منظمة "حظر الأسلحة الكيميائية"

رفضت وفود كل من روسيا وسورية وإيران الموافقة على مشروع قرار بريطاني في الجلسة الخاصة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، لمنح الهيئة الرقابية الدولية المتخصصة في هذا المجال سلطة جديدة تمكنها من تحديد الجهة المسؤولة عن شن هجمات بالأسلحة السامة.

قدمت بريطانيا بدعم من حلفائها الغربيين اقتراحا لتوسيع صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عبر منحها سلطة تحديد الجهات المسؤولة عن شن هجمات بالأسلحة السامة، ما أشعل مواجهة جديدة مع روسيا.

ونفت لندن ودمشق بشدة استخدام الغازات السامة ومركّب نادر لغاز الأعصاب في الأشهر والسنوات الأخيرة، وطالبتا بعدم تعديل تفويض المنظمة.

وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في جلسة خاصة لجهاز وضع سياسات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية "أعربنا جميعا عن أملنا بعدم استخدام أدوات الموت الرهيبة هذه مجددا".

وتابع جونسون "لكن الواقع المأساوي هو أن الأسلحة الكيميائية استخدمت وتستخدم مجددا".

وفي ظل غياب أي آلية لتحديد الجهة المسؤولة عن هجمات من هذا النوع، قدمت بريطانيا مدعومة من حلفائها اقتراحا بتعديل تفويض المنظمة ليتضمن "تحديد المسؤولين عن هجمات بأسلحة كيميائية".

والاجتماع الذي عقد بدعوة من لندن يأتي قبيل صدور قرار طال انتظاره عن مفتشي هذه المنظمة الدولية بشأن هجوم مفترض بغازي السارين والكلور استهدف مدينة دوما السورية في نيسان/أبريل الماضي، وأدى إلى مقتل 40 شخصا، بحسب مسعفين وعناصر إنقاذ. ووجهت أصابع الاتهام بالمسؤولية عنه إلى قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد التي نفت ذلك.

مواجهة مع روسيا

وشدد جونسون على الهجوم "المروع" بواسطة غاز الأعصاب الذي استهدف في آذار/مارس الماضي العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في سالزبري، والذي اتهمت لندن روسيا بالوقوف خلفه، مشيرا إلى أن بعض أنحاء المنطقة حيث وقع الحادث لا تزال ملوثة.

وفي 2017 اغتيل الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بغاز الأعصاب في هجوم داخل مطار كوالالمبور.

وقال جونسون "نحن في المجتمع الدولي لا يمكننا أن نتجاهل هذه الانتهاكات لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية".

وتابع وزير الخارجية البريطاني "لا يريد أي منا لأولادنا أن يكبروا في عالم يطبّع فيه استخدام الأسلحة الكيميائية".

وأضاف جونسون أن "السماح بمواصلة استخدام الأسلحة الكيميائية من دون عقاب يهدد نظامنا القائم على قواعد، ويهدد وكل الأمم من حول العالم".

بدروه، قال السفير الفرنسي لدى هولندا فيليب لاليو إنه "يجب أن يكون لدى المنظمة القدرة على إجراء جميع التحقيقات اللازمة، ويجب أن تكون قادرة على تحديد المسؤولين عنها، على أن تستخدم تحقيقاتها لاحقا من أجل تحديد المسؤوليات في حالة استخدام الأسلحة الكيميائية".

لكن موسكو ردت باعتبار الدعوة لتعديل تفويض المنظمة "فكرة مدمرة" من شأنها تقويض الأساس القانوني للهيئة.

واستخدمت موسكو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي أواخر العام الماضي لإنهاء مهمة لجنة سابقة مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تهدف لتحديد الجهات المسؤولة عن الهجمات في سوريا.

وكانت روسيا قد اتهمت مع السلطات السورية الخوذ البيضاء بإعداد شريط الفيديو عن الهجوم المفترض بالسلاح الكيميائي على مدينة دوما بالغوطة الشرقية قرب دمشق، وادعت أن الأمر تم حسب موسكو ودمشق بناء على طلب من الولايات المتحدة وحلفائها.

من جهته، أشار سفير سوريا بسام الصباغ إلى "فشل المخططات الأمريكية في تحقيق أهدافها في سوريا" وندد بـ"محاولات حرف المنظمة عن مسارها التقني والسعي لتحويلها إلى أداة لخدمة مشاريع عدوانية وسياسات تخريبية".

تصويت

ولكن التوترات سادت منذ الدعوة لهذا الاجتماع، واستغرق مجرد تبني أجندة الاجتماع وقتا طويلا تخلله نقاش حاد بين مندوبي روسيا وسوريا وإيران من جهة وسفيري الولايات المتحدة وكندا من جهة ثانية.

ولم يتم التوصل إلى توافق مبكر على مسودة القرار البريطاني، ما يعني أن على المندوبين الانتظار 24 ساعة قبل التصويت عليه خلف أبواب مغلقة الأربعاء.

ومن أجل تمريره، يحتاج المقترح البريطاني إلى أغلبية الثلثين. لكن مصادر ذكرت أن روسيا تعمل حاليا خلف الكواليس لحشد الدعم لإسقاط المقترح.