لارنكا ـ أ.ف.ب
تحمل الطائرات التي تهبط في مطار لارنكا آتية من بيروت او من تل ابيب ازواجا من ديانات او مذاهب مختلفة، يرغبون في إجراء عقد قران مدني لا يتاح لهم إجراؤه في بلدهم. وتقول يوهانا، الآتية من بيروت، وهي ترتدي فستانا ابيض كان في حقيبتها "انا وزوجي المستقبلي من ديانتين مختلفتين". وقد قرر هذان الشابان، يوهانا الدرزية وخطيبها المسيحي ، ان ينتقلا الى قبرص التي تفصلها عن بيروت أقل من نصف ساعة في الطائرة، لعقد قرانهما. وتقول احدى صديقاتها ليليا اثناء خروج الزوجين والاصدقاء من دار البلدية في لارنكا "العائلتان موافقتان على هذا الزواج المختلط، المهم هو ان يكونا سعيدين". ورغم المحاولات الخجولة التي يقوم بها ناشطون مدنيون في لبنان لتشريع الزواج المدني، الا ان هذا الامر ما زال عصيا على التحقيق، وما زال الزواج في لبنان يمر عبر المحاكم الدينية وقوانين الاحوال الشخصية المذهبية. ومع ان الزواج المدني ليس متاحا على الاراضي اللبنانية الا ان السلطات اللبنانية تعترف به عند عقده في قبرص او غيرها من الدول، والحال نفسه يسري في اسرائيل. ازاء هذا الواقع، نجحت قبرص، التي تعاني حاليا من ازمة اقتصادية حادة، بجذب اعداد كبيرة من الراغبين في الزواج خارج القيد الديني، بعدما شرعت الزواج المدني في العام 1990. في العام 2012، عقدت بلدية لارنكا، الواقعة على بعد دقائق من المطار، 423 عقد زواج لاسرائيليين، اما عدد اللبنانيين الذين عقدوا قرانهم في هذه الجزيرة الاوروبية التي تبعد عشرات الكيلومترات فقط عن وطنهم، فقد قفز الى الضعف بين العامين 2007 و2012. ويشير تزايد عدد الراغبين في عقد زواج مدني الى تغيرات فكرية واجتماعية تطرأ على مجتمعات بلادهم. ومن احد المنتظرين دورهم في قاعة الانتظار في مبنى بلدية لارنكا شاب اسرائيلي يدعى ناتانيل لا يخفي إلحاده. وهو جاء لعقد قرانه على صديقته مع بعض الاقارب والاصدقاء. وتقول صديقته هيلي "انه ليس زفافا كبيرا، وبما ان قبرص قريبة من اسرائيل، جئنا مع الاقارب"، وهي تعرب عن تأثرها لموافقة اهلها على عقد قرانها خارج المؤسسة الدينية. وترحب احدى قريباتها وتدعى روتيم بهذه المبادرة، وتقول "للأسف لا يوجد في اسرائيل خيار كهذا". ترجح انتيغوني كابوديستريا المسؤولة عن عقود الزواج الاجنبية في هيئة السياحة القبرصية ان يتضاعف الاقبال على الزواج المدني في الجزيرة. وتقول "لا اعتقد ان الزواج المدني سيقر في الدول المجاورة في المستقبل القريب". وبحسب البيانات المتوافرة لديها، فان 8,5 % من الزيارات السياحة الى البلاد في العام 2012 كانت بهدف الزواج، وقد ارتفع هذا النشاط بنسبة 13,7 % بين العامين 2011 و2013. واضافة الى الرغبة في عقد زواج خارج المؤسسات الدينية، تجذب قبرص الراغبين في الزواج بفضل سرعة الاجراءات المتبعة وغيرها من التسهيلات. ويجد كثير من اليهود الاسرائيليين الذي ولدوا في المهاجر حرجا من الزواج لدى السلطات الدينية. ويقول بافيل، وهو اسرائيلي ولد في روسيا وجاء الى قبرص للزواج "ولدت جدتي في العام 1903 اي قبل ثورة اكتوبر البولشفية، ولم يعد ممكنا ان اعثر على مستندات باحوالي الشخصية". ويختار بعض اللبنانيين والاسرائيليين السفر الى قبرص واتمام الزواج والعودة في يوم واحد، نظرا للمسافة القريبة، فيما يفضل آخرون ان يغتنموا الفرصة لامضاء عطلة قصيرة على الجزيرة الهادئة. وباتت بلديات قبرص أكثر اهتماما بعقود الزواج المدني للاجانب خصوصا بعد الازمة الاقتصادية التي عصفت بالجزيرة في اذار/مارس الماضي. وتقول اندري تزيوني المسؤول عن عقود الزواج في بلدية نيقوسيا "ان الزيجات جيدة للمدينة وللسياحة، واذا كان الناس مسرورين لدينا فانهم سيعاودون الزيارة مرة اخرى".