المهندس عماد نجيب الفاخوري

رفع الأردن رسميًا إلى الأمم المتحدة خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية لعام 2017-2019، لاعتمادها مرجعية وطنية وحيدة لتحديد احتياجات الاستجابة للأزمة السورية، ولتدخلات منظمات الأمم المتحدة والجهات المانحة.

جاء ذلك على لسان وزير التخطيط والتعاون الدولي، المهندس عماد نجيب الفاخوري، خلال مشاركته في مؤتمر دولي عقد في العاصمة الفنلندية هلسنكي على مدى اليومين الماضيين، لمناقشة القضايا الإنسانية المتعلقة بسورية والمنطقة.

وحمل الوزير الفاخوري، في مداخلة في الجلسة الافتتاحية، المجتمع الدولي وصناع القرار، المسؤولية تجاه زيادة الدعم للأردن، لتمكينه من الاستمرار بلعب دوره المحوري وتقديم النموذج الأردني المقدر دوليًا ومواجهة التحديات الاقتصادية، وتعزيز منعته والاستمرار بتقديم الخدمات، معربًا عن تقديره لمجتمع المانحين على دعمهم الذي قدموه حتى الآن.

وفي ضوء الأعباء التي يتحملها الأردن عن المجتمع الدولي، ومن منطلق تقديمها لسلعة عامة كونية، بالإنابة عن المجتمع الدولي وحالة الإشباع التي وصل إليها، ناشد الفاخوري، في مداخلاته المجتمع الدولي والدول المانحة، الاستمرار بتقديم الدعم اللازم من خلال زيادة المنح لدعم الموازنة وزيادة المنح لخطط الاستجابة الوطنية.

كما دعا الفاخوري، لزيادة التمويل الميسر جدًا لاحتياجات الأردن التنموية، على الرغم من تصنيفها كدولة متوسطة الدخل، في ضوء التأثر بالصراعات المجاورة، مؤكدًا على ضرورة تقديم دعم لتخفيف المديونية أو مبادلتها وطالب بزيادة هجرة لاجئين سوريين من الأردن ودول الجوار، واستقبالهم في دول ثالثة، لتخفيف الأعباء على الدول المستضيفة.

وقال الوزير، "إن التحديات التي تواجه الأردن ليست مشكلة لاجئين فحسب، بل هي قضية تطال جميع مناحي الحياة في المملكة، لذا فإن خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للأعوام 2017-2019، التي أقرتها الحكومة والمجتمع الدولي من ممثلي الدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة، والممثل المقيم للأمم
المتحدة وممثلي منظمات الأمم المتحدة خلال الاجتماع التاسع، لإطار دعم الاستجابة للأزمة السورية ستركز على دعم المجتمعات المستضيفة ودعم الموازنة.

وأضاف الفاخوري، أن الحكومة لديها خطة استجابة شاملة وحاسمة لهذه الأزمة، لافتًا إلى أن خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للأعوام 2017-2019، هي دعوة لمزيد من الاستجابة لهذه الاحتياجات المالية منذ بضعة أعوام، مؤكدًا أن الخطة اعتمدت رسميًا مرجعية وطنية وحيدة، لتحديد احتياجات الاستجابة للأزمة.

وفيما يتعلق بالخطة الإقليمية للمنحة واللاجئين، والتي ستعتمد من منظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، قال الفاخوري، "إن مدخلاتها ستكون هي خطة الاستجابة الأردنية 2017-2019 "، داعيًا لتوازن تدخلات منظمات الأمم المتحدة ما بين احتياجات الإنسانية، وما بين احتياجات المنحة بشقيها دعم
الموازنة أو تخفيف الأعباء عن الخزينة ودعم الاحتياجات للمجتمعات المستضيفة.

وأكد الفاخوري، أن الأزمة السورية ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة في الأردن، وأدت إلى ضغط كبير على الخدمات والموارد والبنية التحتية، ونجم عنها منافسة شديدة على فرص العمل المحدودة، وارتفاع أجور المساكن خاصة في المناطق الفقيرة والأشد فقرًا، كما أدت الأزمة إلى ضغط كبير على موازنة الدولة، نتيجة لقلة توفير الخدمات، والإجراءات الأمنية، وزيادة الدعم نتيجة لزيادة استهلاك السلع المدعومة، بالإضافة إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والبيئية.

وفيما يتعلق بحجم التمويل الإجمالي لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2016-2018، قال الفاخوري، إنها بلغت حوالي 1.436 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل 54.5% من إجمالي الاحتياجات المطلوبة.

وحث الفاخوري المجتمع الدولي وصناع القرار المشاركين، على زيادة الدعم للأردن في ضوء الدور المحوري الذي يلعبه في تعزيز الأمن والسلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، وفي محاربة التطرف، وحوار الأديان والحضارات، وحماية ومساعدة اللاجئين الفارين إليها.

