لندن -سليم كرم
أعرب المفوض العام لـ "وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم" (أونروا) بيير كرينبول عن صدمته مما رآه من مشاهد قاسية من آثار على أجساد الفلسطينيين المصابين بالرصاص الإسرائيلي، موجهاً نداءً عاجلاً لإنقاذ القطاع الصحي في قطاع غزة من الانهيار، وقال كرينبول خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر رئاسة "أونروا" في مدينة غزة أمس، للمرة الأولى منذ انطلاق "مسيرة العودة وكسر الحصار"، إنه زار أول من أمس عيادة صحية تابعة لـ "أونروا" في خان يونس (جنوب القطاع)، ومركز إعادة التأهيل في دير البلح (وسط القطاع)، ومستشفى الشفاء في مدينة غزة، وخرج بانطباع أن "الوضع الصحي خطير للغاية" وأن "كثراً في العالم يسيئون تقدير حجم الكارثة التي حدثت في القطاع منذ أحداث مسيرات العودة" في 30 آذار (مارس) الماضي.
وأوضح كرينبول أن "117 شخصاً قُتلوا في هذه الأحداث، من بينهم 13 طفلاً، وأكثر من 13000 أصيبوا بجروح، من بينهم 3500 أصيبوا بالذخيرة الحية"، لافتاً إلى أنه "خلال 51 يوماً من الحرب (الإسرائيلية على القطاع) عام 2014، جُرح حوالى 12000 فلسطيني، وهذا يعني أن عدد الذين جُرحوا خلال 7 أيام (أيام الجمع) من مسيرة العودة أكثر من الذين جُرحوا خلال 51 يوماً من حرب 2014"، وعبّر عن صدمته خلال الزيارة من طبيعة الإصابات، إذ "تبين أن المتظاهرين وبصورة منتظمة أصيبوا في الأطراف السفلية والفخذ والعمود الفقري والظهر والرقبة، وطبيعة مداخل الجروح الضيقة ومخارجها الواسعة تدل على أن الذخيرة استخدمت للتسبب بجروح خطيرة وتهتك الأعضاء الداخلية والعضلات والعظام". ولفت إلى أن "طواقم القطاع الصحي في وزارة الصحة وأونروا بذلت جهوداً كبيرة للتعامل مع العناية الطبية وعمليات جراحية معقدة، وعدد الجرحى وطبيعة الجروح دفعت النظام الصحي في القطاع إلى لحظة الانكسار".
وقال إن "الطواقم الطبية قامت بعمل إعجازي خلال (أحداث) يوم 14 من الشهر الجاري، حيث تعاملت مع آلاف المصابين، إلا أنه تم إرجاء آلاف التدخلات الطبية والعمليات الجراحية من أجل معالجة المصابين"، لافتاً إلى أن "الضغط كان هائلاً على المستشفيات، ما أدى إلى إخراج العديد من المرضى والمصابين، فيما استقبلت عيادات أونروا 1600 حالة". وأوضح أن "مئات المصابين بجروح خطرة الذين بُترت أطرافهم أو الذين ستُبتر لاحقاً، يؤشر إلى أن عدداً منهم سيعيش بإعاقات دائمة مدى الحياة، ويجب أن يكون النظام الصحي في غزة جاهزاً لمرحلة ما بعد الإصابات والعلاج الطبيعي بما في ذلك عيادات أونروا ومراكز العلاج الطبيعي".
ووجّه كرينبول نداءه "لإنقاذ القطاع الصحي في غزة ودفع قدرات أونروا للتعامل مع حاجات ما بعد الإصابة والبتر وحاجات العلاج الطبيعي التي تتطلب وقتاً طويلاً لعلاج المصابين، وأيضاً برامج العلاج النفسي والعقلي"، وأشار إلى أن "جرحى كثراً وعائلاتهم مصابون بصدمات وهذا يضيف الكثير إلى المعاناة الموجودة في غزة". وقال إن "أونروا طوّرت برامج في هذا الإطار، إلا أن العجز المالي يهدد هذه البرامج مباشرة". ولفت إلى أن "الكثير من اللاجئين، الذين يشكلون 70 في المئة من سكان غزة، قُتلوا وأصيبوا بجروح، ومن بينهم أطفال وطلاب في مدارس أونروا".
