دمشق _ العرب اليوم
عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيريه التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني وضع برنامج شامل وطويل الأمد لإعادة إعمار سورية.
وجاء ذلك أثناء افتتاح القمة الثلاثية التي انطلقت أعمالها الأربعاء في مدينة سوتشي جنوبي روسيا.
وأعلن بوتين أن الجهود الروسية الإيرانية التركية سمحت بمنع تفكك سورية وأتاحت فرصة حقيقية لوضع حد للحرب الأهلية المستمرة لسنوات"، وتابع "يمكن التأكيد أننا بلغنا مرحلة جديدة تفسح المجال أمام التسوية السياسية الحقيقية".
وشدد بوتين على الدور البارز الذي يلعبه نظيراه التركي والإيراني في مفاوضات أستانا بشأن الأزمة السورية، موضحا أن إطلاق هذه المفاوضات قبل نحو عام أتاح لأول مرة جمع ممثلي الحكومات والمعارضة السورية حول طاولة واحدة. وأوضح بوتين أن سبع جولات من مفاوضات أستانا توجت بسلسلة قرارات مصيرية، بما في ذلك تنسيق نظام وقف إطلاق النار وإنشاء أربع مناطق لتخفيف التوتر في سورية.
وأعرب الرئيس الروسي عن قناعته بأن نجاح الإصلاحات المقبلة في سورية يتوقف إلى حد كبير على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وإعادة إعمار الصناعة والزراعة والبني التحتية ونظام الصحة والتعليم، مشيرا أيضا إلى الأهمية البالغة للمسائل الإنسانية، بما في ذلك مساعدة المدنيين وتمشيط المناطق المحررة من الألغام وإعادة النازحين إلى منازلهم.
ونوه بوتين بأن إنشاء مناطق خفض التوتر في سورية أسهم في عملية عودة اللاجئين إلى مناطقهم، محذرا من أن تركيا تعاني من الصعوبات لا مثيل لها كدولة مستضيفة لألوف وحتى ملايين اللاجئين السوريين، حسب قوله.
وأشاد الرئيس الروسي بجدية التحضيرات لقمة سوتشي، مؤكدا اقتناعه بأن هذا اللقاء الثلاثي سيكون مفصلا ومثمرا، وستخدم الاتفاقات المتمخضة عنه استعادة السلم والاستقرار في سورية وتعزيز سيادتها ووحدة أراضيها واستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط على وجه العموم. وذكر الرئيس الروسي أن لقاء اليوم يهدف إلى بحث الخطوات المشتركة الواجب اتخاذها لتثبيت وتطوير التغيرات الإيجابية في سورية.
ودعا بوتين نظيريه التركي والإيراني إلى بحث هيكل مؤتمر الحوار الوطني السوري المتوقع عقده في سوتشي قريبا، مذكرا بأن هدف انعقاد هذا المؤتمر هو إطلاق حوار وطني شامل بين السوريين. وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده بالتعاون مع روسيا وتركيا تمكنت، خلال أقل من عام مر منذ إطلاق مفاوضات "أستانا"، من تمهيد الطريق لإطلاق التسوية السياسية في سورية، فضلا عن الجهود الملموسة في سبيل محاربة الإرهاب.
وأعرب روحاني عن ارتياحه من تمسك طهران وموسكو وأنقرة بالتعاون الوثيق من أجل استعادة السلم والاستقرار في سورية، مع التركيز على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، ما فتح آفاقا جديدا لتسوية الأزمة. وحذر الزعيم الإيراني من أن الحرب على الإرهاب في سورية لم تنتهِ بعد، مشددا على ضرورة أن تستمر الدول الثلاث في توحيد جهودها حتى استئصال الإرهاب هناك.
وقال روحاني إن الأزمة السورية كانت تشهد منذ اندلاعها تدخلات خارجية مباشرة، لا سيما عن طريق نشر السلاح الأجنبي في أراضيها ومساعدة المسلحين الذين شكلوا لاحقا العمود الفقري لتنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، ما أصبح عامل إطالة للأزمة.
وأكد روحاني استعداد طهران لمساعدة دول أخرى في محاربة الإرهاب، مشددا على أن جميع الجهود الإيرانية تستند إلى مبادئ القانون الدولي ودعم الاستقرار في المنطقة. وأشار روحاني إلى أنه لا مبرر لنشر قوات أجنبية في سورية دون موافقة حكومتها، مضيفا أن أي خطوات تخالف سيادة سورية الوطنية ووحدة أراضيها واستقلالها سيتصدى لها الشعب السوري.
وحذر روحاني من أن عدة دول لم يذكرها لا تزال تدعم الإرهاب من أجل تحقيق أهدافها "القصيرة النظر"، وقال "ينبغي أن يكمن دور المجتمع الدولي في مستقبل سورية بمساعدة شعبها في تحقيق الاستقرار، ووضع حد لتدخلات خارجية وفرض آراء خارجية على الشعب السوري".
وأعلن روحاني أن إنجاح مؤتمر الحوار الوطني السوري، يتطلب تنسيق المواقف بين طهران وموسكو وأنقرة على جميع المستويات على غرار مفاوضات أستانا. ومن جانبه، ذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن لقاء اليوم لديه أهمية كبيرة في وقف إراقة الدماء داخل سورية وإنهاء المأساة المستمرة لسنوات. وأعرب أردوغان عن اقتناعه في أن تتوج القمة الثلاثية في سوتشي باتخاذ "قرارات مفصلية" لصالح الشعب السوري.