سيميغنيو بيكيلي مدير مشروع سد النهضة

أثار مقتل سيميغنيو بيكيلي، مدير مشروع سد النهضة في إثيوبيا، موجة من الحزن الجارف في ذلك البلد، وقد أعرب الكثيرون عن تعازيهم على وسائل التواصل الاجتماعي من صحافيين ورجال أعمل وأكاديميين وسفراء وحتى الخطوط الجوية الإثيوبية، وذلك عقب الإعلان عن العثور عليه قتيلًا في سيارته الخميس الماضي.

وتحقق الشرطة الإثيوبية في ملابسات مقتله بالرصاص، وكان قد تم العثور على مسدس في سيارته التي كانت متوقفة في ميدان ميسكيل بوسط أديس أبابا، وبحلول ظهيرة الخميس تدفق المئات إلى الشوارع مطالبين بـ "العدالة" للمهندس الراحل، ولمعرفة دوافع هذا الحزن والحداد الكبير لابد من إلقاء الضوء على ما يمثله سد النهضة للإثيوبيين.

"طموحات وطنية"

يعرف سد النهضة بأنه أكثر مشاريع البنية الأساسية في أفريقيا طموحًا. وبمجرد بنائه بعرض 1.8 كيلومتر وارتفاع 155 مترًا سيضاعف السد إنتاج إثيوبيا من الكهرباء ثلاث مرات، وهذا السد واحد من بين عدد مشاريع البنية الأساسية الكبرى التي تأمل إثيوبيا أن تضعها بين الأمم متوسطة الدخل بحلول عام 2025.

وتقول بيليتو بولبولا سوراسو، رئيس تحرير "بي بي سي أرومو": "إن المشروع وحد الإثيوبيين". وبالفعل فإن المشروع بنطاقه والطموحات المرتبطة به مثل لحظة وحدة نادرة بين الإثيوبيين الذين تمزقهم النزاعات السياسية والعرقية، فيما أوضحت مارتينا ستيفس-غريدنيف، مراسلة صحيفة "وول ستريت جورنال" للشؤون الأفريقية، إنه كانت تعرف سيميغنيو، مشيرة إلى أنه كان يمثل تلك الطموحات الوطنية.

وأبرزت مارتينا لبرنامج Focus on Africa بإذاعة "بي بي سي": "كان شخصًا وطنيًا كرس حياته من أجل مستقبل إثيوبيا بالمساهمة بما يمكنه القيام به."

"ليس متعاليًا"

كان المهندس الراحل البالغ من العمر 53 عامًا، قد حصل على شهادته في الهندسة من جامعة أديس أبابا، وقاد مشروعين كبيرين من قبل في مجال السدود وهما سدي غيلغيل غيبي وغيلغيل غيبي 2، ولفت الانتباه عام 2011 عندما تم تكليفه بقيادة مشروع سد النهضة. 

وتقول بيليتو إن الصحافة دأبت على إجراء لقاءات معه، وينظر إليه على نطاق واسع كشخص نزيه، ومتواضع، ويسهل الوصول إليه، وتضيف قائلة:" لم يكن متعاليًا، كان يتصرف كأحد العمال في المشروع."  

وكانت تيبيبسيلاسي تيغابو من "بي بي سي" الأمهرية قد أجرت حوارًا مع المهندس الراحل قبل أيام من حتفه، وتقول "كان قد وهب حياته للسد". مشيرة إلى أنه كان يقضي معظم وقته في منطقة التشييد التي تقع قرب الحدود السودانية على بعد نحو ألف كيلومتر من أديس أبابا، وتضيف قائلة "إنه مكان يصعب الحياة فيه وقد عاش هناك 6 أعوام."

رمز السد

وكان سيميغنيو قد أصبح رمزًا للسد، وربما يرمز مصرعه للمشاكل التي تواجه المشروع، وتقول ستيفس-غريدنيف "كان المتحدث باسم المشروع، كان الواجهة، ولست واثقة بإمكانية أن يحل آخر محله بسهولة"، ويعتقد أنه تم إنجاز 60 بالمئة من السد، ولكن هناك غضب متزايد من التأخيرات. 

ففي الأسبوع الأخير من يوليو/تموز، أوضح آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، أنه بالوتيرة الحالية لبناء السد فإنه قد لا ينجز قبل 10 أعوام، وتفخر إثيوبيا بأن السد قد تم تمويله على نطاق واسع محليًا، ولكن أزمة الدولار أبطأت عملية البناء، وذلك بحسب ستيفس-غريدنيف. 

ويواجه بناء السد معارضة من مصر التي تخشى من أن يؤثر السد الذي يقام على مجرى النيل الأزرق على تدفق المياه إليها، وتضيف ستيفس-غريدنيف "إنه فيما يواجه المشروع مشاكل لأسباب عملية فإنني أرى مصرع سيميغنيو بمثابة ضربة لرمزية المشروع." 

وكان من المتوقع دفن سيميغنيو بعد يوم من مقتله، ولكن بيانًا صدر عن اللجنة الوطنية التي تشكلت لترتيب جنازته قال إنه تم إرجاء الدفن. فقد تم ترتيب جنازة كبيرة الأحد 29 يوليو/تموز "يستحقها بطل قومي مثله." 

من ناحية أخرى، اندلعت اشتباكات، الأحد، بين بعض الإثيوبيين والشرطة هناك وذلك أثناء موكب جنازة مدير مشروع سد النهضة سيميجني بيكيلي، وقامت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق الآلاف الذين احتشدوا بميدان الصليب وسط العاصمة أديس أبابا، للمشاركة في تشييع الجثمان، إلا أن الاشتباكات بدأت بعد مطالبة المشيعون بمعاقبة المسئولين، إضافة إلى توجيههم انتقادات حادة للحكومة، فما كان من الشرطة إلا أن تدخلت بصورة عنيفة أسفرت عن إصابة عددًا من المحتجين.