الأزهر الشريف

ردَّ علماء من الأزهر الشريف، على الجدل السائد حاليًا بشأن حدوث انقسام فلكي بين الدول الإسلامية حول غرة شهر شوال وإثبات عيد الفطر المبارك، حاسمين الجدل في هذا الشأن واختلاف المواقيت بين البلاد العربية والاحتفال بعيد الفطر في قُطر دون آخر.

وأكد علماء الأزهر أن ما يحدث لا يسمى انقسامًا نهائيًا بل يُعرف بـ «اختلاف المطالع»، وهو اختلاف رؤية الهلال من بلد لآخر، وحدث قبل ذلك اختلاف في مواعيد رؤية هلال شهر شوال، لافتين إلى أن الرؤية تتم بالطرق الشرعية، وإذا تعذرت رؤيته نستعين بالرؤية الفلكية لقول الرسول -صلَّى الله عليه وسلم-:“لا تَصومُوا حتى تَرَوُا الهلالَ، ولا تُفطِروا حتى تَرَوْه، فإنْ غُمَّ عليكم فاقدُرُوا له“، أي أتموه.

ولفت علماء إلى أن الانقسام يكون في الشعيرة الدينية الثابتة التي يجب أن يتوحد عليها العالم الإسلامي، مثل وقفة يوم عرفة، فإن خالفت دول أو قُطر ذلك فهذا يعد انقسامًا، أما ما يحدث الآن فيسمى اختلاف مطالع، مؤكدين أن ذلك حدث في عهد النبي عندما رأوا الهلال في بلاد الشام مختلفًا عن الهلال في الحجاز.

الدكتور السعيد محمد علي، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق في مصر، وأحد علماء الأزهر الشريف، قال لـ«إرم نيوز» إن اختلاف المطالع وارد بين الأقطار العربية ولاشيء فيه، ويصوم ويفطر كل قطر لرؤية الهلال، لافتًا إلى أن اختلاف المطالع مقر شرعًا بين علماء السُّنة وفقهاء المسلمين ولا يستحق أي جدل بشأنه، لأن العالم الإسلامي يتسع وتختلف المواقيت بين الأقطار والتي تصل إلى 15 ساعة.

اقرأ أيضا:

تعرف على سبب تسمية الجامع الأزهر الشريف

وأضاف وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن هناك حسابات فلكية وشرعية لرؤية الهلال، فعلماء الفلك يعتمدون على علم النجوم والحسابات الفلكية وتختلف الرؤية في بعض الأوقات عن الرؤية الشرعية، وتختلف أيضًا بين علماء الفلك أنفسهم ما بين قطر وآخر بما يؤكد عدم وجود رؤية موحدة لاختلاف الليل والنهار.

وأوضح «السعيد» لا يوجد انقسام بين الأقطار الإسلامية في رؤية الهلال بل هي اختلاف مطالع للهلال، أما الانقسام فيأتي في الشعيرة الثابتة وهذا لا يحدث وتتوحد الرؤى.

واستشهد وكيل وزارة الأوقاف بحديث كريب، أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام، فقال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهلَّ عليَّ رمضان وأنا في الشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبدالله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورأه الناس وصاموا، وصام معاوية، فقال: لكنَّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.

وأيد الدكتور مجدي عاشور، مستشار المفتي المصري، وأمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، رؤية وتحليل الدكتور السعيد محمد علي، مؤكدًا أن رؤية الأهلة تختلف في بعض الدول عن بعضها نتيجة لاختلاف المطالع بينها، فإذا استحالت رؤية الهلال في بلد كانت دعوى رؤيته في بلد آخر غير ملزمة لهم.

وأوضح مستشار المفتي لـ“إرم نيوز“ أنه إذا نفى الحساب القطعي طلوع الهلال فلا عبرة بقول من يدَّعيه، وإذا لم ينفِ ذلك فالاعتماد حينئذٍ على الرؤية البصرية في إثبات طلوعه من عدمه.

ولفت إلى أنه من القطعي أن شهر رمضان لا يكون أبدًا 28 يومًا، مستشهدا بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:«إنّ اللهَ قَدْ جَعَلَ الأَهِلَّةَ مَوَاقِيتَ؛ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَشْهُرَ لا تَزِيدُ عَلَى ثَلاثِينَ».

وأشار إلى أن القول باتحاد المطالع، وتوحُّد الرؤية، يخالف المعقول، لما علم وثبت بالضرورة من اختلاف الأوقات، ولأن الشرع أناط إيجاب الصوم بولادة شهر رمضان، وبدء الشهر يختلف باختلاف البلاد وتباعدها، مما يقتضي اختلاف حكم بدء الصوم تبعًا لاختلاف البلدان وكذلك الإفطار.

وأوضح أنه من الأدلة قوله -صلى الله عليه وسلم-: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته»، وكذلك حديث: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه» وهذا ربما يختلف من قطر لآخر.

كان الفلكي والمؤرخ الكويتي وعضو الجمعية الملكية البريطانية للفلك عادل السعدون، صرح الخميس، بأن“انقسامًا فلكيًّا كبيرًا سيحدث بين الدول الإسلامية حول غرة شهر شوال وإثبات عيد الفطر السعيد“.

وقال السعدون، إنه بناءً على ذلك فإن هناك دولًا ستفطر، يوم الثلاثاء بناءً على حسابات القمر، لأنه اقترن مع الشمس وغاب بعد مغيب الشمس ولو ببضع دقائق وليس بحسب الرؤية الشرعية لأنه لن يرى، أما بحسب الرؤية فإن شهر شوال يبدأ يوم الأربعاء الـ 5 من يونيو/حزيران ويكون الشهر قد اكتمل 30 يومًا لذا من المتوقع ألا تفطر الكثير من الدول يوم الثلاثاء.

قد يهمك أيضا:

تعرَّف على تفسير {فَإِنِّي قَرِيبٌ} وطريقة إجابة الله دعوة الداعي

علماء مركز الأزهر الشريف للفتوى يتناولون معنى "نقد الذات"