المفتي العام لموريتانيا أحمد ولد المرابط

 شدَّد المفتي العام لموريتانيا أحمد ولد المرابط على رفضه التام لأي تصرّف يخل بأمن البلاد وباستقرارها، ومن ذلك قذف ولاة الأمر والخروج عليهم.

مراكز الددو
وعلق المفتي العام على قرار وزارة الشؤون الإسلامية الموريتانية بإغلاق مركز تكوين العلماء، وسحب ترخيصه، الذي يرأسه محمد حسن ولد الددو، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على إثر خطبة ألقاها رئيس المركز هاجم فيها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، لنقده "جماعة الإخوان المسلمين" وجماعات "الإسلام السياسي" بقوله: "لقد كانت مراكز الددو مرخصة من قبل الدولة وحظيت بالتزكيات من قبل وزارة الشؤون الإسلامية الموريتانية، إلا أن الأمر تفاقم وتفاجأ الجميع مما حصل من تصرفات وأقوال لا تليق بولي الأمر، وحاكم البلاد لن يقبل بأي أمر يخل بأمنه واستقراره".

وأضاف "حاكم البلاد لن يقبل بأي أمر يخل بأمن البلاد واستقرارها من قبل أي متطرفين، ونرجو ممن أثاروا هذا الأمر أن يتبينوا خطأ تصرفاتهم، وأن يكونوا مستعدين للحوار والتفاهم والاتفاق على الانسجام والعمل المشترك".

واستنكر ولد المرابط، استغلال بعض أصحاب التوجهات الإسلامية المدارس والمراكز الدينية والمنابر الدعوية لأغراض سياسية وانتخابية، قائلًا: "نتفهم ما يترتب على خوض الانتخابات السياسية من تراشق إلا أن ذلك يجب أن يكون بعيدًا عن المدارس الدينية وعن التعليم وعن الدعوة إلى الله تعالى، وأن لا تستخدم تلك المؤسسات العلمية كأداة لمسائل انتخابية".

التفاهم مع ولاة الأمر
وشدد المفتي العام أحمد ولد المرابط على ضرورة حفظ أمن واستقرار المجتمعات الإسلامية، والتي لن تكون سوى بالالتزام والتفاهم مع ولاة الأمر، حيث قال "يعتبرون هم الحاكمون والمجتمعات هم المحكومون، والتعامل ما بين الحاكم والمحكوم له من الأمور المنصوص عليها في الصحيح والسنة، والتي تقتضي عدم الخروج على ولاة الأمور، وهو أمر مرفوض مضمونًا وشكلًا، مشددًا على أنه"لا يمكن أن توجه دلالات هذه النصوص إلى غير عدم جواز الخروج على ولاة الأمور".

وأضاف أنه وبحكم أن ولاة الأمور قائمون على جلب المصالح للبلاد ودرء المفاسد عنها "فيجب على الجميع أن يتعاون معهم بغير معصية الله، ومن هذا المنطلق يبدو أنه وجدت توجهات وأفكار لا تقتصر على موريتانيا، أصحابها جعلوا الحق معهم بدءً والحق إليهم يعود، واعتبروا علماء البلد والذين هم على إدراك بمقاصد الشريعة أنهم حادوا عن الطريق المستقيم، بل قد يكونون عندهم لم يعلموا بالإسلام الصحيح، وانبثق عنهم نوع من التعاطي غير الإيجابي والتدافع والمواجهات، مما جر ذلك إلى مواجهات مع ولاة الأمور بصورة لا تقبلها الشريعة الإسلامية".

وتمنى أن يلهم الله أصحاب التيارات الإسلامية: "رشدهم وأن يقلب قلوبهم إلى الحق والأخذ به وأن ينسجموا مع إخوانهم المسلمين، وأن يتعامل الجميع مع ولاة أمورهم في كل بلد على إقامة أمور الدين على الوجه الصحيح وعلى درء المفاسد وجلب المصالح والاتصاف بمكارم الأخلاق ومحاسن العادات على ضوء شريعة الإسلام".

وأوضح المفتي العام أنه عادة لا يواجه أي تيار من تلك التيارات الإسلامية، وإنما يكتفي بالتوجيه بنصوص الوحي الصريحة الصحيحة والسنة النبوية، مؤكداً أنه في الوقت ذاته لا يقبل أبدًا ولا يجامل "في أي تصرف يخل بأمن البلاد وباستقرارها، كالقذف بولاة الأمور والخروج عليهم، وما إلى ذلك، وهذا الأمر مرفوض عندي ولا أرى له مبررًا إطلاقًا، وقد رأينا وشاهدنا ما وقع في العديد من البلدان الإسلامية وتحميل المسؤولية إلى هذا الطرف وذاك الطرف".

