الجزائر – ربيعة خريس
تشهد الساحة السياسية في الجزائر سباقًا محمومًا, في أيام قليلة قبل انطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية المقررة يوم 23 نوفمبر / تشرين الثاني المقبل, لكن تنحصر المنافسة حول هذا السباق بين حزبين رئيسيين في البلاد هما حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة " حزب جبهة التحرير الجزائرية " والتجمع الوطني الديمقراطي, ثاني قوة سياسية في البلاد بزعامة رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي, في وقت سيطر خطاب اليأس والتشاؤم والاستسلام مبكرًا على المعسكر المحسوب على المعارضة الذي يبدو أنه رمى " المنشفة " حتى قبل انطلاق الحملة الانتخابية.
وتحمل الانتخابات البلدية المقررة الشهر المقبل " نكهة " و " طعم " خاص بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي, لأنه سيخوض هذا الموعد وهو معزز بالمسؤولية الرسمية التي يحظى بها مسؤوله الأول رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي, عكس الانتخابات النيابية التي خاضها محرومًا من رئاسة الحكومة الجزائرية رغم ذلك صنعت ثاني قوة سياسية في البلاد " المفاجأة " بحصولها على أزيد من 100 مقعد في البرلمان الجزائري, ويتواجد التجمع الوطني الديمقراطي, الذي يقوده رئيس الوزراء الجزائري ورئيس الديوان الرئاسي الأسبق أحمد أويحي, تأسس عشية الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 1997, وهي الأولى بعد إلغاء الجيش للانتخابات النيابية التي فازت بمرحلتها الأولى الجبهة الإسلامية للإنقاذ عام 1991, اليوم في أحسن رواق لتكرار سيناريو الانتخابات النيابية بالنظر إلى الهدوء الذي طبع مرحلة التحضير للقوائم الانتخابية.
وزاد هذا المؤشر من مخاوف, حزب جبهة التحرير الوطني الذي يقوده اليوم الوزير الأسبق جمال ولد عباس, وهو الحزب الذي قاد ثورة التحرير ضد المحتل الفرنسي في عام 1954، وهو الذي تولى قيادة البلاد لوحده منذ الاستقلال، حتى إقرار التعددية، في أعقاب انتفاضة 1988 الشعبية, بخاصة وأن التشكيلة السياسية شهدت أخيرًا العديد من الاحتجاجات بسبب أزمة الترشحيات التي تنذر ببروز مؤشرات " التصويت العقابي " من طرف المناضلين, ويوحي هذا الوضع أن حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيتكبد خسارة جديدة في الانتخابات البلدية تضاف إلى تلك التي تكبدها في الانتخابات النيابية التي جرت 4 مايو / آيار الماضي رغم موقعه في الساحة السياسية بحكم أن رئيسه هو رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
واشتدت المنافسة بين حزبي السلطة, وسيطر خطاب اليأس وظهرت بوادر " الاستسلام " مبكرًا في تصريحات قادة أحزاب المعارضة التي سجلت حضورها في الاستحقاق المقبل على غرار " الإسلاميين " و " القوميين " كطلائع الحريات والعلمانيين, وقال في هذا الموضوع رئيس حركة مجتمع السلم, أكبر الأحزاب الإخوانية في البلاد, عبد المجيد مناصرة, إن الانتخابات البرلمانية أصبحت في نظر الكثير من الجزائريين لم تعد استحقاق وآلية من آليات التداول الديمقراطي على السلطة، بقدر ما أصبحت مرادفًا للأزمات، بسبب ما أصبحت تخلفه من " ثغرات في الجدار الوطني ".
وعكس الانتخابات النيابية التي جرت 4 مايو / آيار الماضي, التي شهدت مقاطعة حزبية من طرف بعض أحزاب المعارضة، فإن غالبية الأحزاب سجلت حضورها في الاستحقاق المقبل، بما فيها تلك المنضوية في خندق المعارضة، على غرار الإسلاميين والقوميين كطلائع الحريات، ولم يشكل الاستثناء إلا حزب جيل جديد، الذي أعلن مقاطعته للانتخابات المحلية, ووفق الإحصائيات التي كشفت عنها الداخلية الجزائرية, فإن عدد المترشحين للانتخابات المحلية المقبلة بلغ، 165 ألف مترشح للمجالس الشعبية البلدية و16600 مترشح للمجالس الشعبية الولائية، موزعين على 9562 قائمة منها 8728 قائمة تخص أحزابًا سياسية، و717 قائمة للتحالفات الحزبية، و151 قائمة مستقلة.