النازحين الأفارقة في الجزائر

قررت السلطات الجزائرية تقنين وجود النازحين الأفارقة في الجزائر، وبعثت وزارة الداخلية الجزائرية بتعليمات للمحافظات التي يكثر فيها تواجد المهاجرين الأفارقة خاصة التي تقع في جنوب البلاد، تأمر فيها الولاة بإحصاءهم بغية الشروع في تسوية وضعية جزء منهم وإعادة إسكانهم في مراكز إيواء خاصة مهيئة بكل ضرورات الحياة.

وكشفت مصادر حكومية لـ"العرب اليوم" إن وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي عقد أخيرا، اجتماع طارئ، حضره ممثلون عن أجهزة الأمن الأربعة، بناء على تعليمات تلقاها من رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون، لدراسة وضعية اللاجئين الأفارقة في الجزائر، وقررت وزارة الداخلية الشروع في إحصائهم بغية تسوية وضعيتهم وتسليم كل لاجئ قننت إقامته بالجزائر بطاقة تثبت تواجده ومن ثم يتم ترحيله إلى مراكز إيواء خاصة بهم، بينما يتم ترحيل الآخرين بالتنسيق مع  مواطنهم بالتنسيق مع السلطات الرسمية في النيجر ومالي.

ومن المرتقب أن تشرع السلطات الجزائرية في عملية تسوية وضعية اللاجئين الأفارقة أولا بالمحافظات الجنوبية الواقعة على الحدود الجزائرية، والتي تشهد كثافة كبيرة للاجئين الأفارقة، هي كل من تمنراست وأدرار وورقلة وإيليزي على الحدود مع ليبيا. وكان رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون، قد أكد لدى نزوله إلى البرلمان الجزائري أن وجود النازحين الأفارقة في الجزائر سيقنن، مشددا على أن الجزائر "لن تسمح لأي أحد بأن يلطخ سمعتها" في إشارة إلى "أيادي" تريد تسويد صورتها ووصفها بالعنصرية".

وخاطب تبون ، نواب البرلمان قائلا إن وزارة الداخلية الجزائرية تقوم حاليا عبر مصالح الشرطة والدرك بإحصاء تام" لكل النازحين"، كاشفا عن منح بطاقة لكل نازح يكون تواجده في الجزائر مقبولا، حيث تتيح له فرص العمل، أما الآخرين فسيتم التفاهم مع دولهم قصد إعادتهم إلى مواطنهم بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع دولتي النيجر ومالي، "بالتي هي أحسن".

واضاف أن هذا الوضع "ولد مصاعب موضوعية خاصة على مستوى بعض الولايات الحدودية لكن يتم التعامل معها بحرص أجهزة الأمن المختلفة وبعمل الهيئات الوطنية للإغاثة والإسعاف والتنسيق الدبلوماسي مع دول المنبع لتأطير عملية الإرجاع رعاياهم على أساس اتفاقيات ثنائية ". وتجهل السلطات الجزائرية لحد الآن العدد الإجمالي الرسمي للمهاجرين الأفارقة بطريقة غير شرعية بشكل عام، وكانت وزارة الداخلية الجزائرية أن عددهم بالتقريب قد تؤكد تجاوز 25 ألفا، أغلبهم ينحدرون من عشر جنسيات أفريقية، فيما تقول منظمات حقوقية إن الرقم في حدود 50 ألفا.

وأعلنت السلطات الجزائرية، أخيرا، حالة الاستنفار الأمني على حدودها خوفا من محاولة تسلل الإرهابيين الأفارقة ضمن قوافل المهاجرين غير الشرعيين الفارين من الحروب والأزمات الداخلية والفقر والمجاعة التي تشهدها دولهم، وهو ما دفعها إلى اللجوء إلى تقنين عملية وجودهم فوق التراب الجزائري من خلال منحهم بطاقة لاجئ، وتم فرض مراقبة مشددة عبر مختلف وسائل النقل الحدودية لمنع تسلل الإرهابيين.

وكشفت مذكرة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، باعتباره منسقا لمنع التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب لدى الاتحاد الأفريقي، عرضها عبد المجيد تبون في أديس أبابا منذ يومين لمناسبة انعقاد أعمال القمة الـ 29 للاتحاد الأفريقي، أن أكثر من 5 آلاف أفريقي ينشطون في صفوف الجماعات الإرهابية عبر العالم بالخصوص في العراق وسورية ومنطقة الساحل الأفريقي.

وتحدثت المذكرة عن أن "الكثير من الشباب الأفارقة انخرطوا في مغامرة إرهابية في مناطق النزاع المختلفة في جميع أنحاء العالم خاصة في العراق وسورية ومنطقة الساحل، وهناك أكثر من 5000 أفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون مع الجماعات الإرهابية في القارة وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى.
وحسب المذكرة تواجه أفريقيا تحديات بسبب التهديد الذي يشكله هؤلاء الأشخاص لدى عودتهم إلى بلدانهم أو بلدان أخرى في المنطقة" ، معتبرة أن هذا الخطر "يفاقم عددا من العوامل الخاصة بقارتنا بما في ذلك اتساع رقعة الأراضي وطبيعة الحدود التي يسهل اختراقها ومحدودية الموارد والقدرات لعدد كبير من البلدان التي يحتمل أن تكون هدفا لهذه الآفة". واعتبرت المذكرة أن "المحاولات الحالية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية للتجمع أو التوحد في منطقة الساحل ليست غريبة على حركات العودة والتوقعات المستقبلية للأعمال المتطرفة في هذه المنطقة".