وليد المعلم

أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين، وليد المعلم، أن هناك تحولًا في مواقف الدول التي عرفت بدعمها للتنظيمات المتطرفة بعدما وصلت إلى قناعة بأن تحقيق أهداف المؤامرة في سورية "لم يعد ممكنًا"، مشددًا على أنه لا أحد يستطيع أن يقرر نيابة عن الشعب  مستقبل بلده كائنًا من كان.

وقال الوزير المعلم، في مقابلة مع قناة "الميادين"، بثت كاملة، الثلاثاء: "إن سورية بدأت بكتابة الفصل الأخير من الأزمة وهي تتجه بخطى ثابتة نحو إعادة إعمار ما دمره الإرهابيون"، مضيفًا "أن ما يجعلني أعتقد ذلك هو أولًا انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه وتحريرهم الكثير من المساحات خلال فترة قصيرة، وثانيًا ما لمسناه من تحول في مواقف الدول التي عرفت بدعمها للتنظيمات الإرهابية، ويبدو أنها وصلت إلى قناعة أن تحقيق أهداف هذه المؤامرة لم يعد ممكنًا".

وأكد المعلم أن الهدف هو تحرير كل شبر من الأرض السورية، وقال "عندما نقول ذلك نحن لا نعتمد على سياسات وإستراتيجيات دول أخرى بل نعتمد على شعبنا وتصميم قواتنا المسلحة وقيادتنا أساسًا، ثانيًا لا أحد يستطيع أن يقرر نيابة عن الشعب السوري مستقبل سورية كائنًا من كان"، متابعًا "من هنا أقول وبكل ثقة أنهم برغم ما خططوا ورسموا طيلة سبعة أعوام فقد فشلوا وسيفشلون".

وبشأن الوجود الأميركي على الأراضي السورية، أوضح الوزير المعلم أنه "يجب التمييز بين الوجود الروسي المشروع وبين الوجود الأميركي الذي هو عدوان على سيادة سورية"، وقال "لدينا الدلائل عندما تقوم الطائرات الأميركية بالقصف في أرياف الرقة ودير الزور بحجة مكافحة "داعش"، فإنهم يقصفون المواطنين المدنيين وقد ذهب ضحية هذا القصف آلاف الأشخاص معظمهم من النساء والأطفال ولم يذهب ضحيته إلا القليل من إرهابيي داعش".

وبالنسبة لوجود معلومات تتحدث عن قيام الولايات المتحدة بنقل متزعمي تنظيم "داعش" عبر المروحيات من دير الزور، بيَّن الوزير المعلم أن هذا الأمر يجب أن تسأل عنه الولايات المتحدة، مردفًا "ربما تحتفظ بهم لنشرهم في مكان آخر فهي ما زالت تعتقد أن الإرهاب أداة مهمة لتنفيذ مصالحها هذا وهم لكنها ما زالت تستخدم الإرهاب لتنفيذ مصالحها".
وبخصوص مقتل اللواء الروسي فاليري أسابوف، أبرز الوزير المعلم "نعبر عن أسفنا الشديد لوفاة الجنرال الروسي في دير الزور"، مبينًا أن تنظيم "داعش" تلقى معلومات عن مكان وجوده لقصفه، وعن دعوته لمن غادر البلاد بسبب الإرهاب إلى العودة للوطن، قال "نحن نضمن سلامتهم لكن لا نستطيع أن نجبر أحدًا على العودة هذه عودة طوعية إلى أرض الوطن وأنا أعتقد أن معظمهم راغب في العودة"، مضيفًا "إن هؤلاء سيعودون للإسهام في إعادة بناء البنية التحتية ولذلك أعتقد أنهم لا ينظرون إلى الوضع الراهن للاقتصاد السوري بل ينظرون إلى الوضع المقبل للاقتصاد السوري".

وبشأن لقائه نظيره اللبناني في مقر الأمم المتحدة، أشار الوزير المعلم إلى أن اللقاء مع وزير خارجية لبنان طبيعي وتفرضه حقيقة التاريخ والجغرافيا، قائلًا "كنت سعيدًا بلقاء الوزير جبران باسيل وبحثت معه عدة مواضيع تهم البلدين والمستقبل سيكون أفضل"، لافتًا إلى أن "موضوع زيارة من يعارضنا فى لبنان إلى سورية يعتمد على الطرفين.. كما نترك من عارضنا في لبنان وشارك في سفك دماء السوريين ليحاسبوا أنفسهم.. نحن لن نحاسب أحدًا لكن لنا موقف منهم.. على كل حال هذا سؤال افتراضي.. هؤلاء لم يطلبوا ونحن لم ندرس طلبهم".

وشدد الوزير المعلم على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برهن فعليًا على تصميمه في محاربة التطرف، قائلًا "خلال لقائي به في خريف 2014 كان مطلعًا على تفاصيل ما يجري في سورية ولذلك عندما قال إن معركته ستكون مع الإرهاب للقضاء عليه بالتعاون مع دول أخرى قلت له إن هذه معجزة وأنت رجل بإمكانه تحقيق المعجزات.. فقال أنا مصمم.. وبالفعل برهن فيما بعد على تصميمه".

ولفت المعلم إلى أن روسيا اليوم لاعب أساسي على الساحة الدولية فيما يتعلق بالأزمة في سورية، وسقف الدعم الروسي لسورية غير محدود، مشيرًا إلى أن الاتحاد الروسي حدد مسار موقفه بالنسبة لكل من سورية وإيران بشكل واضح وصريح وهذا ما لا يمكن أن يؤثر فيه أي عامل آخر.

