قوات الاحتلال الإسرائيلي

ما إن اختفى ثلاثة مستوطنين إسرائيليين ليل الخميس الماضي حتى سارعت "إسرائيل" لاتهام حركة "حماس" بالمسئولية عن اختطافهم، وتوعدت بـ"تصفية الحساب" مع الحركة التي تملك "زخمًا" عسكريًا في قطاع غزة.
ويتهم الكيان الإسرائيلي قادة في حماس وأسرى محررون في القطاع وخارجه بالتواصل مع خلايا مقاومة تابعة للحركة في الضفة لتنفيذ عمليات أسر جنود لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين، وقال وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون إن جيشه أحبط أكثر من 50 محاولة أسر جنود للحركة منذ العام الماضي.
وفتحت التهديدات الإسرائيلية لحماس الباب واسعًا أمام التكهنات بطبيعة رد الاحتلال على القطاع إذا ما ثبت أن الحركة تقف خلف علمية "خطف" المستوطنين إما بالإعلان أو بالكشف عن منفذي العملية والوصول إلى المخطوفين.
وتلاقي السياسة الأمنية الإسرائيلية- القديمة الجديدة- مع قطاع غزة انتقادات واسعة من كتاب إسرائيليين، واعتبروها عقيمة في مواجهة المشاكل المتراكمة والمتجددة، كما يقول المحلل السياسي الباحث في الشأن الإسرائيلي ناجي البطة لوكالة "صفا".
إبعاد ونفي
ويرى المحللون الإسرائيليون أن السياسية الأمنية في التعامل مع الفلسطينيين أصبحت "بالية" مع وجود مؤشرات لحدوث عملية اختطاف كالتي حدثت مع الجندي نسيم توليدانو الذي أسرته كتائب القسام في ديسمبر 1992 وقتله بعد عدم استجابة الاحتلال لمطالبها بالإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، وأُبعد على إثرها قادة حركة حماس إلى مرج الزهور في جنوب لبنان.
وتخوف الباحث في الشأن الإسرائيلي من ترحيل قيادات من حركة حماس بالضفة إلى القطاع أو نفيها نهائيًا، وتصعيد عسكري محدود، لكنه يرى أن الاحتلال يفتقد لمبرر قوي لشن عدوان على غزة طالما هي بعيدة عن أسير المستوطنين.
وسارع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحميل حركة حماس المسئولية عن اختفاء المستوطنين الثلاثة، وقال إن لديه معلومات تؤكد أن عناصر في الحركة اختطفتهم، وحذرها من عواقب وخيمة.
تهديد لقادة حماس
ويعتقد البطة أن اتهام نتنياهو لحماس باختطاف المستوطنين يأتي نتيجة علمه بما يدور داخل التنظيمات الفلسطينية في الضفة باستثناء حماس، إضافة إلى أن التنفيذ الاحترافي للعملية لا يقوم به إلا من أسر الجندي جلعاد شاليط من قبل. لكنه لفت إلى أن كل ذلك يبقى تخمينات.
وأوردت وسائل إعلام عبرية أسماء بعض قيادات حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام التي ربما تلجأ "إسرائيل" لاغتيالها ردًا على عملية "اختطاف" المستوطنين الثلاثة في الضفة.
ومن بين القيادات التي وردت أسماؤهم في القائمة نائب رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية والقيادات فتحي حماد، وصالح العاروري، ومازن فقهاء، إضافة إلى القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف والقيادي بالكتائب مروان عيسى.
مبررات الحرب
ولم يستبعد البطة قصف الاحتلال الإسرائيلي لأهداف محددة في قطاع غزة، وربما تتسع لحرب كبيرة في حال توفر دعم إقليمي ودولي للعملية، وقال إن أي فشل في عدوان جديد على القطاع "يؤثر في جوهر مستقبل المشروع الصهيوني".
ويعتقد البطة أن الاحتلال يستدرج بعض المجموعات المسلحة غير المنضبطة في غزة لقصف أهداف إسرائيلية لتبرير قصفه القطاع، لكنه لا يستبعد أن تكون بعض تلك المجموعات متعاونة مع الاحتلال لتوفير ذريعة لعملية عسكرية محدودة بالقطاع.
وفي احتمال آخر، قد يلجأ الكيان الإسرائيلي لفتح خطوط اتصال مع بعض قيادات حماس بالضفة الغربية لـ"حفظ ماء وجه" حكومة الاحتلال أمام جمهورها، لأن فشل عملية إطلاق المستوطنين سيسقط الحكومة اليمينية التي راهن عليها المجتمع الإسرائيلي لحمايته من المقاومة، كما يؤكد البطة.
تردد إسرائيلي
وتوعد وزير الجيش الإسرائيلي موشي يعلون بالرد على عملية خطف المستوطنين الثلاثة "بتدفيع قادة حماس الثمن باهظًا في الوقت والمكان المناسبين".
ويقول المختص في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي لوكالة "صفا" إنه إذا أثبتت نتائج التحقيقات الإسرائيلية أن لقطاع غزة علاقة بعملية اختطاف المستوطنين فإنه من المفترض أن يكون هناك رد إسرائيلي على القطاع.
لكن النعامي يلفت إن أن "إسرائيل" ستتردد كثيرًا في إشعال جبهة غزة لأن الصواريخ ستضرب المناطق الإسرائيلية من النقب جنوبًا وحتى وسط الكيان، وستركز على العمل الميداني في الضفة وربما إبعاد قيادات حماس وتدمير منازلها وتجفيف منابعها.
وأضاف "لا أعتقد أن غزة على رأس الاهتمامات العسكرية إلا إذا أدى إطلاق الصواريخ التي يطلقها مراهقون إلى نتائج محرجة (..) بالتأكيد هذه الصواريخ لا تخدم إلا الاحتلال".
ويرى أن اتهام الاحتلال حركة حماس بالوقوف خلف اختطاف المستوطنين إما على خلفية معلومات مؤكدة أو رغبة في "شيطنة" اتفاق المصالحة الذي وقعته حركتا حماس وفتح في إبريل الماضي وقطعت الطريق أمام تنفيذه.
وهاجم وزير الجيش الإسرائيلي اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح قائلاً: إن "السلطة التي يعتبرها البعض معتدلة عقدت حلفًا مع حماس التي خطت على علمها شعار إبادة إسرائيل وقتل اليهود وتتطلع للسيطرة على مناطق الضفة الغربية".
المصدر: صفا