رئيس البرلمان العراقي السابق سليم الجبوري

أعلن عدد من القيادات السنية البارزة عن اتفاق جديد فيما بينها بهدف اختيار فريق تفاوضي موحد حول تشكيل الحكومة واستحقاقات المرحلة المقبلة. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان العراقي السابق سليم الجبوري أمس إن «زعماء وقادة عدد من الكتل السياسية عقدوا اجتماعا في منزل سليم الجبوري تدارست فيه الأوضاع السياسية الراهنة، وسبل الخروج إلى فضاء يدعم التفاهمات ويعزز الحوار من أجل تقريب وجهات النظر وبلورة رؤى مشتركة حول المرحلة المقبلة ضمن الإطار الوطني».

وأضاف البيان: «جرى خلال الاجتماع بحث نتائج الانتخابات البرلمانية وما رافقها من أحداث ومشاكل، وإجراءات العد والفرز، وأهميتها في إعادة الثقة بالعملية الانتخابية وتشكيل حكومة وطنية لا شكوك حولها». ولفت البيان إلى أنه «تم الاتفاق على المضي بتصورات موحدة مع عدد من الكتل والكيانات السياسية، للتوصل إلى اتفاقات حول متطلبات المرحلة المقبلة وتشكيل حكومة قوية تضم الجميع قادرة على مواجهة الأزمات والمشاكل».

إلى ذلك تضاربت المواقف داخل الكتل السنية بين أن يكون ما تم الاتفاق عليه تحالفا سياسيا جديدا أم مجرد الاتفاق على فريق تفاوضي مع الشريكين الشيعي والكردي لا سيما بعد التقارب الأخير بين الشيعة والكرد بعد تبادل الوفود خلال الفترة الماضية مما يعيد المخاوف من إمكانية إحياء ما كان يسمى التحالف التاريخي بين الكرد والشيعة والذي انهار خلال حكومة المالكي الثانية (2010 - 2014) وما تبقى منه خلال حكومة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي لا سيما بعد أحداث 16-10- 2017 حين دخلت القوات العراقية محافظة كركوك وبسطت هيمنتها عليها وعلى كل المناطق المتنازع عليها تقريبا.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أكد أمين عام حزب الحل محمد الكربولي، وهو أحد مهندسي هذا التحالف، إن «ما تم الاتفاق عليه هو تحالف لكن من دون رئيس بل من خلال قيادة جماعية في المرحلة الراهنة». وأضاف أن «المشروع لا يزال في بداياته وهناك من يحاول التربص به من مختلف الأطراف لكنه في كل الأحوال ليس تكوينيا طائفيا بل هو محاولة لتجسيد رؤية موحدة بالنسبة للكتل السنية حتى نتمكن من خوض مفاوضات مع الشركاء من منطلق هذه الرؤية حتى لا تتكرر المآسي في مناطقنا ومحافظاتنا».

في السياق نفسه يرى القيادي البارز في تحالف «القرار» أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرأي الغالب في تحالفنا هو عدم الذهاب إلى أي تحالف إلا بعد الاستفادة من تجارب المرحلة الماضية وأن نقدم للشعب العراقي صورة يمكن أن يستبشروا فيها بأنهم أمام تغيير مرتقب في الهيئتين التشريعية والتنفيذية على السواء». ويضيف النجيفي «إننا إذا كنا واثقين بأن مجموعة الكتل التي تسمى (سنية) ستحمل قيادة الإصلاح في مجلس النواب فعليها أن تقدم صورة مشرفة وبناءة في إعادة ثقة الشعب بالمنظومة التشريعية كما نتباحث مع الكتل التي تمثل المناطق ذات الأغلبية الشيعية بتقديم صورة مماثلة لبناء منظومة مجلس الوزراء والأكراد في بناء منظومة رئاسة الجهورية».

في السياق نفسه، يرى القيادي السني كامل الدليمي والمرشح للانتخابات عن محافظة الأنبار أن «المباحثات بين الكتل السياسية تدّل بشكل واضح على أننا لم نستفد من تجربة الماضي القريب المريرة، بل نحن بصدد إعادة نفس السيناريو ولكن بطريقة مختلفة قوامها عناوين رنانة ولكن بمضمون لا يخلو من تقديم المصالح الشخصية والفئوية على مصلحة الوطن والمواطن». ويضيف الدليمي أن «الهدف من هذه المباحثات هو من أجل الحفاظ على المكتسبات أو الصراع من أجل الحصول على مكتسبات على حساب جروح مواطنين لم تندمل، ووطن مستقبله مهدد بالضياع».

بدوره، يرى الأكاديمي والسياسي العراقي الدكتور يحيى الكبيسي والمقرب من زعيم المشروع العربي، خميس الخنجر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «التفكك الذي حصل في البيوتات الطائفية كان بسبب التنافس الداخلي على الزعامة بشكل رئيسي داخل الطبقة السياسية السنية، فضلا عن الصراع المستحدث بين العبادي والمالكي»، مضيفا أن «هناك عوامل أخرى للصراع لا سيما الصراع التقليدي بين الفاعلين الأساسيين ضمن هذه البيوتات مثل الحزبين الكرديين الرئيسيين الذي أعادته مسألة ما بعد الاستفتاء إلى الواجهة وكذلك الصراع التقليدي بين بيت الصدر وبيت الحكيم، والصراع المستحدث بين الصدريين وحزب الدعوة». ويضيف الكبيسي أن «الجميع يعلم أنه من دون وحدة داخلية في هذه البيوتات في الموقف، تكتيكيا على الأقل، في لحظة توزيع استحقاقات ما بعد أي انتخابات، لن يتيح لها الحصول على استحقاقاتها التمثيلية أولا، وسيحد من قدرتها على تحقيق مطالبها الفئوية (القومية والمذهبية) ثانيا». وحول ما حصل في البيت السني من تقارب نتج عنه إعلان الاتفاق الأخير، يقول الكبيسي: «كانت هناك حوارات على مدى شهر ونصف الشهر، أي منذ اللحظة الأولى لإعلان نتائج الانتخابات، وقد انتهت هذه الحوارات إلى توقيع وثيقة تحالف، وتشكيل وفد تفاوضي يمثل التحالف مع القوى السياسة الأخرى».