الرئيس نيستور كريشنر

شهدت الأرجنتين في فترة السبعينات والثمانينات أوقاتًا عصيبة وُصفت بالديكتاتورية، بسبب لما عاصرته هذه الفترة من أزمات سياسية وعمليات استهدفت معارضي السلطة، غير أنّه مع قدوم عائلة كريشنر إلى الحكم، التي بدأت بالرئيس نيستور كريشنر ثم زوجته كريستينا كريشنر، بعد عام 2003 ، بدأت تظهر إلى العلن محاكمات كل من تورط في قتل معارضي السلطة إبّان فترة الثمانينات.

وأصدرت محكمة أرجنتينية أحكامًا بالسجن على 48 عسكريًا سابقًا بسبب ضلوعهم فيما أطلق عليها "رحلات الموت الجوية"، إضافة إلى جرائم أخرى ارتكبت في مركز اعتقال، والمحاكمة جزء من مساع للتحقيق في اتهامات بالتعذيب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في "مدرسة البحرية الميكانيكية" الأرجنتينية، ولم ينج سوى عدد قليل من حوالي 5 آلاف معارض للنظام الحاكم الذي حكم من عام 1976 حتى 1983، الذين تم اعتقالهم في تلك الفترة.

وحكم على 29 شخصًا بالسجن مدى الحياة، وعلى 19 بالسجن لفترات تتراوح بين 8 و25 عامًا، بالإضافة إلى تبرئة 6 آخرين، ومن بين الذين حكم عليهم بالسجن مدى الحياة، الطياران السابقان ماريو دانيال أرو وأليخاندرو دومينغو داغوستينو، اللذان أدينا بالضلوع في "طلعات الموت" التي تمّ خلالها قتل معارضين بإلقائهم من الطائرات في نهر "ريو دي لا بلاتا" أو في البحر، والتي أسفرت عنها مقتل الراهبتين الفرنسيتين أليس دومون وليوني دوكيه، اللتين خطفتا وقتلتا مع مؤسسات "الجمعية الإنسانية"، والتي يطلق عليها في الأرجنتين "أمهات ميدان مايو"، في ديسمبر/كانون الأول 1977، وعثر على رفات دوكيه و3 من مؤسسات الجمعية على سواحل الأرجنتين المطلة على الأطلسي، ودفنت في مقبرة مجاورة، فيما لم يعثر على رفات دومون.

وحكم على ألفريدو إستيز الملقب بـ"ملاك الموت الأشقر" وخورخي أكوستا الملقب بـ"النمر" بالسجن مدى الحياة، وهما اللذان توليا عمليات القتل العمد لهؤلاء الضحايا، وهذه ثالث محاكمة تنظر في انتهاكات لحقوق الإنسان في "المدرسة البحرية الميكانيكية"، حيث قدم نحو 800 شخص شهاداتهم في المحكمة، ومنذ انطلاق الجلسات في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، توفي 11 من المتهمين، فيما أفلت 3 آخرون من المحاكمة بسبب المرض.

واستغرقت تلاوة الأحكام حوالي 4 ساعات في قاعة مكتظة بالحضور، ومنهم ضحايا وأقارب ضحايا، وتمّ فصل المتهمين عنهم خلف لوح زجاجي، بالإضافة إلى حشد كبير كان ينتظر في الخارج، من بينهم عشرات النشطاء الحقوقيين يتابعون الجلسة على شاشة عملاقة، يذكر أن "رحلات الموت الجوية" لم يكن أحد يسمع بها حتى تم الكشف عنها، وكانت تتم على يد طيارين أرجنتينيين، إضافة إلى طواقم أطباء كانت مسؤوليتهم تخدير الضحاياوقبل توصيلهم إلى المقرات العسكرية الجوية حيث كان يتم إلقاء أجسادهم المخدرة من الطائرات أثناء تحليقها فوق البحر، كنوع من العقاب لإخفاء المعارضين في الأرجنتين إبان الحكم الديكتاتوري.