جثة ـ أرشيفية

أكّد رجال المباحث أن طرف الخيط لحل لغز الجريمة الملقى على عاتقهم كشف تفاصيلها يبدأ من شارع الصاغة.

التقط الرائد طارق مدحت، والنقيب أيمن سكوري، معاونا مباحث بولاق الدكرور، كلمات مدير الفندق، وانتقلا للمرحلة الثانية من رحلتهما لكشف ملابسات الواقعة، بفحص كاميرات مراقبة المحلات بشارع الصاغة، حيث أظهرت العجوز السودانية، تتردد على محال عدة ، قبل أن تختفي داخل ممر ضيق يقع بمدخله محل "أمين الصاغة" ملك "هشام" ويقابله محل شقيقه "محمد".

جلس ضباط المباحث مع "هشام"، 50 سنة، وطلبوا الاطلاع على كاميرات المراقبة "للآسف بايظة.. وقعت ميه على جهاز التسجيل"، معربا عن حزنه لفشله في تقديم يد العون لرجال الشرطة "كان نفسي أساعد.. بس الظروف أقوى مني".

طوال 4 أيام متتالية من أعمال البحث والتحري، علم ضابطا المباحث أن هناك خلافا بين "هشام" وشقيقه الأصغر بسبب الميراث، وصل إلى حد القطيعة بينهما، ليؤكد عامل بمحل مشغولات فضية مجاور "كل واحد منهم في حاله.. متحسش إنهم إخوات".

مفاجأة من العيار الثقيل فجرتها كاميرا محل "محمد" التي أظهرت السيدة السودانية داخل محل شقيقه في تمام الرابعة مساء الجمعة ومكثت لساعات طويلة  من دون خروجها، لتتجه أصابع الاتهام إلى "هشام"، الذي لم يستطع الإنكار فور مواجهته بالتحريات وتسجيلات الكاميرات.

وأقر المتهم بارتكاب الواقعة؛ إثر نشوب مشادة كلامية بينه والضحية، وتعديها عليه بالسب والشتم بسبب خلاف على السعر، الأمر الذي أثار حفيظته، بقوله "طلبت من ابني يقفل المحل من برا عليا"، وأحضر سكينا من المحل، وعاجلها بالذبح من الخلف، ثم قطعها لعشرة أجزاء بدءا من السابعة مساء وحتى العاشرة مساء.

رغم حل لغز القضية إلا أن لغزًا آخر تبقى، بحث رجال المباحث عن حله "كيف نفذ المتهم جريمته داخل المحل الضيق الكائن بمنطقة الجمالية؟".

على مدار ساعات طويلة، عكف الرائد طارق مدحت، والنقيب أيمن سكوري، معاوني مباحث بولاق الدكرور، على فحص المحل، وإجراء معاينة دقيقة كما لو أنهما بدءا التحقيق في القضية آنذاك، ولم يكتفيا بتقرير المعمل الجنائي.

تبادل الضابطان السيناريوهات المنطقية لطريقة تقطيع جثة الضحية، ووضعها داخل أكياس، ونقلها دون أن يشعر به أحد وسط ذلك الشارع المكتظ بالمارة وأصحاب المحال، على مقربة من أحد الأكمنة المسؤول عناصرها عن تأمين "شارع الصاغة" بمنطقة الجمالية.

في نهاية المحل الضيق، توجد خزينة حديدية كبيرة الحجم، فكر الرائد طارق مدحت في تحريكها من موضعها، فوجد النقيب أيمن سكوري يهم بمساعدته وكأنهما توصلا لشئ في نفس اللحظة. لاحظ الضابطان عدم استقرار "البلاط الواقع تحت الخزينة".

بإزاحة قطعتي بلاط، جاءت المفاجئة باكتشاف سرداب سري أسفل المحل، أسرع الضابطان لاكتشافه، وتبين أنه على مساحة 3X3 متر، وجدت آثار دماء على أرضيته وبجدرانه، فضلاً عن "فوط" مدممة، لينتهي اللغز عند هذا السرداب الذي اتخذه المتهم مسرحًا لتقطيع الجثة على مدار 3 ساعات.

وأوضح المتهم أنه طلب من نجله "محمد"، 22 سنة، وعامل بالمحل يدعى "أحمد.م"، 15 سنة، إحضار أكياس بلاستيك وأدوات نظافة، وضع الأشلاء داخلها، وحمل الثلاثة الأكياس على مرأى ومسمع من الجميع الذين بادروا بسؤالهم عن ماهيتها "هشام قال لنا إن دي رنجة وفسيخ هيوزعها على أصحابه"، حسب صاحب محل مجاور.

استقل المتهمون سيارة "هشام" الملاكي ماركة إسكودا، وتخلص من الأكياس بمناطق (صلاح سالم والمدابغ بالقاهرة، كفر طهرمس والمنيب بالجيزة)، وباع المسروقات مقابل 16 ألف جنيه، وتم ضبط 2 غويشة ومبلغ 15 ألف جنيه.