الرئيس الفلسطيني محمود عباس

بينما يترقّب العالم عملية نقل السفارة الأميركية إلى القدس المّحتلة، 14 مايو/ آيار المُقبل، وسط ترحيب إسرائيلي وتنديد عربي ودولي واسع،كشف مسؤولون فلسطينيون أن الرئيس محمود عباس يُعد لتوجيه ما وصفوه بـ"ضربة دبلوماسية موجِعة" لأميركا وإسرائيل، حسبما أوردت صحيفة "الحياة" اللندنية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين، قوله إن الرئيس الفلسطيني أمر بإعداد ملفٍ قضائي ضد عدد من جنرالات الجيش الإسرائيلي، لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية "لاهاي"، إضافة الى الانضمام إلى 4 أو 5 منظمات دولية هددت أميركا بالانسحاب منها في حال انضمام فلسطين إليها.
ملف قضائي

وأوضح المسؤول، الذي لم تُسمه الصحيفة، أن "هناك ملف قضائي تم إعداده بحق عدد من قادة الجيش الإسرائيلي ممن ارتكبوا جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وأخرى ضد مسؤولين إسرائيليين أصدروا قرارات استيطان في الأراضي المحتلة، وسيُحال الملف على المحكمة الجنائية الدولية".

وأضاف المسؤول "يجري إعداد ملف للانضمام إلى 4 أو 5 منظمات دولية تعارض أميركا انضمامنا  إليها، وتهدد بالانسحاب منها في حال قبول عضوية فلسطين فيها، وفي مقدمها منظمة الملكية الفكرية الدولية"، وتابع "إذا انسحبت أميركا من منظمة الملكية الفكرية الدولية، فستخسر البلايين نتيجة قيام دول مثل الصين بنسخ ملكيات فكرية أميركية".

وأبرز المسؤول "تعمل الولايات المتحدة على ضمان منع أو تقليص قيام دول مثل الصين وتركيا وغيرها بتقليد الملكية الفكرية الأميركية في هذه المنظمة، وفي حال انسحابها منها، فإن عمليات التقليد والنسخ والتزوير ستتسع على نطاق كبير، ما يلحق خسائر فادحة بالاقتصاد الأميركي"، وأكّد "سنرد على أميركا وإسرائيل بطريقة دبلوماسية موجعة، لأنهما تجاوزتا الخطوط الحمراء"، وفق قوله.

كان ترامب قد تخلّى، قبل 6 أشهر، عن سياسة أميركية قائمة منذ عقود واعترف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل، في تحدٍ لتحذيرات من شتى أنحاء العالم من أن الخطوة ستُزيد الاضطرابات في الشرق الأوسط. وأثار القرار غضبًا عارمًا في العالم العربي والإسلامي، لا سيّما بين الفلسطينيين، الذين قطعوا الاتصالات مع الإدارة الأميركية في أعقاب القرار.

وازدادت العلاقة توترًا بين السلطة الفلسطينية وواشنطن، بعد تجميد الأخيرة لدعمها المالي المقدم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". كما شهدت الأراضي الفلسطينية مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين وإصابة المئات برصاص جيش الاحتلال.

وكشف مسؤول آخر، وفق "الحياة"، أن الجانب الفلسطيني تعهد للولايات المتحدة بعدم تقديم ملفات قضائية ضد ضباط ومسؤولين إسرائيليين وعدم الانضمام إلى تلك المنظمات الدولية، ومواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل، في مقابل مواصلة أميركا الدعم المالي للسلطة، ورعاية العملية السياسية من دون تغيير في قواعدها، وعدم إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

وأشار المسؤول "خرقت أميركا وإسرائيل كل هذه التفاهمات عندما اعترفت الأولى بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم قرار نقل سفارتها إليها ووقف الدعم المالي للسلطة، وصدور قرار بإغلاق مكتب المنظمة، والآن نحن في حل منها كافة، وسنرد عليها بطريقة دبلوماسية وقانونية".
نكبة إسرائيلية

يتزامن افتتاح السفارة الأميركية في المدينة المُحتلة، الموافق 14 مايو، مع الذكرى الـ70 للنكبة الفلسطينية وتأسيس دولة الاحتلال، وأعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن الفلسطينيين سيحولون ذكرى النكبة إلى "نكبة إسرائيلية". وقال هنية، في تصريحات صحفية من مخيم العودة شرقي البريج، "سنحول النكبة التي حلت بفلسطين إلى نكبة ستحل بإسرائيل والمشروع الصهيوني".

وأكد المصدر "نحن على موعد مع الزحف الكبير في يوم 14 مايو سيزحف شعبنا في مخيمات لبنان على حدود فلسطين الشمالية كما يزحف أهلنا في الأردن إلى منطقة الكرامة التي تشرف على فلسطين"، وأضاف "شعبنا سيقف يوم 14 و15 وقفة رجل واحد في كل أنحاء الدنيا لنقول للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي ينقل سفارته للقدس إنها إسلامية عربية ولن يغير هويتها لا ترامب ولا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو".

وبارك ترامب عملية نقل السفارة المُرتقبة الأسبوع المُقبل، في تغريدة عبر تويتر،  السبت، قائلًا "مبروك للجميع".
مراسم نقل السفارة

أعلن البيت الأبيض، هذا الأسبوع، أن ترامب لن يحضر حفل افتتاح السفارة، على أن يقود الوفد الأميركي نائب وزير الخارجية جون سوليفان، الذي ينضم إليه السفير ديفيد فريدمان، ووزير الخزانة ستيفن منوشين، وابنة ترامب وزوج ابنته، إيفانكا ترامب وغاريد كوشنر، وجيسون غرينبلات، مبعوث ترامب الخاص للسلام في الشرق الأوسط.

وستضم السفارة الأميركية الجديدة بالقدس ما بين 50 إلى 60 موظفًا في بداية الأمر، وفق البيت الأبيض، فضلًا عن حضور وفدًا أميركيًا من 800 شخص حفل الافتتاح. ونقلت وكالة "أسوشيتدبرس" عن مسؤولين قولهم إن الوفد الأميركي لا يخطط للقاء مع أي مسؤولين فلسطينيين خلال الزيارة.

ووفق تقارير إسرائيلية، قبل 30 من بين 86 سفيرًا أجنبيًا في إسرائيل المشاركة في احتفالات نقل السفارة. من بينهم 3 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هي هنغاريا وتشيكيا وبلغاريا. فيما لم يؤكّد مُمثّلا رومانيا والنمسا حضورهما بعد، وأعلنت دول عدة رفضها المشاركة بهذه الاحتفالات، لأسباب مبدئية وأخرى فنية، في مقدمتها مصر وروسيا وألمانيا والنمسا وبولندا وإيرلندا ومالطا والمكسيك والبرتغال والسويد. الأمر الذي نفاه مسؤول أميركي بارز، لم يكشف هويّته، في تصريحات صحفية، قائلًا إنه "لم يتم إرسال أي دعوات"، ووصف الحدث بأنه "احتفال ثنائي" مع إسرائيل.

يقع مبنى السفارة على الطرف الجنوبي لمدينة القدس. ومن المُقرر أن تستقر السفارة في البداية في مبنى القنصلية الأميركية في القدس، انتظارًا لبناء موقع دائم للسفارة، حسبما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية. وسيقوم السفير ديفيد فريدمان بتجهيز مكتب له في المكاتب القنصلية الموجودة في حي أرنونا المرموق.