وقال الفاخوري، إن الأردن يتحمل مسؤولياته الدولية بتميز، وفي تنفيذ الإصلاح الشامل والمتدرج والنابع من الداخل وفق الرؤى الملكية وخارطة طريق وطنية جامعة، والأوراق النقاشية لجلالة الملك ووثيقة الأردن 2025 والبرامج التنموية التنفيذية وبرامج تنمية المحافظات المتعاقبة، والإستراتيجيات المنبثقة وعلى رأسها الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وفي مجالات تمكين الشباب والمرأة، مضيفًا أن الأزمة السورية لم تعد قضية إغاثة وتوفير مأوى، وإنما تطال جميع مناحي الحياة في الأردن، والدول المستضيفة للاجئين، ما استدعى اتباع منهج تعزيز المنحة، والذي يتناول الجوانب الإنسانية والتنموية لكل قطاع، بالإضافة إلى مكون دعم الخزينة، مؤكدًا أن متطلبات وأعباء الأزمة السورية أكبر بكثير من أن يتحملها الأردن وحده، حيث أن الأردن يقدم خدمة عالمية سلعة كونية عامة( النيابة عن المجتمع الدولي).

وبين خلال الاجتماع، التحديات الإنسانية والتنموية التي يواجهها الأردن، في مسعاه لتوفير المساعدة للأخوة السوريين الموجودين على أراضيه دون تعريض مكتسباته التنموية للخطر، مؤكدًا أهمية قيام المجتمع الدولي وحكومات العالم على العمل معًا من أجل تقليل معاناة اللاجئين السوريين، وتزويدهم بالوسائل اللازمة ليكونوا مساهمين فاعلين في إعادة بناء بلدهم وتمكينهم اقتصاديًا، وتمكينهم من العيش بكرامة، مشيرًا إلى أهمية أن يتزامن ذلك مع تخفيف الآثار السلبية على المجتمعات المضيفة للاجئين، وإلغاء الحواجز بين الاستجابات الإنسانية والتنموية.

وأوضح وزير التخطيط والتعاون الدولي، أن المملكة منذ الحرب العالمية الأولى، استقبلت موجات من اللاجئين من الدول المجاورة والإقليم ككل، وتستضيف حاليًا نحو 2.8 مليون لاجئ مسجل لدى الأونروا والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ما يجعل الأردن أكبر مستضيف للاجئين في العالم.

وأعرب الفاخوري عن تقديره لمجتمع المانحين على دعمهم المقدم حتى الآن، وحثهم على ترجمة كل تعهداتهم التي أعلنوها في مؤتمر لندن وغيرها، إلى تمويل حقيقي لتلبية المتطلبات الأردنية، كما هو متفق عليه في خطة الاستجابة الأردنية في عام 2016، واصفًا الدعم الذي تلقاه الدولة ضمن خطة الاستجابة الأردنية، والذي بلغ نحو 54 بالمئة، من أصل الدعم المطلوب، بالارتفاع الإيجابي مقارنة مع معدل الدعم للأعوام قبل 2016، حيث كان الدعم للخطط السابقة يغطي ثلث الاحتياجات السنوية "ولكن ما زال 45 بالمئة من هذه الاحتياجات غير مدعوم".

وقال الفاخوري، "إن الأردن خلال الأعوام الست الماضية، تحمل تكاليف الأزمة التي أثرت في جميع جوانب الحياة فيه، وأثرت سلبًا في نمونا الاقتصادي وسياحتنا وصادراتنا والاستثمار واستدامة انجازاتنا التنموية وبرامج التصحيح الاقتصادي"، مشيرًا إلى دراسة حديثة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قدرت الأثر السنوي
غير المباشر للأزمة السورية على الأردن، بأنه يتراوح ما بين 3.1 و 3.5 مليار دولار، هذا إضافة إلى تكلفة ملياري دولار كمعدل سنوي، كأثر مباشر للازمة.

وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي، أن الأردن وصل حد الإشباع فيما يخص قدرته على الاستمرار في تحمل أعباء استضافة اللاجئين السوريين، نيابة عن العالم، مشددًا على أن استمرار المجتمع الدولي في تنفيذ التزاماته بتقديم الدعم الكافي للمملكة، يمكنها من تعزيز منحته، وبالتالي الاستمرار في تقديم الخدمات.

وأشار الفاخوري، إلى أن الأزمة لم تعد تعني التعامل مع حل سريع، وإنقاذ للأرواح فقط، بل إنها تتحول إلى مسألة منحة، حيث على الحكومات أن تقود، وعلى السياسات والإجراءات الوطنية أن تطبق، وبهذا الخصوص، أشار إلى إقرار خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2017-2019، وقال إنها تشكل نقلة نوعية تضع المنحة في مركز الاستجابة للأزمة، وأن الخطة هي إطار الاستجابة الوحيدة الشاملة للأردن، التي تربط بشكل فعال التدخلات الإنسانية مع المبادرات طويلة الأمد، التي تهدف إلى تقوية قدرات المنحة المحلية والوطنية.