى مدينة غيومري الشمالية، وتحتوي قائمة مطعم بيسترو الذي يعمل فيه جاباكتريان على الحساء، والذي تقدمه جدته بداية ونهاية فصل الشتاء، وهو ما يعيده إلى المزيد من الذكريات الدافئة.
وعلى الرغم من أن بيتزا لامغون ليست جديدة بالنسبة إلى أرمينيا، إلا أن السكان المحليين لاحظوا فرقًا كبيرًا عن المجموعة المتنوعة في حلب، وذكر أحد سكان يريفان غيان بيلبوليان "تناولت لامغون على الطريقة السورية الأرمينية ووجدت أنه طبق به مزيج مجنون من النكهات".
وأكد منسق الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في يريفان، أناهيت هايربتين، أن عدد المطاعم الشرقية في أرمينيا زاد بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب العام 2011، وبعد أن كان هناك القليل من الأماكن التي تقدم الطعام الشرقي أصبح هناك أكثر من 50 مطعمًا للطعام الشرقي في العاصمة يريفان، مضيفًا "رحب السكان المحليون بالروح والذوق السوري الأرمني في الطعام"، وانتشرت الأكشاك التي تقدم الطعام الشرقي وأصبح القصّابون يبيعون اللحم الحلال المجهز وفقًا للشريعة الإسلامية.
أما الشيف "مانوشاك كريزان"، من مواليد حلب، فتستورد البهارات اللازمة لأطباقها التقليدية من سورية، لكنها اضطرت إلى اللجوء للبنان بسبب الحرب السورية، ثم قررت إقامة مطعم خاص بها وسط مدينة يريفيان، ما لم يمكنها فعله في حلب، وتترأس الآن مطعمًا مملوكًا لعائلة " ليبان"، مضيفة "إنه أمر غير عادي بالنسبة إلى مجتمعنا، ولكن علينا محاولة التغلب على الصعوبات والمضي قدمًا خطوة بخطوة".
ويقدم مطعم "ليبان"، الذي سُمي نسبة إلى لبنان، الأرجيلة والموسيقى العربية وأطباق شهية مثل الكباب مع صلصة الكرز، وبعض الأكلات السورية المحلية، وقالت كريزان إن المطعم مكّنها وعائلتها من الارتباط بماضيهم، مضيفة "لقد فقدنا كل شيء والآن نحاول استعادة حياتنا من لا شيء".