القدس - العرب اليوم
بدأ مسؤولون ونشطاء فلسطينيون ومتضامنون اعتصامًا مفتوحًا في قرية الخان الأحمر البدوية قرب القدس، احتجاجًا على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بهدم المكان وترحيل سكانه.
وأعلن رئيس "هيئة الجدار والاستيطان" وليد عساف، بعد ساعات من قرار المحكمة، الاستنفار العام وبدء اعتصام مفتوح، داعيًا الفلسطينيين والفصائل ولجان المقاومة الشعبية وكل المؤسسات، إلى الوجود الدائم في المكان من أجل حماية سكانه , وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية قررت، أمس، إخلاء الخان الأحمر القريب من القدس، وهدمه، على أن يتم البدء بتنفيذ ذلك بعد أسبوع.
ورفضت المحكمة الالتماسات التي قدمها محامو السكان، وأعطت الجيش الصلاحيات الكاملة للهدم , وتضمن القرار منع المواطنين من العودة والسكن هناك مرة أخرى , وهو قرار نهائي وحاسم، بعد أن تأجل مرات عدة، لوجود التماسات قدمها محامو السلطة والسكان عبر القضاء الإسرائيلي وضغوطات عربية ودولية , وبهذا القرار تكون المحكمة أنهت مرحلة طويلة من الحرب القضائية.
وتقع منطقة الخان الأحمر منطقة بدوية، على "الطريق السريع1" قرب مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم، القريبتين من القدس، ويعيش فيها نحو 35 عائلة من البدو في خيام وأكواخ , ووصل سكان المنطقة إليها قادمين من صحراء النقب، في عام 1953، وظلوا يعيشون في ظروف تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة حتى قررت إسرائيل طردهم قبل أكثر من 10 أعوام , ويخوض البدو في المنطقة مواجهة سلمية منذ عام 2009 ضد أوامر سابقة بالهدم، قبل أن تقرر المحكمة أمس إنهاء الأمر على طريقتها , ويهدد القرار نحو 180 بدويًا بالطرد، ويمنع نحو 200 طالب من القرية وتجمعات أخرى، من الاستفادة من مدرسة بنيت هناك قبل سنوات.
وحذرت منظمة التحرير الفلسطينية حكومة إسرائيل من أي مساس بقرية الخان الأحمر أو تهجير سكانها، وعدت ذلك "جريمة حرب وانتهاكًا للقانون الدولي الإنساني ولكل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة" , وقال أحمد التميمي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن القرار الذي أصدرته المحكمة الإسرائيلية العليا قرار مسيس لتضليل الرأي العام العالمي، وإخفاء نيات الحكومة الإسرائيلية المسبقة بهدم القرية وتهجير سكانها
, ودعا التميمي دول العالم أجمع، والأمتين العربية والإسلامية، ومجلس حقوق الإنسان، والأمم المتحدة، إلى التحرك العاجل لوقف هذه التوجهات الخطيرة لحكومة الاحتلال وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي"، داعيًا الفلسطينيين إلى "الوحدة والتضامن لإسقاط وإفشال هذا القرار.
ويوجد في الخان الأحمر الآن معتصمون من المتوقع أن يزداد عددهم بمرور الوقت , ويستعد هؤلاء إلى مواجهة الجيش الإسرائيلي ومنعه من تنفيذ قرار الهدم , وطلبت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان من الشركات الامتناع عن استخدام آلياتها في عملية الهدم، مهددة إياهم بالملاحقة القانونية , وقالت الهيئة في بيان إن قرار المحكمة الإسرائيلية يعد "مقدمة للتهجير القسري الشامل للسكان في منطقة (ج)، بدءًا بالخان الأحمر، لتنفيذ الخطة المعلن عنها والمسماة (اي1)، ومطابقًا للقرار السياسي للكيان المحتل، من دون اعتبار لكل الوثائق والمستندات القانونية التي قدمها محامو السكان، والتي تؤكد وجود هذا التجمع قبل الاحتلال بعشرات السنين، وتثبت امتلاك السكان تلك الأراضي، واستعدادهم إلى تنظيم وجودهم وأبنيتهم وفق القوانين المعمول بها".
ويعد المشروع "أي1"، الذي تحدث عنه البيان، مشروع استيطاني يتضمن الاستيلاء على 12 ألف دونم، ممتدّة من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، بغرض توسيع المستوطنات في محيط القدس وربط بعضها ببعض مشكلة حزامًا استيطانيًا من شأنه فصل شمال الضفة عن جنوبها , ويستهدف المشروع قرى أخرى قريبة، ويقوم على مساحة قدرها 13 ألف دونم.
وطلبت وزارة الخارجية الفلسطينية من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته حيال هذا التصدي الخطير للوجود الفلسطيني على أرضه وفي مخالفة للقانون الدولي , وقالت الخارجية في بيان لها إن على المجتمع الدولي التحرك سريعاً لتوفير الحماية للشعب، "كما وتتوقع الوزارة من الأمين العام للأمم المتحدة سرعة التدخل، واتخاذ ما يتطلبه هذا الوضع من خطوات فورية، لحماية التجمع البدوي في الخان الأحمر من الطرد والإحلال القسري" , وأضافت "أي فشل للمجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته أمام هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير، يضعه في مصاف المهادن لتلك السياسات والمقصّر في تحمل مسؤولياته وفق القانون الدولي".
وعدت الوزارة القرار دليلًا جديدًا على أن المحكمة العليا "جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال، وتعمل على تنفيذ سياساته، بعيدًا عن أي قانون أو مرجعيات قانونية، وهو محاولة للتغطية على جريمة التطهير العرقي ضد المواطنين الفلسطينيين" , أما في إسرائيل، فقد لقي القرار ترحيبًا رسميًا , وقد سارع وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إلى التهنئة بقرار المحكمة الإسرائيلية، ووصف القرار بأنه "شجاع وضروري لمواجهة حملة النفاق المنظمة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقوى اليسار والدول الأوروبية" , وقال ليبرمان "لا أحد فوق القانون , ولن يمنعنا أحد من ممارسة سيادتنا ومسؤوليتنا كدولة".