"مسيرة العودة الكبرى"

استخدم الفلسطينيون "القوة الناعمة" , الجمعة , في "مسيرة العودة الكبرى" التي جابت المدن المختلفة في قطاع غزة، موجهة رسائل سياسية في كل الاتجاهات، وواجهتها إسرائيل بقوة السلاح، ما أسفر حتى مساء الجمعة  عن مقتل 15 فلسطينيًا وجرح 1200 آخرين.

وأظهر الفلسطينيون قدرة فائقة على وضع إسرائيل، كقوة احتلال، في الزاوية وشل قدرتها على استخدام ترسانتها العسكرية وطائراتها ودباباتها وأسلحتها الثقيلة، باستثناء القنص، تجاه متظاهرين عزل إلا من الإرادة والتصميم على إبقاء قضيتهم حيّة.

وقدّم الفلسطينيون "بروفة رائعة على مسرح الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الممتد منذ سبعة عقود، أظهرت تصميمهم على العودة الى بيوتهم وديارهم، التي دمرتها العصابات الصهيونية وهجرّتهم قسرًا عنها في العام 1948.

ووقف مئات آلاف الفلسطينيين على مرمى حجر من قراهم وبلداتهم خلف السياج، وألقى كثير منهم، خصوصًا الشبان والفتية الذين ولدوا في زمن اتفاق أوسلو للسلام، نظرة من فوق تلال صغيرة عليها، فيما انشغل عشرات آخرون بإلقاء الحجارة على جنود إسرائيليين مدججين بالسلاح. وعلى رغم سقوط نحو 15 قتيلًا  ونحو 1200 مصابًا برصاص قوات الاحتلال، إلا أن الفلسطينيين تمكنوا من السيطرة على الوضع حتى لا يتحوّل الى معركة دامية مع الاحتلال.

ووجه مئات آلاف الفلسطينيين المشاركين في «مسيرة العودة الكبرى» في خمس مناطق حدودية في قطاع غزة، رسائل قوية في الاتجاهات المختلفة. كانت الأولى رسالة الوحدة الوطنية، إذ غابت رايات الفصائل الملوّنة عن الحشود الهادرة الزاحفة من كل صوب وحدب إلى المناطق الحدودية، ولم يرفع المشاركون سوى أعلام فلسطين فقط، في تعبير واضح عن رغبتها وتصميمها على إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة لمواجهة التحديات أمام الحرية والاستقلال.

ووجه المشاركون رسالتهم الثانية إلى إسرائيل، ومفادها أن الفلسطينيين قادرون على استخدام «القوة الناعمة» و «التظاهر السلمي» الذي لا تجيد التعامل معه بقدر إجادتها استخدام قوتها الهائلة وترسانتها العسكرية. كما أكدوا أن حقهم في العودة لا يسقط بمرور 70 عاماً على تهجيرهم قسراً، بل أصبح أقرب من أي وقت.

ودعا رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار، خلال مشاركته الحشود في المسيرة، محاصري الشعب الفلسطيني إلى «إعادة حساباتهم والتقاط رسالة مسيرة العودة الكبرى». وقال من جباليا شمال القطاع إن «مسيرة العودة ستستمر ولن تتوقف حتى ننطلق في اللحظة الحاسمة التي نقتلع فيها هذه الحدود الزائلة».

ووجهت الرسالة الثالثة إلى الولايات المتحدة، إذ أكد الفلسطينيون رفضهم «صفقة القرن» التي لا تتضمن حقهم في العودة، وأزاحت القدس عن الطاولة بعد اعترافه بها «عاصمة لإسرائيل». وقال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية أثناء مشاركته في المسيرة إنها «برهنت» لترامب وصفقته وكل من يقف معها، أنه «لا تنازل عن القدس ولا بديل عن فلسطين ولا حل إلا بالعودة». وكانت الرسالة الرابعة موجهة الى المجتمع الدولي، ومفادها أن الفلسطينيين قادرون، على رغم كل اليأس والإحباط والفقر، على إبقاء قضيتهم حيّة، وإعادتها لتتصدر أجندة المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

وفيما عاش الفلسطينيون يوماً غير مسبوق من «نشوة» الانتصار المعنوي، كانت إسرائيل تعاني من صدمة، كما تبدّى في إجراءاتها ضد المسيرة. واعتبر الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم في بيان أن «اختراق المخابرات الصهيونية حسابات ناشطي مسيرة العودة الكبرى، ونشر إعلانات كاذبة ومضللة، تعكس صدمة الكيان الصهيوني». وشدد على أن «حجم الحشود يبرهن على الإصرار الفلسطيني الكبير على كسر معادلات وانتزاع حقوقه».