خطورة استغلال الشباب
واعتبر ولد المرابط أن الشباب مستهدفون من قبل أصحاب التوجهات والتيارات، محذّرًا من خطورة استغلالهم قائلًا "من المعلوم ضرورة أن الشباب الصغير العديم التجربة كالريشة المعلقة بالهواء، تميلها الريح كيف شاءت، وللأسف هؤلاء الشباب ومن على نحوهم من ضعاف العقول هم الهدف الذي يستهدفه أصحاب تلك التوجهات والتصرفات والسلوكيات، وهو ما دفع بأولي الأمر والحكماء والراشدين أن يعملوا على تحصين الشباب من تلك الأفكار ومنعهم من التوجه إلى الأفكار المنحرفة".

وأضاف "الشباب بحاجة إلى أن يربوا التربية الصحيحة، وعلى المنهج القويم والوسطية التي لا إفراط فيها ولا تفريط، وأن ينشؤوا على الأسس التي أقرتها وأثبتتها شريعة الإسلام لقيام المجتمع المسلم آمناً ومستقراً يقوم بأمور دينه بالشكل القويم".

ضبط الجهود الدعوية
 وقال بشأن ماإذا كان هناك أي مساعٍ من قبل الحكومة الموريتانية لضبط الجهود الدعوية في المدارس والمراكز الإسلامية وسن ضوابط محددة "اليوم هناك شبه مواجهة بين هؤلاء والنظام القائم الحالي، والحقيقة الأسباب مؤسفة، وفقاً لما سمعناه ورأيناه".

وأضاف "موريتانيا تتميز بأمن واستقرار، وبوجود حاكم مرحب ومنفتح على العمل الإسلامي، وفتح الأبواب للتعليم والإرشاد بغير التعرض لأحد، وهو ما عشناه معه لعدة سنوات".

واستنكر مفتي عام موريتانيا استغلال أصحاب التوجهات المراكز والمدارس الدينية في أهداف غير شرعية ولأغراض سياسية تتعلق بالانتخابات، قائلًا "وللأسف إن هناك تصرفات وجهت ضد حاكم البلاد مستغلين الانتخابات السياسية، وعلى الرغم من أن سنة الانتخابات أن يكون هناك نوع من التراشق بين المتنافسين فيما بينهم، لكن يجب أن يكون هذا التنابز والتراشق على المستوى السياسي، بعيداً عن المدارس الدينية وعن التعليم وعن الدعوة إلى الله تعالى، وأن لا تستخدم تلك المؤسسات العلمية كأداة لمسائل انتخابية، وهو ما جر المشاكل إلى البلاد، وبالطبع الحاكم لا يقبل بمثل هذه الأمور لما ستجره إلى ما لا يحمد عقباه".

ويتمنى المفتي العام أحمد المرابط لمن أثار المجتمع الموريتاني، عبر المنابر والمراكز الإسلامية "أن يلهمهم الله رشدهم، وأن يتفقوا على أرضية من خلال حوار هادئ نتفق فيه جميعًا، على وسطية لا إفراط فيها ولا تفريط، والعلماء ولله الحمد موجودون في البلاد وقيض الله لهذه البلاد التميز بالعلوم الشرعية والتمسك بالوسطية".

وأضاف مستدركًا "إلا أننا لمسنا أن المدارس من تلك التوجهات الأخرى كثيراً ما يكون فيها من الشباب ممن لديهم بعض التصرفات الطائشة وبعض الانحرافات، ونرجو أن يمن الله على هؤلاء بالرشد وأن نكون منسجمين على ضوء كتاب الله وسنة نبيه".

باب الحوار مفتوح
وعن مدى إمكانية وجود أي حوار مع أصحاب التيارات والتوجهات الإسلامية قال: "الحوار بابه مفتوح من قبل ولاة الأمور ونحن متفقون معهم على هذا الأمر، كما أنه أنجح طريقة، ولكن لابد من الالتزام بآدابه وأن يكون هادئًا وهادفًا، وأن تكون غايته أن يتبين الصواب من الخطأ"، لافتًا إلى أنه لم يتلقَّ أي اتصال من قبل الطرف الآخر.

وقال بشأن إمكانية صدور قانون تحظر فيه جماعة "الإخوان المسلمين" والانتماء إليها "حظر الجماعة ستكشفه الأيام المقببة، وما أرجوه وأدعوه أن يؤلف الله بين قلوب المسلمين وأن يجمع كلمتهم على الحق، وأن يلهم الجميع رشدهم وأن يوفقنا جميعاً إلى المنهج الوسطي الذي لا إفراط ولا تفريط فيه ولا غلو ولا إرهاب، وأن نكون مع من ولاه الله أمرنا، ونعلم أنه لا يمكن ألبتة أن يكون ذلك إلا بالتعاون والانسجام مع حاكم البلاد على درء المفاسد وجلب المصالح، بخاصة أنه قابل لذلك وفاتح الأبواب".