طرابلس ـ العرب اليوم
أقال رئيس الحكومة الانتقالية الليبية الدكتور علي زيدان وزير الدفاع محمد البرغثي، كما اتهم عناصر تتبع النظام السابق باستهداف ثورة السابع عشر من شباط/ فبراير، الأمر الذي سبب تأزم الموقف السياسي والعسكري الخميس في العاصمة الليبية طرابلس على نحو مفاجئ. وقال زيدان في كلمة بثها التلفزيون الرسمي إن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة اتفقا على اتخاذ جملة من القرارات أهمها القضاء على المظاهر المسلحة، معتبرا أن الدليل على تورط عناصر محسوبة على النظام السابق وموالية للعقيد الراحل معمر القذافي، هو ما حدث خلال اليومين الماضيين في العاصمة طرابلس من اشتباكات مسلحة. وشدد زيدان على ضرورة تشكيل جيش خال من الآيديولوجيات نقي من عناصر النظام السابق يقوده شباب الثورة، لافتا إلى أن الكثير من مقدرات الجيش صودرت وأصبحت ملكا لمدن وقبائل ومناطق، وكانت سابقا ملكا للجيش، وهذه المسألة ينبغي أن يوضع لها حد. كما أعلن عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص الأحداث الأخيرة في طرابلس، مؤكدا استمرار حكومته في تنفيذ القرار رقم 27 الصادر عن المؤتمر الوطني بشأن إخلاء طرابلس من جميع المظاهر المسلحة. وأضاف: «سنستمر حثيثا في القرار رقم 53 الصادر عن المؤتمر بشأن دمج الثوار في الجيش كأفراد». ووصف زيدان الاشتباكات بالأحداث المؤلمة والمؤسفة والمفجعة التي تركت بصمات وآثارا سيئة على نفوس الليبيين وخلفت وجيعة كبرى لن تندمل بسهولة. واعتبر أن هذه الأعمال الفظيعة والأعمال التي سبقتها تؤدي في مجملها إلى سفك الدماء وقتل المواطنين وترويعهم وإثارة التوتر وهي خسارة بكل تأكيد لليبيا. وأرجع تكرار هذه الأعمال بين الحين والآخر إلى انتشار السلاح في مختلف المناطق الأمر الذي ينبغي أن يوضع له حل عاجل، مشيرا إلى حضوره لمناقشة المؤتمر الوطني لهذه الأحداث. ولفت إلى أن أعضاء المؤتمر كانوا خلال المناقشة في غاية الغضب والألم والتوتر، وأن النقاش تركز على معالجة هذا الأمر من قبل المؤتمر والحكومة بإجراءات حاسمة وحازمة تصب جميعها في نزع مظاهر التسلح من الشارع ومن المدنيين، وأن يكون السلاح بيد القوات المسلحة النظامية وهي الجيش والشرطة وما في حكمها. وأوضح أنه من بين الأمور التي تم الاتفاق عليها وصدر بشأنها قرار من وزير الدفاع بأمر وتعليمات من المؤتمر إخلاء معسكر اليرموك من القوات الموجودة فيه ومغادرته في غضون خمسة أيام، مشيرا إلى أن الحكومة كانت قد قررت إنشاء أجهزة أخرى ذات صفة عسكرية تأتمر بأمر الحكومة. واعتبر زيدان أن الاعتصامات غير المبررة في حقول النفط وقفلها وقفل أنابيب المياه والغاز وقطع أبراج وأسلاك الكهرباء هي أمور إجرامية، مشيرا إلى أن حكومته ستقترح على البرلمان قانونا يجرّم هذه الأفعال وأن هذه الأعمال لا تسقط بالتقادم. ولم يعلن زيدان عن مبررات لإقالة وزير الدفاع محمد البرغثي الذي كان قد تراجع الشهر الماضي عن استقالة مفاجئة تقدم بها بعد اقتحام مسلحين لمقرات عدد من الوزارات في العاصمة طرابلس. كما كشف زيدان عن اتجاه لتعيين رئيس جديد لأركان الجيش العامة خلفا للرئيس المستقيل اللواء يوسف المنقوش، معتبرا أن الأمر يقتضي أن نعين رئيسا للأركان مجددا. وجاءت إقالة وزير الدفاع محمد البرغثي الذي رفض التعقيب لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي على قرار إقالته، تالية لإصدار وزارة الدفاع قرارا يقضي بإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة وغير الشرعية. ونص القرار في مادته الأولى على إخلاء مدينة طرابلس الكبرى وضواحيها من جميع التشكيلات المسلحة غير الشرعية، وإعادة تمركز جميع القوات التابعة لوزارة الدفاع ورئاسة الأركان العامة خارج حدود مدينة طرابلس الكبرى. لكنه استثنى القواعد الجوية والبحرية والدفاع الجوي، ومراكز التدريب والمؤسسات التعليمية من هذه التعليمات. كما نفت وزارة الدفاع قيام الجيش الليبي بقصف حي «أبوسليم» أو توجه أي من وحداته إلى الحي، وأوضحت في بيان ثان منفصل أن ما ورد في بعض القنوات الفضائية إشاعات وأكاذيب وأخبار عارية عن الصحة. وكانت اشتباكات مسلحة قد اندلعت أول من أمس في منطقتي أبوسليم وصلاح الدين بطرابلس، حيث استخدم المسلحون الذين لم تعرف بعد جهاتهم أو انتماءاتهم مختلف أنواع الأسلحة التي سمع صداها في أنحاء متفرقة من ضواحي مدينة طرابلس. وقالت وكالة الأنباء المحلية إن هذه المواجهات تسببت في إغلاق الشوارع في منطقة أبوسليم بما فيها الطريق الرئيسة المؤدية لمطار طرابلس الدولي، ونقلت عن شهود عيان أن حالة من الهلع والذعر سادت سكان المنطقة التي تعتبر من المناطق الشعبية المكتظة بالسكان، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد في أكثر من موقع بالمنطقة. وطبقا لما أعلنه نور الدين دغمان وزير الصحة فإن هذه الأحداث أسفرت عن مقتل 10 أشخاص وجرح 20 آخرين. وأعرب أعضاء المؤتمر الوطني عن سوق الجمعة بطرابلس عن استنكارهم للاعتداء المسلح الذي قامت به مجموعة مسلحة خارجة عن القانون قالوا إنها تابعة لمدينة الزنتان على مقر الجهاز. وأكد البيان أن حصول مثل هذه الأحداث الأليمة هو نتيجة تأخر وتلكؤ الحكومة في تطبيق قرار المؤتمر بإخلاء طرابلس من جميع الكتائب المسلحة الوافدة من خارجها، داعيا الأهالي ومجالس الحكماء والشورى من مختلف المدن للتعاون مع أبناء مدينة طرابلس وسحب أبنائهم الموجودين في كتائب مسلحة داخل العاصمة. وقالت وزارة الداخلية في بيان لها أمس إن الحكومة ملتزمة بتنفيذ قرار المؤتمر الوطني بإخلاء مدينة طرابلس من كافة التشكيلات العسكرية المسلحة دون استثناء، مشيرة إلى أن وقوع هذه الحادثة المشؤومة يدل دلالة قاطعة على حتمية وجوب التنفيذ الفوري لهذا القرار. وحثت كافة التشكيلات المسلحة على ضرورة الالتزام بهذا القرار والتعاون مع الجهات المختصة لتنفيذه، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية باشرت بمتابعة الموضوع، كما أن النائب العام باشر بإجراءاته بالتحقيق في هذه الواقعة. في المقابل، أعرب أعضاء المؤتمر عن المنطقة الجنوبية عن أسفهم لما وصفوه بالأحداث الأليمة التي شهدتها مدينة سبها عاصمة الجنوب الليبي على مدى اليومين الماضيين. وقال الأعضاء في بيان لهم أمس «إنهم يطالبون الحكومة وكافة الأجهزة الأمنية التابعة لها باتخاذ ما يلزم تجاه ما حدث».