الناخبين الأفغانيين

مددت لجنة الانتخابات الأفغانية التصويت في عدد من الولايات الأفغانية، بعد عدم تمكن الكثير من الناخبين من الوصول إلى صناديق الاقتراع في عدد من المناطق والولايات ، وعدم مشاركة الناخبين في الاقتراع بسبب سيطرة قوات طالبان عليها.

بدأت التصويت صباح أمس (السبت) في الانتخابات العامة للبرلمان الأفغاني، لكنه تزامن مع دوي الانفجارات في عدد من المناطق، تنفيذاً لوعيد طالبان بالعمل على منع إجراء هذه الانتخابات التي وصفتها بأنها «ستعطي صورة تجميلية للقوات الأميركية والحكومة الأفغانية الموالية لها».

ونقلت وكالات أنباء غربية من كابول، أن الانتخابات الأفغانية هيمنت عليها مشاهد الفوضى ومزاعم الفساد، وكذلك العنف الذي اضطر السلطات إلى تأجيل الانتخابات في ولايتي غزني وقندهار؛ بسبب تهديدات طالبان بعرقلة الانتخابات في أفغانستان.

وتوجّه الرئيس الأفغاني، أشرف غني، للاقتراع في أحد المراكز الانتخابية تحت حراسة أمنية مشددة، داعياً كل الأفغان إلى ممارسة حقهم في الانتخاب، في حين يشعر مسؤولون أفغان بقلق متزايد جراء العنف الذي أدى إلى إحجام الناخبين عن المشاركة في التصويت، وبخاصة بعد حادثة قندهار التي ذهب ضحيتها حاكم الولاية زلماي ويسا، وقائد الشرطة الجنرال عبد الرزاق، وقائد الاستخبارات الجنرال مؤمن، وقائد الجيش في الولاية؛ وهو ما دفع الحكومة إلى تأجيل الانتخابات في ولاية قندهار مدة أسبوع، كما جاء في بيان رسمي.

وكانت حركة طالبان قد دعت عبر لجانها المختلفة إلى مقاطعة الانتخابات، التي اعتبرتها مفروضة من الخارج لأهداف تهم أميركا ولا تراعي مصالح الشعب الأفغاني، محذرة الناخبين كافة من الاقتراب من مراكز الاقتراع؛ خشية تعرضهم للإصابة جراء الهجمات. وكانت طالبان أعلنت مسؤوليتها عن مقتل تسعة من المرشحين للانتخابات، كان آخرهم عبد الجبار قهرمان في ولاية هلمند الجنوبية مع عدد من أنصاره، حيث تم تفجير مقره الانتخابي. وفي حين ذكرت الحكومة الأفغانية وقوع عدد من الحوادث الأمنية وإطلاق عدد من الصواريخ على العاصمة كابول ومدينة قندوز في الشمال، ذكرت تقارير أخرى وقوع إطلاق نار خارج مدينة غزني جنوب شرقي أفغانستان وعدد من الانفجارات في مناطق خارج العاصمة.

وبحسب الكثير من المسؤولين، أوقعت الاعتداءات الكثيرة بالقذائف أو بتفجير عبوات تقليدية الصنع قتلى وعشرات الجرحى، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح مسؤولون أمنيون، أن 13 شخصاً على الأقل قتلوا، بينهم مدنيون وعناصر من الشرطة، في اعتداء انتحاري استهدف مكتب اقتراع في كابول. في حين قال المتحدث باسم الشرطة في العاصمة، بشير مجاهد، إنه «تم رصد انتحاري قرب مكتب اقتراع في كابول قام بتفجير حزامه الناسف». في حين أعلن مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الانفجار أوقع 13 قتيلاً على الأقل. كما قتل أربعة أشخاص على الأقل، وأصيب 78 آخرون بجروح في العاصمة كابول وحدها إثر حوادث قرب مكاتب اقتراع، بحسب المتحدث المساعد باسم وزارة الصحة.

وكانت لجنة الانتخابات قالت، إنها كانت تعتزم فتح 7355 مركز اقتراع، لكن لم يتسن لها إلا فتح 5100 مركز اقتراع لأسباب أمنية. وأصدر الناطق باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، بياناً قال فيه، إن مقاتلي الحركة شنّوا يوم الانتخابات 166 هجوماً؛ مما أفشل عملية الانتخابات في غالبية المناطق الأفغانية حسب قوله. وشملت هذه الهجمات مراكز أمنية وقواعد عسكرية ونقاط تفتيش على مداخل المدن، وتجمعات القوات الأفغانية المنوط بها حراسة عملية الاقتراع، حيث يشارك أكثر من سبعين ألف جندي وشرطي في تأمين عملية الاقتراع في المدن والأرياف الأفغانية. وحسب بيان الناطق باسم حركة طالبان، فإن العشرات من الجنود الحكوميين وعناصر الاستخبارات الأفغانية والشرطة قُتلوا في عمليات طالبان، كما أن هجمات طالبان تسببت في إقفال مئات من مراكز الاقتراع أو عدم اقتراب الناخبين منها بشكل كامل. 

وأضاف بيان طالبان، أنه حتى ظهر أمس (السبت)، لم يدلِ بالأصوات في الانتخابات إلا جزء من موظفي الحكومة الأفغانية، وأن بقية الشعب الأفغاني مارسوا المقاطعة الشاملة للانتخابات. وأشارت بيانات أخرى لحركة طالبان إلى مقاطعة شاملة للانتخابات في ولايات هلمند وفراه وفارياب التي تسيطر طالبان على غالبية أراضيها.

ومع بدء التصويت، أبلغ ناخبون ومراقبون للانتخابات عن حدوث مشكلات في بعض الأماكن، شملت تأخر فتح عدد من مراكز الاقتراع وصعوبات في استخدام أجهزة التحقق من هوية الناخبين بالاستدلال البيولوجي. وقال محمد محقق، أحد زعماء قومية الهزارة التي يعيش عدد كبير من أبنائها في غرب العاصمة «ما زالت هناك مراكز كثيرة في الجزء الغربي من كابول لم تفتح. أنتظر هنا منذ ساعتين ونصف الساعة، لكن موظفي الانتخابات يقولون إنهم ينتظرون قوائم الناخبين».

وهناك أيضاً ناخبون يأملون في أن تساعد العملية الانتخابية في تحسين حياتهم. وقال عبد الله، وهو ناخب في مدينة هرات بغرب البلاد كان يجلس على كرسي متحرك «أريد أن يخدم المرشحون البلد، وأن يسمعوا أصوات المعاقين والفقراء».

وتم فتح خمسة آلاف مكتب تصويت في مناطق البلاد الخاضعة لسيطرة الحكومة. ولأسباب أمنية، لم يتم فتح ألفي مكتب في المناطق التي تسيطر عليها حركة طالبان. كما نُشر نحو 54 ألف عنصر أمن لضمان حماية الناخبين المسجلين، وعددهم 8.9 مليون. ويتنافس في الانتخابات أكثر من 2500 مرشح على 249 مقعداً في مجلس النواب.

ويعتبر هذا الاقتراع اختباراً كبيراً للانتخابات الرئاسية في 2019، ومرحلة مهمة قبل اجتماع الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) بجنيف، حيث يتعين على أفغانستان أن تثبت أنها أحرزت تقدماً في العملية الديمقراطية.