ونوه الوزير المعلم أن الاتحاد الروسي يقوم بترسيخ مبادئ الأمم المتحدة ومبادئ المساواة في العلاقات الدولية وأن تجربتنا مع الاتحاد السوفييتي أثبتت أنه صادق وأمين ولا يفرض مواقفه، لافتًا إلى أن سياسة القطب الواحد برهنت على فشلها وبالتالي ظهر الاتحاد الروسي وظهرت الصين إلى جانبه وهذا يعيد التوازن إلى الساحة الدولية.

وردًا على سؤال، أوضح الوزير المعلم أن "القواعد العسكرية الأميركية هي قواعد مؤقتة وليست ثابتة بدليل ما جرى في التنف كما أن روسيا تعتقد أن موضوع الأكراد هو موضوع داخلي سوري وأن الحكومة من خلال الحوار المستقبلي مع هذه الشريحة من الشعب قادرة على حل هذه المسألة"، مشيرًا إلى أن هناك دروسًا في التاريخ تؤكد أن الولايات المتحدة كانت دائمًا تتخلى عن حلفائها من أجل مصالحها الذاتية ولذلك لا توجد نقطة قلق من هذه المسألة.

وبما يخص الاستفتاء لانفصال شمال العراق، جدد الوزير المعلم التأكيد بأن أي خطوة باتجاه تجزئة العراق مرفوضة وغير مقبولة، لافتًا إلى أن سورية تعترف بعراق موحد وتقيم أفضل العلاقات معه وأن أفضل سبيل في المرحلة المقبلة هو التعايش بين مختلف مكونات الشعب العراقي حتى يعود العراق إلى دوره الطليعي.

وتابع المعلم "إن ما يجري اليوم سواء في إقليم كردستان أو شمال سورية هو نتيجة أخطاء السياسة الدولية التي سعت بكل ما تستطيع من أجل دعم تنظيمات إرهابية لإضعاف الحكومة المركزية وعندما لم تحقق أهدافها أبرزت الموضوع الكردي بشكل واضح"، وقال "صحيح أن أولويتنا في سورية والعراق هي القضاء على داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى لكن لن نقبل بهجوم دولي يقتطع أي جزء من العراق".

وعما إذا كانت تركيا قد عدلت سياستها تجاه سورية بعد اتفاق أستانا الأخير وإعلان منطقة تخفيف التوتر الرابعة في إدلب، أشار الوزير المعلم إلى أنه تم الاتفاق على هذه المنطقة بضمانة إيرانية وروسية وضمانة تركية وبالتالي فهذه المنطقة هي مؤشر واختبار لتركيا، مضيفًا "إذا نجحت هذه المنطقة بوقف إطلاق النار وتخفيف معاناة السوريين هناك تمهيدًا لعودة إدلب إلى حضن الوطن السوري فستكون تركيا فعلًا حققت ذلك".

وفيما يخص مسار العملية السياسية في جنيف، بيَّن المعلم أن مسار جنيف ما زال قاصرًا عن الاستفادة من منجزات أستانا رغم أنه من المفروض أن يكون مسارا جنيف وأستانا مكملين لبعضهما البعض، لافتًا إلى أنه مع الأسف ما زال جنيف خاضعًا لإملاءات قوى تآمرت على الشعب السوري وما لم تقف على الحياد فمن الصعب تحقيق تطور مهم.

وفيما يتعلق بتحفظ الولايات المتحدة على أي مشاركة إيرانية في سورية، صرح المعلم إن "الولايات المتحدة لا يحق لها أن تعترض على شيء وافقت عليه الحكومة السورية.. ونحن نرحب بمشاركة إيران ونتشاور معها باستمرار"، مشيرًا إلى أن اجتماع أستانا أثبت نجاحه والمبادرات التي قدمها قادرة جميع الأطراف المشاركة على التعاطي معها وفيها مصلحة للشعب السوري.

وردًا على سؤال بأن سورية تمضي في خياراتها بعيدًا عن الولايات المتحدة وتستخف بدورها، أعرب المعلم "إنني اعتمد على سبعة أعوام من انتصارات الجيش العربي السوري وصمود الشعب السوري فالتآمر لم يبدأ اليوم بل بدأ منذ 7 أعوام وأنني استنتج أن هذا التآمر فشل بتحقيق أهدافه ومن هنا يأتي الاستخفاف معتمدًا على تجارب عملية مرت بها الأزمة في سورية وأثبت السوريون انتصارهم".

واختتم المعلم "لدينا إمكانيات بشرية هائلة قادرة على القيام بهذه المهمة كما أنه لا يمكن أن نقبل من أي جهة كانت دولة أو شركة تابعة لدولة أن يقتلوا شعبنا ثم يعيدوا الإعمار فهذا أمر غير مقبول"، موضحًا أنه في حال أراد الأوروبيون أن يشاركوا بإعادة الإعمار فأول خطوة يجب أن يقوموا بها هي رفع العقوبات والتوقف عن دعم الإرهاب، مبينًا في الوقت ذاته أن "دور الاتحاد الأوروبي المستقل غير بارز حتى الآن لعدة عوامل أهمها أن العلاقة عبر الأطلسي تلعب دورًا".