وشدد على أن "تجريد غزة من إنسانيتها لن يجلب السلام للمنطقة، ومن الضرورة الاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين وطموحاتهم وحقهم في العيش بأمان على هذه الأرض مثل كل شعوب العالم"، وأتت تصريحات كرينبول في وقت تتسارع وتيرة إيجاد حلول للكارثة الإنسانية في قطاع غزة في إطار سعي الولايات المتحدة إلى "فصل الحل السياسي عن الإنساني".
وأكدت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أن "قضية شعبنا الفلسطيني ونضاله العادل من أجل انتزاع حقوقه الثابتة قضية تحرر وطني ارتقى من أجلها عشرات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والمبعدين". وشددت على "رفض اختزال قضيته بالبُعد الإنساني، أو مقايضة هذه الحقوق بمساعدات هنا أو تسهيلات هناك، أو فتح الباب لبازارات السياسيين للمتاجرة بالقضية الفلسطينية".
وأكدت "الشعبية" في بيان أمس، أن "من حق شعبنا في القطاع حل مشكلاته المعيشية والاقتصادية وتوفير الحياة الكريمة له، وهذه مهمة الحكومة والجهات المسؤولة في القطاع، بما يعزز صمودهم ومقاومتهم الرافضة صفقة القرن أو أي حلول تنتقص من ثوابتهم في العودة والحرية والاستقلال، وهذا يتطلب وضع رؤية وطنية جامعة لمركزة توزيع المساعدات المخصصة للفقراء والمحتاجين من أبناء شعبنا في القطاع بعيداً من العشوائية وسوء التوزيع، وبما يحقق ويجسد مبدأ العدالة والشفافية والشراكة الوطنية والمجتمعية"، وفي إشارة إلى شبهات بعدم وجود عدالة في توزيع مساعدات خارجية من قبل حركة "حماس"على بعض الغزيين، رأت "الشعبية" أن "أي سلوك فئوي وحزبي في توجيه تلك المساعدات سيترك المجتمع والمواطن الفلسطيني عرضة للاختراقات السياسية الهادفة إلى الانقضاض على أهدافنا الوطنية".
واعتبر عضو المكتب السياسي لـ "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" زياد جرغون أن "استمرار فرض العقوبات من قبل السلطة الفلسطينية على قطاع غزة يصبّ في خدمة مشروع فصل الضفة الغربية عن القطاع ويدخل ضمن صفقة العصر الأميركية"، واستغرب جرغون في بيان أمس، تصريحات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات التي قال فيها إن السلطة الفلسطينية "لم تدفع رواتب موظفي غزة بسبب مشاكل اقتصادية وفنية". وسأل: "لماذا لم تنطبق المشاكل الاقتصادية والفنية على الضفة؟ أم أن الضفة أنت وغيرك تدافع عنها، وتعتبر غزة حمولة زائدة؟ على السلطة الفلسطينية أن تتعامل بالتساوي وبالسياسة نفسها مع غزة والضفة والعدل والمساواة بين أبناء الشعب الواحد على اعتبار أنها مسؤولة عن شطري الوطن".
وطالب جرغون الرئيس محمود عباس "بتطبيق قرارات المجلس الوطني التي طالبت برفع العقوبات فوراً عن القطاع، وإعادة الرواتب التي حُسمت من موظفي غزة، والعمل على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الوطنية"، في غضون ذلك (أ ف ب)، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أمس، أن دباباته قصفت موقع رصد تابع لحركة "حماس" في أعقاب تسلل أفراد من قطاع غزة إلى إسرائيل وإضرامهم النار في موقع عسكري خالٍ وعودتهم أدراجهم. وفي حادث منفصل، أعلن الجيش أن "طائرة من دون طيار أُطلقت من شمال غزة هبطت في إسرائيل خلال الليل ويتم فحصها"