الرياض ـ سعيد الغامدي
أكّدت المملكة العربية السعودية، في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ألقتها المنسّقة السياسية في الوفد السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة منال حسن رضوان، بشأن البند 37 "الحالة في الشرق الأوسط"، والبند 38 "مسألة فلسطين"، دعمها الراسخ وتضامنها الكامل مع جميع أبناء الشعب الفلسطيني في نضاله التاريخي لنيل حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق تقرير المصير، ودعت إلى أن تكون القضية الفلسطينية واستحقاقاتها القانونية والسياسية والإنسانية في مقدمة اهتمامات المجتمع الدولي، منددّة بشدة جميع الحملات الإسرائيلية المتلاحقة على الأرض الفلسطينية المحتلة.
وحمّلت السعودية في كلمتها، أول من أمس الأربعاء، إسرائيل وحدها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال مسؤولية أعمالها الشائنة بقتلها الفلسطينيين الأبرياء، وتوغلها الاستيطاني، وسرقة الأرض الفلسطينية، وتدمير الآلاف من المنازل والمباني والبنى التحتية، وجميع الأضرار البشرية والمادية التي لحقت بالشعب الفلسطيني على مدى أكثر من 70 عامًا من النكبة، ونصف قرن من الاحتلال وعشرة أعوام من الحصار الجائر، وبيّنت أنّها كلها انتهاكات جسيمة ترقى إلى أن تكون جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، لا تسقط بالتقادم، ولن تنساها ذاكرة الأجيال، وإسرائيل بسلوكها العدواني المستمر تضرب بعرض الحائط جميع مناشدات ومطالبات المجتمع الدولي بوقف انتهاكاتها الجسيمة والتزامها بالقرارات الدولية واحترامها للقانون.
وشدّدت السعودية على "الهوية الإسلامية والعربية والفلسطينية للقدس المحتلة، وعلى أن القدس الشرقية جزءًا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، ويبقى ضمها من جانب إسرائيل، قوة الاحتلال، غير قانوني وغير معترف به ومدانًا من المجتمع الدولي، وندين بأشد العبارات الانتهاكات المستمرة على المسجد الأقصى والمصلين على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، وطالبت بوقف هذه الانتهاكات المتكررة وإلزام إسرائيل باحترام حقوق حرية العبادة والحفاظ على حرمة المصلين والأماكن المقدسة".
وأعلنت المنسقة السياسية في الوفد السعودي، بأن "استمرار إسرائيل، قوة الاحتلال، في ممارستها الاستيطانية غير الشرعية والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وطرد سكانها الفلسطينيين الأصليين، هو دليل دامغ على سياسة التطهير العرقي التي تمارسها، وأنّ ما تقوم به من بناء المستوطنات هو تقويض لحلّ الدولتين وتأكيد عملي على أنّها ليست معنية بالحلول السلمية، بل إنّ ما تسعى إليه هو سياسة فرض الأمر الواقع والاستمرار في الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه. وندعو مجددا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان وضرورة تفكيك المستوطنات القائمة، وتحمّل بلادي إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال المسؤولية الكاملة عن تبعات الجرائم البشعة التي يمارسها المستوطنون المتطرفون بحق الشعب الفلسطيني، وتدعو إلى إدراج قادة المستوطنين والجماعات الاستيطانية المتطرفة على لائحة الإرهاب والمطلوبين للعدالة الدولية لدى دول العالم ومنظمات المجتمع الدولي".
وشدّدت المنسّقة السياسية في الوفد السعودي، على أنّ المملكة العربية السعودية لم تكتف بالتأكيد على دعمها للأشقاء الفلسطينيين، "بل اتخذت مواقف عملية للدعوة إلى السلام وتحقيقه، وقدّمت في هذا الشأن مبادرتها التاريخية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002، وأصبحت مبادرة عربية للسلام، اعتمدتها منظمة التعاون الإسلامي، فمثلت منعطفًا تاريخيًا مهمًا في مسار العملية السلمية، وأسست لمرحلة جديدة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ووضع الأساس لسلام شامل عادل ينعم فيه الفلسطينيون وجميع شعوب المنطقة بالأمن والسلم والرخاء والتنمية"، مضيفة "لقد جاء إعلان عمّان الصادر عن اجتماع قمة الدول العربية الأخير في شهر مارس/آذار الماضي من هذا العام، ليجدد التأكيد على هذه المبادرة، وليعزز التزام الجانب العربي بحل الدولتين سبيلا وحيدا لتحقيق السلام".
وأشارت رضوان إلى أنّه "أمام كل الدعوات للتعامل الإيجابي مع مبادرة السلام العربية، تستمر إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في الاستمرار بالتوغل الاستيطاني، إضافة إلى الإجراءات الأحادية التي ترمي إلى الإساءة إلى القدس والحرم الشريف، والحصار الجائر على غزة، وتعريض الشعب الفلسطيني إلى مختلف أشكال العنف والانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي، ولا يسعنا إلّا أن نعيد تحذيرنا وبأشد العبارات الممكنة من خطورة استمرار تفاقم الأوضاع في فلسطين المحتلة وانزلاقها إلى حالة من التصعيد تشمل آثارها كل أنحاء المنطقة بل وتتجاوزها إلى ما سواها"، موضحة بالقول بأنّ "طريق السلام واضح ومعروف، يتمثل في وضع آلية دولية فعالة تضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وفق إطار زمني محدد، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وتحرير جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان العربي السوري المحتل"، وختمت بالقول: "لقد عانى الشعب الفلسطيني أمدًا طويلًا من احتلال جائر وسياسات قمع تعسفية وعنصرية، وأننا نقدّم له التحية على صموده ونضاله للدفاع عن أرضه وأبنائه ومقدساته، وأن السعودية لن تتهاون عن عمل كل ما من شأنه الرفع عن معاناة الشعب الفلسطيني من الظلم التاريخي الذي وقع به والتضامن معه في سبيل تحقيق جميع استحقاقاته المشروعة وتطلعاته المنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة".