تونس- أزهار الجربوعي
قاطع رئيس الجمهورية التونسي محمد المنصف المرزوقي أعمال اليوم الثاني والختامي للمؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب احتجاجا على العنف نفسه، وذلك على خلفية الاعتداءات التي استهدفت أحد الدعاة من قبل أنصار ائتلاف الجبهة الشعبية اليساري. وأكد المرزوقي أن تونس لا تحتمل أزمة جديدة ، داعيا إلى تجاوز الخلاف بشأن الدستور. وتغيّب رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة التونسية علي العريض عن المؤتمر، واقتصر الحضور على عدد قليل من أعضاء الحكومة والأطراف السياسية ومنظمة الأعراف التي احتضنت فعاليات اليوم الثاني . وتكفل وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو بإلقاء كلمة رئيس الحكومة علي العريض، فيما ألقى المستشار الأول لرئاسة الجمهورية خالد مبارك، خطاب الرئيس المنصف المرزوقي . وقال رئيس الديوان السياسي للرئاسة التونسية عدنان منصر، إن المنصف المرزوقي جهّز نفسه للحضور في المؤتمر لكنه تراجع عن ذلك بعد ما حدث البارحة من اعتداءات. وأشار منصر إلى أن الدعوة التي تسلمها رئيس الجمهورية لم تكن موقعة وكانت تحمل فقط شعارات الأطراف المنظمة للمؤتمر. وتعقيبا على احتجاج الأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطيين" الموحد زياد الأخضر على كلمة المستشار الأول للرئاسة خالد مبارك في المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب وانسحابه من القاعة أثناء الكلمة فضلا عن الانتقادات الموجهة للمرزوقي بسبب استقباله رموزاً دينية وسياسية من جميع المشارب، قال المتحدث باسم الرئاسة عدنان منصر إن " رئيس الجمهورية لن يأخذ الإذن من أحد لمقابلة أي شخص". وكان الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد زياد الأخضر، قد قاطع كلمة المستشار الأول لرئاسة الجمهورية خالد مبارك التي ألقاها نيابة عن المرزوقي في اختتام أشغال المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب. وأكد زياد الأخضر أن احتجاجه كان أساسه موقف مستشار رئيس الجمهورية الذي يساوي فيه بين اعتداءات رابطات حماية الثورة والحركة الاحتجاجية لشباب الوطد الصغير في وعيه السياسي والغاضب لاغتيال أمينه العام شكري بلعيد. وأضاف "لا يمكنه أن يساوي بين تجاوزاتهم وتجاوزات رابطات حماية الثورة الذين أوغلوا في الدّم ". وكان عدد من أنصار الجبهة الشعبية قد حاولوا الاعتداء على الداعية عادل العلمي الذي كان ينوي المشاركة في فعاليات المؤتمر الوطني ضد العنف والإرهاب، كما رفع البعض منهم شعارات مناوئة لحزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم تتهمه بالضلوع في اغتيال الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد، وهو ما دفع حركة النهضة إلى الانسحاب من المؤتمر صحبة 6 أحزاب أخرى من بينها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب الرئيس المنصف المرزوقي)، وقد أصدر المنسحبون بيانا وصفوا فيه المؤتمر بـ"الإقصائي والحزبي". وأعلن حزب الاتحاد الوطني الحر الذي يقوده رجل الأعمال سليم الرياحي، انسحابه من المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب، وتعليق حضوره في بقية فعاليات هذه التظاهرة. ودعا الاتحاد الوطني الحر الأطراف المنظمة والمشاركة في المؤتمر إلى الترفع عن كل أساليب التوظيف الحزبي الضيق، منتقدا الاعتداءات التي حصلت أمس الاثنين في افتتاح المؤتمر. وقال الناطق الرسمي للجبهة الشعبية وزعيم حزب العمال التونسي، حمة الهمامي إن انسحاب حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية من المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب، تنصلا من المسؤولية، منتقدا إهمال النهضة وحزب المؤتمر للمشاركة في النقاشات الجدية والحوارات واللقاءات الوطنية الهادفة. واعتبر مراقبون أن المشاركين والمنظمين للمؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب قد سقطوا في المحظور ومارسوا العنف الذي يدعون لمقاومته، في حين اعتبر آخرون أن الأخطاء الصادرة عن بعض قواعد وأنصار الجبهة الشعبية لا يمكن أن تمثل المواقف الرسمية لقياداتها التي اختطف شبح العنف والاغتيال أحد أهم رموزها المتمثل في زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد. ودعت الورقة الختامية لميثاق مناهضة العنف الذي وقعت عليه الأحزاب والجمعيات المشاركة في اختتام أعمال المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب، إلى احترام الآراء السياسية المختلفة، ومطالبات هيئات المجتمع المدني بتطبيق قانون الجمعيات وتجنب كل خطاب يحرض على العنف، فضلا عن احترام أخلاقيات المهنة الإعلامية و تبني المنظومة الكونية لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب. وتطرق الرئيس التونسي، الأربعاء إلى الخلافات والتجاذبات التي تشهدها البلاد، قائلا، إن تونس لا تتحمل أزمة جديدة ومشاحنات يمكن أن تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار، معربا عن أمله في تجاوز الخلافات بشأن الدستور. والتقى الرئيس محمد المنصف المرزوقي، الأربعاء، بالمقرر العام للدستور حبيب خذر بقصر قرطاج، ودارت النقاشات بين الجانبين بشأن مضمون مسودة الدستور وما أثارته بعض فصولها من تجاذبات واختلافات. وأكد المقرر العام للدستور عقب اللقاء، أنه اطلع على رؤية رئاسة الجمهورية لبعض الفصول الخلافية مبينا أن الرئاسة ستتقدم بجملة من الملاحظات والمقترحات للهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة بخصوص المشروع حتى يستفيد منها المجلس الوطني التأسيسي عند مرحلة المصادقة عن المسودة حسب قوله. وكان الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية والقيادي في حزب المؤتمر، عدنان منصر قد أعلن أن محمد المنصف المرزوقي لن يترشح للانتخابات المقبلة بالصلاحيات الموجودة في النسخة الثالثة من الدستور، كاشفا عن مخاوف رئاسة الجمهورية من أن يكون هذا الدستور مدخلا جديدا للاستبداد.