غزة - العرب اليوم
عمّت مشاعر الحزن والغضب آلاف الفلسطينيين أثناء تشييعهم في عدد من مدن قطاع غزة جثامين 15 قتيلًا سقطوا برصاص قوات الاحتلال خلال "مسيرة العودة الكبرى" الجمعة، لكنهم اكتشفوا أن لديهم "فائضا" من القوة والقدرة على الحراك الشعبي السلمي غير العنيف، وهو ما يكفي لوأد كل المشاريع السياسية الهادفة إلى تصفية القضية. ودفنوا، إلى الأبد، ما بات يُعرف بـ"صفقة القرن" قبل أن تُولد على يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه الرئاسي المنحاز تماما إلى إسرائيل.
وانطلقت مواكب التشييع من منازل القتلى بعدما ألقى ذووهم وأصدقاؤهم ورفاقهم نظرة الوداع الأخيرة عليهم، قبل أن يتوجهوا إلى الصلاة على جثامينهم في المساجد ومن ثم دفنهم في المقابر. وأعلنت وزارة الصحة أسماء القتلى، وهم: محمد كمال النجار، ووحيد نصر الله أبوسمور، وأمين أبومعمر، ومحمد أبوعمرو، وأحمد إبراهيم عودة، وجهاد فرينة، ومحمود سعدي رحمي، وإبراهيم صلاح أبوشعر، وعبدالفتاح بهجت عبدالنبي، وعبدالقادر مرضي الحواجري، وساري وليد أبوعودة، وحمدان إسماعيل أبوعمشة، وجهاد زهير أبوجاموس، وبادر فايق الصباغ، وناجي عبدالله أبوحجير، وغالبيتهم تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاما، وهو الجيل الذي وُلد وترعرع في أعقاب توقيع "اتفاق أوسلو" للسلام عام 1993.
في الأثناء، أكدت "اللجنة التنسيقية العليا لمسيرة العودة الكبرى" أن فعالياتها ستستمر خلال الأيام المقبلة، وستكون بوتيرة مختلفة عما شاهده العالم الجمعة، وأن المسيرات ستبلغ ذروتها في 15 من أيار/ مايو المقبل بـ"حدث أضخم".
وأتى إعلان اللجنة في وقت واصل مئات الشبان تدفقهم إلى المناطق الحدودية الخمس التي شهدت المسيرات الشعبية والمجزرة التي أسفرت عن سقوط 15 قتيلا ونحو 1800 جريح، في حين لم تعلن إسرائيل إصابة أو جرح أي جندي.
qولم يثنِ الشبان عن مواصلة الاحتجاجات إخفاق مجلس الأمن في إدانة "المجزرة" خلال جلسة ليل الجمعة- السبت نتيجة ضغوط أميركية وفرت الحماية لإسرائيل، بل تجمهروا على مسافة نحو مائتي متر من السياج الحدودي، الذي وقف خلفه مئات الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح ومن خلفهم سيارات عسكرية، وأطلقوا النار فجرحوا عشرات منهم. وعلى غرار أول من أمس، واظب المشاركون في الاحتجاجات على رفع علم فلسطين فقط، ولم يرفع أي منهم راية أي فصيل أو حزب سياسي، ما عكس مرة أخرى "الوحدة الشعبية" خلافاً للفصائل المنقسمة على نفسها منذ نحو 11 عاما.
وأكدت حركة "حماس" في بيان لها، أن "شعبنا أوصل رسالة قوية لكل من يتعامى عن حقوقه الثابتة، وأكد من جديد أن قضيته ليست قضية جياع، وأن مأساته ليست مأساة إنسانية فحسب، لكنها قضية سياسية بامتياز، تآمرت فيها قوى الغدر والعدوان لاقتلاع شعبنا من دياره وأرضه".
وشددت الحركة على أن "شعبنا شيّع صفقة القرن إلى مثواها الأخير، والشعب هو الرقم الأصعب الذي لا يمكن تجاهله أو تجاوزه أو المرور على إرادته، وهو شعب يستحق الحرية والاستقلال على كامل ترابه الوطني".
واعتبرت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أن "الوحدة التي تجسّدت في الميدان بين أطياف الشعب الفلسطيني، هي القوة الدافعة للاستمرار نحو تحقيق أهدافنا العادلة والانتصار على كل مُعوّقات عملية التحرير". وأكدت "الشعبية" أن "الوحدة هي الكلمة الفصل في وجه ترامب وإدارته وما يسمى صفقة القرن المشؤومة، التي قبرتها الجماهير الشعبية تحت أقدامها وهي ماضية في مسيرة العودة، كما أنها صوت الجماهير لضرورة إنهاء الانقسام وكل تداعياته والتمسك بالوحدة قولا وفعلا أملا وهدفا".