تونس ـ كمال السليمي
رفضت أحزاب المعارضة التونسية مبدأ التحالف مع ممثلي أحزاب الائتلاف الحاكم في تشكيل المجالس البلدية المنتخبة، وهو ما أدى إلى "تمرد" في صفوف المعارضة على المستوى المحلي تصدرته قيادات سياسية محلية دعت إلى التحالف مع الائتلاف الحاكم لتجاوز مشكلات التنمية على مستوى البلديات.
وقال القيادي في "تحالف الجبهة الشعبية" اليساري المتزعم للمعارضة التونسية زهير حمدي، إن "الجبهة دعت كل القيادات المحلية إلى الالتزام بالموقف السياسي العام للتحالف خلال عملية توزيع المسؤوليات والتحالفات في المجالس البلدية"، وكشف عن توجه الجبهة نحو تشكيل تحالفات مع القوائم المستقلة والأحزاب الفائزة التي لا تنتمي إلى الائتلاف الحاكم.
ولفت حمدي إلى أن "العمل البلدي في جوهره عملية سياسية بالأساس، وموقف الجبهة من الائتلاف الحاكم سيكون ثابتا في المجالس البلدية باعتبار أن (حركتي) النداء والنهضة جزء من الأزمة التي تعيشها تونس ولا أمل في إمكانية التعاطي معهما".
يُذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت في 13 يونيو/ حزيران الحالي، عن النتائج النهائية للانتخابات البلدية التي أجريت الشهر الماضي، وأكدت حصول قوائم مستقلة على 2373 مقعدا و"حركة النهضة" على 2139 مقعدا، بينما حلت "نداء تونس" في المركز الثالث بـ1600 مقعد، ولم تحصل "الجبهة الشعبية" إلا على 261 مقعدا.
كانت قيادات محلية من "الجبهة الشعبية" في منطقة العروسة التابعة لمحافظة سليانة (وسط البلاد) خالفت موقف قياداتها المركزية بعدم التحالف مع الفائزين من حزبي "النهضة" و"النداء" في الانتخابات البلدية.
واتفقت هذه القيادات المحلية على تقاسم المسؤوليات مع الفائزين من "النهضة"، وهي المرة الأولى التي تلتقي فيها قيادات من الحركة ومن تحالف "الجبهة الشعبية" بشأن الموقف نفسه بعد سنوات من الخلاف الذي يصل حد العداء.
أكد "تحالف الجبهة الشعبية" أن ما حصل في منطقة العروسة "موقف تم بشكل انفرادي ومحلّي ومن دون التشاور مع الهيئات القيادية للجبهة في أي مستوى كان، وبالتالي فهو موقف لا يلزمها ولا يلزم الجبهة الشعبية"، وأضاف أنه اتخذ قرارا منذ 11 مايو/ أيار الماضي بعدم التحالف في تشكيل المجالس البلدية مع "النهضة" أو "النداء" لأنها تعتبرهما "مسؤولتين عن حالة الفشل الاجتماعي والاقتصادي الحاصلة في تونس".
ورفض زعيم التحالف حمة الهمامي دخول الحكومة بعد إعلان نتائج انتخابات 2014 لوجود "النهضة" بين مكوناتها، واتهم الحركة في أكثر من مناسبة بالمسؤولية السياسية عن اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي في 2013، وهما من قيادات "الجبهة الشعبية".
وقال المحلل السياسي جمال العرفاوي لـ"الشرق الأوسط" إن "واقع الحكم على المستوى المحلي مختلف تماما عن ظروف الحكم وتقاسم السلطة على المستوى المركزي، فالحكم المحلي يعتمد على تنفيذ مشاريع تنمية محدودة، وبالإمكان الاتفاق حولها بين مختلف الأطراف السياسية لأنها موجهة إلى المواطن العادي، وهذا مختلف عن المواقف السياسية المرتبطة بتقاسم السلطة والتمثيل الحزبي داخل الحكومة".
وأثار قرار تنصيب المجالس البلدية في جلسات مغلقة انتقادات حقوقية، واعتبر "مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية" أن تنظيم الولاة (المحافظين) اجتماعات مغلقة يعد "قرارا تعسفيا يتعارض مع معاني المشاركة والشفافية التي أسس لها دستور 2014"، ويوجه رسائل سلبية تحول دون المشاركة الفعالة والمكثفة في إدارة الشأن العام المحلي، بينما انتقدت منظمة "بوصلة" المستقلة "سرية جلسات تنصيب المجالس البلدية المنتخبة"، معتبرة أنها "إجراء غير قانوني فيه خرق واضح لما جاء به قانون الجماعات المحلية".