طهران - العرب اليوم
انتظر الرئيس الإيراني حسن روحاني الذكرى الخمسين لتأسيس البنك المركزي الإيراني، لتوجيه انتقادات شديدة اللهجة إلى منتقديه، متهمًا إياهم بـ"خفة العقل"، عادّاً أن مواجهة الحكومة محاولة للنيل من الإنجازات وحرب على المصالح القومية وضربة للثقة العامة. ورد البرلمان على روحاني بإنذار سريع، وقال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي إن الإساءة للمنتقدين لا تليق بالرئيس.
وجدّد روحاني الدفاع عن سياسات حكومته، وقال إنها حققت "الأحلام الكبرى" للاقتصاد الإيراني على مدى عقدين بعد ترويض ارتفاع التضخم من 40 في المائة، إلى أقل 10 في المائة. ويستعد البرلمان لأول استجواب لروحاني بعدما وقع نواب البرلمان طلبين لاستدعائه؛ الطلب الأول وقعه 76 نائبا في 7 فبراير/شباط، ويهدف إلى مساءلته حول إفلاس المؤسسات المالية والاستثمارية وجور البنك المركزي. ووافقت رئاسة البرلمان على الطلب، ووجهت على أثره اللجنة الاقتصادية في البرلمان طلبا للرئيس لتقديم ممثليه للرد على أسئلة النواب في آخر محاولة تحول دون الاستجواب.
وبعد ذلك بأسبوعين في 22 فبراير/شباط، وقع أكثر من 100 نائب في البرلمان طلبا ثانيا لاستجواب روحاني. لم يكن هذا الطلب أكبر من الأول من حيث عدد النواب فحسب؛ بل إضافة إلى الاقتصاد، شمل التهريب، ومعيشة الناس، والبطالة، وارتفاع سعر الدولار. ولم يعلق روحاني على طلبي الاستجواب اللذين من شأنهما أن يشكلا انتكاسة سياسية لحكومته ودوره، وقد يجبر على تقديم تنازلات كبيرة تغير تشكيلة فريقه الاقتصادي ورئيس البنك المركزي للحفاظ على وزير الاقتصاد، وفقا للمراقبين.
وقال روحاني إن ما حققه من إنجازات اقتصادية تفوق توقعات رؤساء ومسؤولي البنوك الإيرانية. أضاف: "يجب حفظ هذا الإنجاز الكبير، بالطبع أنا لا أجهل أن البعض تحت ذريعة معارضة الحكومة يلحقون أضرارا بالأمل ومستقبل الشعب، وهذا الإجراء سببه خفة العقل، وخلاف ذلك لا معنى لمعارضة الحكومة"، مشددا في الوقت نفسه على أن مواجهة الحكومة لا معنى له سوى مواجهة المصالح القومية وإلحاق الضرر بأمل الشعب والإضرار به".
وانتقد روحاني الضغوط على رؤساء البنوك الإيرانية خلال العامين الأخيرين، مشددًا على أهمية الحفاظ على الثقة العامة بالبنك المركزي والبنوك الأخرى. وجاء دفاع روحاني في وقت تشهد فيه عدة مدن إيرانية وقفات احتجاجية لمستثمرين خسروا أموالهم على أثر إفلاس المؤسسات المالية والاستثمارية؛ كان آخرها أمام مقر البرلمان الإيراني، حيث هتف العشرات بـ"الموت" لرئيس البرلمان علي لاريجاني. وتواجه الحكومة والبنك المركزي اتهامات بالوقوف وراء ذلك بعد قرارها خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي قبل أن تتراجع عن القرار الشهر الماضي.
كما يواجه البنك المركزي الإيراني تهمًا بالوقوف وراء تفاقم سعر الدولار، وارتفاع الأسعار، وكذلك نقص الميزانية العامة، وهو ما تنفيه حكومة روحاني. وأقرّ روحاني بضعف البنوك الإيرانية، ومع ذلك ادعى روحاني أن البنوك قامت بأعمال كبيرة ساهمت في تحسين النمو الاقتصادي وخلق فرص الاستثمار، كما دافع ضمنا عن سياسة حكومته في التعاون مع المجموعة الدولية "فاتف"، وهي منظمة دولية تشرف على مكافحة غسل الأموال، والشفافية المالية، وقال إن إجراءات حكومته "أبعدت الغدد السرطانية وساهمت بزيادة التعاون والعلاقات مع المؤسسات المالية العالمية"، مشددا على حاجة البنوك الإيرانية إلى التحديث ومزيد من الشفافية لكسب ثقة المؤسسات الدولية بالبنوك الإيرانية.
وبعد أقل من ساعة على نشر تصريحات روحاني عبر موقعه الرسمي، رد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية حسين نقوي حسيني، عليها قائلا إن روحاني ليس في موقع يسمح له بالإساءة لمنتقديه". ووجه نقوي حسيني إنذارا شفهيا لروحاني في جلسة البرلمان، وقال إن روحاني لم يقم بزيارة مدن محافظة طهران رغم مرور 5 سنوات على رئاسته.
وقال نقوي حسيني: "الإساءة التي وجهها روحاني اليوم للمنتقدين تخوفنا من الانتقاد، لأنه في كل مرة يسيء للمنتقدين". وتابع: "لا يليق بالرئيس الإساءة للمنتقدين. بعض سياساتها خاطئة، ويجب على الحكومة أن تسمع الانتقادات"، مضيفا: "الحكومة التي تزعم حرية الوصول إلى المعلومات والترحيب بالنقد، يجب أن تسمع كلام المنتقدين".